موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
حديث إنما الأعمال بالنيات
حديث إنما الأعمال بالنيات
عدد المشاهدات
()
نقرأ –أيضا- حديثا أو حديثين من أحاديث الأربعين النووية.
فالحديث الأول: حديث عمر بن الخطاب اسم> - رضي الله عنه- وكذلك الحديث الثاني: هو –أيضا- حديث عن عمر اسم> - رضي الله عنه-.
فالحديث الأول يتعلق بالنية: رسم>
إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه متن_ح> رسم> .
هذا الحديث يحثنا على إصلاح النية؛ أن الإنسان يثاب على نيته التي عمل العمل لأجلها، وضرب مثلا بالهجرة، ونضرب مثلا بالحج؛ فنقول: إن الناس في هذه الأزمنة يختلفون في النية في الحج؛ فمنهم من يكون حجه طلبا للمغفرة.
يريد بذلك مغفرة الذنوب، وتكفير الخطايا، ورفع الدرجات، ويريد بذلك ثواب الله، ويريد بذلك الجنة، لا يريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة.
وهو يقول: يا رب إني تجشمت المشقة، وحججت، وأتيت إلى هذه المشاعر، وقطعت مسافات طويلة، وفارقت بلادي، وفارقت أهلي، وتركت أموالي وأولادي.
أريد أن تغفر لي، طلبي مغفرتك، وطلبي عافيتك ورزقك، وطلبي ثوابك وجنتك، لا أريد غير ذلك. رسم>
الأعمال بالنيات متن_ح> رسم> ؛ هذا يثيبه الله تعالى ويقبل حجه.
الثاني: الذي يحج وينفق الأموال، وقصده بذلك أن يمدحه الناس؛ فيقولون: فلان يحج كل سنة، أو كل سنتين.
وتراه يتمدح في المجالس؛ فيقول: أنا قد حججت عشرين حجة، أنا حججت ثلاثين، أنا حججت أربعين، أنا أحج في كل سنتين؛ حتى يمدحوه، ويشتهر أمره في المساجد، وفي المجالس، وفي الأسواق، وفي المجتمعات. فلان الذي قد حج كذا وكذا، ويذكر ذلك أيضا؛ يفتخر به.
إذا أحد انتقده؛ وقال له: إن عليك خللا، إنك قد وقعت في معصية، إنك جاهل؛ فيقول: كيف تدعوني جاهلا وأنا قد حججت عشر حجج؟ وأنا قد حججت خمس عشرة حجة؟!
هذا مراء يدخل في الرياء، والرياء يحبط الأعمال؛ رسم>
إنما الأعمال بالنيات متن_ح> رسم> نيته بتكرار الحج أن يمدحه الناس، ويثنون عليه.
رسم>
الأعمال بالنيات متن_ح> رسم> وفي الحديث القدسي أن الله يقول: رسم>
أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه متن_ح> رسم> .
هكذا أخبر الله في هذا الحديث القدسي، وفي حديث نبوي رسم>
من سمع سمع الله به، ومن راءى راءى الله به متن_ح> رسم> .
وهناك قسم ثالث؛ من الناس يحجون لأجل مصالح دنيوية، وذلك كالذين لا يكون قصدهم المغفرة ولا الرحمة ولا الجنة، وإنما يحجون لتجارات أو لشرف أو نحو ذلك؛ كالذي يحج ليؤجر سياراته -أو سيارته- فلسان حاله يقول: لولا هذه الأجرة ما حججت، لولا أني أؤجر سيارتي أو سياراتي، وأحصل على هذه الأجرة الكثيرة ما حججت؛ ما حج إلا لأجل الدنيا.
أو مثلا يأتي ببضائعه وينشرها؛ هو أيضا يقول: إني أجلب هذه البضائع، وأربح فيها أرباحا كثيرة، وهذه بضاعتي. كأنه يقول ما حججت لوجه الله، ما حججت إلا لأروج هذه البضائع وأنشرها وأربح فيها؛ فمثل هذا أيضا قد بطل عمله.
أما إذا كان هذا تابعا فلا حرج في ذلك. إذا كان هذا القصد تابعا لم يكن أساسيا.
ولذلك لما حج الصحابة خاف بعضهم أنه يتجر؛ قالوا: هل نتجر في حجنا؟ فأباح الله التجارة في الحج في قوله تعالى: رسم>
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ قرآن> رسم> يعني إذا كان هذا تابعا وليس أساسا.
الإنسان الذي يقول: أنا أحج، وحجي لوجه الله؛ أريد بذلك الثواب؛ ولكن أريد أن أربح شيئا من الربح في تجارتي، أو في أجرة سيارتي أو سياراتي؛ يكون هذا تابعا وليس قصدا؛ فهذا لا بأس به، وأجره تام، وما حصل له من الفضل، ومن الربح؛ -يعني- لا ينقص أجره ولا يخل بنيته هذه مقاصد الناس؛ رسم>
الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى متن_ح> رسم> ؛ فمن نوى بحجه وجه الله تعالى، وكمل حجه فإن أجره كامل.
وذلك إذا تعلم مناسك الحج، ثم طبقها وكملها، وكان في ذلك يريد ثواب الله؛ إذا كانت نيتك بهذا الحج؛ نيتك أن الله تعالى يرزقك في الدنيا، أو يربح تجارتك؛ كأن تقول: يا رب إني أحج، وأكثر التردد إلى البيت. قصدي بذلك أن تحفظني في نفسي، وأن تنصرني على أعدائي، نيتي أن ترزقني، وأن توسع علي رزقي.
نيتي أن تصلح أحوالي، وأن تصلح أولادي، وأن تصلح أهلي؛ هذه النية؛ هل تفسد العمل أو تنقصه؟
الواجب أنك تنوي بحجك الأجر الأخروي، أنك تنوي أن الأجر كله من الله تعالى في الدار الآخرة.
تقول: يا رب، أنا مذنب، وذنوبي كثيرة، وقد أتيت إلى هذه البلاد لأجل أداء هذه المناسك، وقد وعدت من أتى بها أن يغفر الله تعالى له، فأريد أن تغفر لي، وأن ترحمني، وأن تعظم أجري.
وأن تحفظني أيضا، تحفظني في نفسي، وتحفظني في أهلي، وتسدد خطواتي، وترزقني من حيث لا أحتسب. إذا كان كذلك؛ فإن هذه النية تابعة ليست أساسية.
هكذا يكون المؤمن؛ نيته صادقة، وقصده وجه الله تعالى.
وقد وعد الله الذين نيتهم صادقة بأن يثيبهم في الدنيا ويثيبهم في الآخرة.
مسألة>
-117-