موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
عدد المشاهدات
()
العبادات التي يُتعبد بها في مكة المكرمة اسم> لا شك أنها قربات يُتقرب بها إلى الله تعالى؛ وذلك لأنه هو المعبود وحده، ولأن تلك الأماكن لها فضلها، ولها ميزتها، وتضاعف فيها العبادة، رأس> فيقصدها المؤمنون لمضاعفة أجر العبادة فيها، وهم يعرفون أن الله -تعالى- هو المعبود، بخلاف المشركين الأولين، فإنهم كانوا يعتقدون أن المعبود هو أصنامهم التي كانوا يعظمونها في تلك البقاع، فمحا الإسلام ذلك، وجعل التعظيم لله -تعالى- وحده.
وإن تعظيم تلك المشاعر تعظيمٌ للرب الذي شرع تلك المشاعر وتلك الحرمات؛ فقول الله -تعالى- رسم>
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا قرآن> رسم> (سورة الحج ، الآية :26) آية> بدأ بالنهي عن الشرك؛ وذلك حتى لا يتخذ ذلك الموقع معبدا لغير الله، تعبد فيه الأصنام، ثم قال الله -تعالى- رسم>
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ قرآن> رسم> (سورة الحج ، الآية :26) آية> .
أمر بأن يُطهَّر، وليس التطهير بغسله بالماء، ولكن تطهيره من الأقذار والأرجاس والأنجاس والشركيات والبدع والمحدثات؛ فيطهره من هذه الأشياء مكان مقدس، ولأنه موضع العبادة.
وأمر بأن يُطهر؛ لأن هناك من يقصده لأن يطوف به، والطواف عبادة، وهناك من يقصده لأجل الاعتكاف فيه، والاعتكاف عبادة، وهناك من يقصده للصلاة فيه -أي: الصلاة التي هي قيام وقعود، وركوع وسجود- وهي كلها عبادة، فأمر بأن يكون المكان نظيفا طاهرا من الأرجاس والأنجاس والشركيات والبدعيات ونحوها.
وقد جعل الله -سبحانه وتعالى- تلك البقاع بقاعا آمنة مقدسة، وأبقى فيها الآيات التي هي من آيات الله -تعالى- الكونية، قال -تعالى- رسم>
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قرآن> رسم> (سورة آل عمران ، الآية :96-97) آية> .
ومن هذه الآيات البينات التي لا تزال فيه: مقام إبراهيم اسم> -عليه السلام- الذي كان يقوم عليه؛ فإنه لما كان يبني البيت ظهرت آثار قدمه على الحجر مع طول مقامه ووقوفه عليه، فأصبح ذلك الحجر آية من آيات الله الباقية.
يقول أبو طالب اسم>
وموطئُ إبراهيم اسم> في الصخر رطبة | علــى قدميه حافيا غير ناعــل |
هذا المقام جُعل آية من آيات الله، وجُعِلَ في هذا المكان، وأمر المصلون بأن يصلوا خلف المقام، قال الله -تعالى- رسم>
وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى قرآن> رسم> (سورة البقرة ، الآية :125) آية> ؛ أي: صلُّوا عنده، وصلاتكم تكون لربكم وحده، وإنما يكون ذلك المقام، وذلك البيت اسم> قبلة لكم تتوجهون إليه.
وهذا البيت اسم> الذي أمر الله بتطهيره في قوله -تعالى- رسم>
أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ قرآن> رسم> (سورة البقرة، الآية:125) آية> له أهميته، وله مكانته، وله منزلته في النفوس؛ ولأجل ذلك فإن قلوب العباد تتجه إليه، وتتعلق به ، في شرق البلاد وغربها، وفي قريبها وبعيدها، حيث إنه قبلتهم التي يتوجهون إليها في صلاتهم، وفي أدعيتهم، قال الله تعالى : رسم>
قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ قرآن> رسم> (سورة البقرة، الآية: 144) آية> .
فالمسلمون في بقاع الأرض عندما يتوجهون في صلاتهم رأس> يستقبلون هذا البيت اسم> وهذا الاستقبال بلا شك يبعث هممهم، ويحرك بواعثهم وقلوبهم على الإكثار من زيارته والتردد إليه؛ حيث إنه البيت المعظم والبيت المحرَّم، وقد سمى الله هذا البيت محرما ومباركا، بل وسمى البلد التي وضع بها، قال -تعالى- رسم>
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ قرآن> رسم> (سورة إبراهيم، الآية: 37) آية> ، وقال -تعالى- رسم>
وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ قرآن> رسم> (سورة التين ، الآية: 3). آية> وقال -تعالى- رسم>
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ قرآن> رسم> (سورة آل عمران ، الآية:96) آية> .
وما دام أن هذه أهميته، وأن هذا قدره في النفوس؛ فإن من حق العباد أن يأتوا إليه ليقدسوا ويعظموا حرمات الله؛ لذلك قال الله -تعالى- رسم>
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ قرآن> رسم> (سورة الحج، الآية: 30) آية> ، وقال: رسم>
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب قرآن> رسم> (سورة الحج، الآية: 32) آية> . فالمشاعر التي حوله هي من شعائر الله، والمناسك التي عنده هي من حرمات الله، وتعظيمها تعظيم لله، وعبادة لله، وليس ذلك تقديسا لتلك البقعة بنفسها، وإنما هي لمعرفة أهميتها ومكانتها، وعظم العبادة فيها وشرفها.
مسألة>
-4-