موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
ذِكْرُ الله تعالى في أيام التشريق وأنواعه
ذِكْرُ الله تعالى في أيام التشريق وأنواعه
عدد المشاهدات
()
مناسك الحج أعظمها، وأفضلها، وهذه منة، ونعمة وفضيلة، وفق الله تعالى لها من أتى إلى هذه المشاعر، ووقف بها وعمل، الأعمال المشروعة فيها، فإنها بلا شك منة ونعمة عظيمة، وفق الله المسلمين، سبحانه وتعالى وفقهم لأن قطعوا المسافات التي قطعوها، حتى وصلوا إلى هذه المشاعر بيسر وسهولة وعدم كلفة ومشقة.
ثم وفقهم لأن عقدوا الإحرام، أحرموا وتجنبوا المحظورات التي يؤمر بأن يتجنبها المحرم تعبدا، وطواعية، وامتثالا لأمر الله تعالى، كذلك أيضا وفقهم لأن دخلوا مكة اسم> وهم في حالة الإحرام؛ فطافوا بالبيت اسم> طواف القدوم، أو طواف العمرة، وسعوا أو من سعى منهم.
كذلك أيضا وفقهم لأن جددوا الإحرام، إذا كانوا متمتعين، ثم وفقهم وأعانهم لأن وقفوا في هذا المكان الذي هو منى اسم> في اليوم الثامن، ثم وفقهم وأعانهم بأن توجهوا إلى عرفات اسم> وقفوا بعرفات اسم> خاضعين خاشعين متواضعين، ودعوا ربهم مبتهلين متضرعين، وأقاموا هناك ما أقاموا، ثم وفقهم لأن باتوا بمزدلفة اسم> ثم وفقهم لأن أتوا مرة ثانية لهذا المشعر.
لا شك أيها الإخوة أن هذه نعمة عظيمة ومنة كبيرة، يجب على المؤمن شكر الله تعالى حيث أعانه على هذه المناسك، وعلى هذه الأعمال؛ فيحمد ربه ويشكره ويثني عليه ويستغفره ويتوب إليه، ويحمده على ذلك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، ويعرف أن الله تعالى هو الذي وفقه، وسدد خطاه إلى أن أتم أكثر هذه المشاعر؛ فكان ذلك من فضل الله تعالى عليه.
بقي من الأعمال في هذه الأيام ذكر الله تعالى، قال الله تعالى: رسم>
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا قرآن> رسم> فقد قضيتم أكثر المناسك، حيث قضيتم الإحرام، وأنهيتموه أو أكثره، وقضيتم من المناسك الوقوف والمبيت بمنى اسم> والوقوف بعرفة اسم> والمبيت بمزدلفة اسم> والمجيء إلى منى اسم> ورمي الجمار، والحلق أو التقصير غالبا، فهذه أكثر المناسك، رسم>
فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا قرآن> رسم> .
كان في الجاهلية إذا انتهوا من أعمال الحج؛ يجتمعون في أسواق لهم في عكاظ اسم> ومجنة اسم> وذي المجاز اسم> فيذكرون آباءهم ويفتخرون بأسلافهم وبأفعالهم، وينشدون أشعارهم، ويذكرون مآثرهم، ويكثرون من ذكر الآباء والأجداد والقبائل والأسلاف؛ ليفتخروا بذلك، ولكن هذا الافتخار من أمر الجاهلية الذي أزاله الإسلام.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : رسم>
إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى متن_ح> رسم> وقال: رسم>
لينتهين أقوام عن فخرهم بآبائهم الذين ماتوا، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان متن_ح> رسم> ؛ يعني أنهم الذين قد ماتوا ماتوا وصاروا كما صاروا، ورد في الحديث أنهم: رسم> أصبحوا فحما من فحم جهنم رسم> إنما يفتخر الإنسان بدينه، الفخر الحقيقي بدينه، وبكل حال فإن الله تعالى نهى عن هذا الافتخار فقال: رسم>
فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا قرآن> رسم> أي: كما أنكم تذكرون أسلافكم؛ فاذكروا الله تعالى، أو أكثروا من ذكره.
الذكر في هذه الأيام له عدة أنواع، علينا أن نعرفه، فمن ذلك ذكر الله تعالى عند رمي الجمار، وذكره عند ذبح الهدي، وذكره عند الأكل والشرب مما أحله الله تعالى من بهيمة الأنعام، وكذلك ذكره بعد الصلوات، بعد الصلوات المكتوبة يندب أنهم يرفعون أصواتهم بالتكبير.
التكبير المقيد يبدأ في حق غير الحجاج من صبح يوم عرفة اسم> إذا صلوا الفجر يوم عرفة اسم> ؛ كبروا: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد، وأما في حق الحجاج؛ فيبدأ من صلاة الظهر يوم النحر؛ أي من هذا الوقت؛ وذلك لأن الحجاج قبل هذا الوقت كانوا مشغولين بالتلبية، يعني أنهم محرمون والمحرم إذا انصرف من صلاة مكتوبة؛ رفع صوته بالتلبية.
وحيث إنهم أو أكثرهم قد تحللوا؛ أي قد حلوا من إحرامهم، فلم يبق إلا التكبير؛ فيرفعون أصواتهم بالتكبير، زيادة على أن الله تعالى أمرهم بالذكر، زيادة على الأذكار المطلقة، أو الأذكار الواردة بعد كل صلوات، مثل قول: اللهم أنت السلام... إلى آخره، لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه... إلى آخره، أو اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، أو لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه؛ الأذكار الواردة يأتون بها، وكذلك التسبيح، والتحميد، والتكبير ثلاثا وثلاثين بعد كل صلاة، وكذلك أيضا قراءة آية الكرسي، وسورتي المعوذتين، وسورة الإخلاص، هذه من الأذكار التي يأتي بها المسلم بعد كل صلاة، إذا تيسر له ذلك؛ فيحافظ على هذا فإنه من جملة ذكر الله تعالى.
مسألة>
-91-