بعد ذلك تكلم على صفة أخرى وهي صفة الكلام، وأطال فيها؛ وذلك لقوة الخلاف فيها، صفة الكلام لله تعالى صفة ذات، وهي من أجلّ الصفات، وهي التي أنكرها كثير من المبتدعة، وبالغوا في إنكارها، تخيلوا أن الكلام لا يكون إلا من الفم ومن اللسان واللهوات والشفتين؛ فقالوا: الله تعالى منزه عن مثل ذلك، فلا يمكن أنه متكلم، ولا أنه يتكلم. هكذا يقول هؤلاء المعطلة المعتزلة، وما علموا أنه –سبحانه- يتكلم كما يشاء. فلا يلزم من إثبات الكلام تشبيه. ولا يلزم من إثبات صفة الكلام شيء من المحظورات؛ بل إن صفة الكلام صفة كمال، وإن ضدها هو الخرس، الذي لا يتكلم أبكم أو أخرس؛ فإذا وصفوا الله -تعالى- بذلك فقد تنقصوه، وهم لا يشعرون، فيقعون في عيب ربهم -سبحانه وتعالى- نحن نقول: إنها صفة كمال نثبتها لله كما أثبتها لنفسه، والأدلة على ذلك كثيرة، والكلام عليه طويل، وقد توسع فيه العلماء، تجدون في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية المجلد الثاني عشر كله عن صفة الكلام أي: أن القرآن كلام الله، وأطال لمناقشة أولئك النفاة ونحوهم.
فمن الأدلة على إثبات كلام الله ما ذكره أنه:
كلـم موسـى عبــده تكليـمــا | ولم يــزل بخلقـــه عليمــــا |