المكتبة النصية
العقيدة
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
القسم الأول الاستدلال على إثبات أسماء الله وصفاته من القرآن الكريم
[وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتابه حيث يقول: رسم>
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ قرآن>
رسم> [البقرة: 255]. آية> أي: لا يكرثه ولا يثقله؛ ولهذا كان من قرأ هذه الآية في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح] .
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قرآن>
رسم> ).
من قرأ آية الكرسي في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح متن_ح>
رسم>
وما ذاك إلا لاشتمالها على جملة من صفات الله في تنزيهه وتقديسه.
الْحَيُّ الْقَيُّومُ قرآن>
رسم> الحي يعني: المتصف بأكمل أنواع الحياة، فإن حياة الإنسان وحياة البهائم حياة ناقصة؛ لأنا مسبوقة بعدم، ويطرأ عليها الانتهاء والانقطاع، وكذلك فإن الإنسان في حياته يحتاج إلى النوم، ويعتريه الإغماء والغشية والغفوة، ويعتريه الموت، فهي حياة ناقصة من جميع الوجوه، بخلاف حياة الرب تعالى، فهي حياة كاملة دائمة، لم يسبقها عدم ولا يعتريها عجز ولا نقص، فهو الحي بكامل الحياة سبحانه، كذلك القيوم: وهو القائم بنفسه المقيم لغيره من خلقه، فهو القائم على عباده على كل نفس بما كسبت، وهو القائم برزقهم وتربيتهم؛ وهو المراقب لهم والمطلع على أحوالهم، الذي لا يخفى عليه خافية من أمرهم، فهذا في الإثبات.
لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ قرآن>
رسم> السنة: النعاس، والنوم: معروف.
إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام متن_ح>
رسم>
الحديث.
إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ قرآن>
رسم> [فاطر: 41]. آية> لو زالت واختل نظامها ما أمسكها أحد غيره.
وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ قرآن>
رسم> [الـحج:65]. آية> فهو الذي يمسك هذه المخلوقات بقوته وقدرته، فلا تعتريه غفلة ولا نوم.
وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ قرآن>
رسم> [المؤمنون: 17]. آية> فقوله: رسم>
لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ قرآن>
رسم> [البقرة: 255]. آية> هو من باب النفي.
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ قرآن>
رسم> [البقرة: 255]. آية> أي: له الخلق كلهم الذين هم في العالم العلوي -السماوات- والذين في العالم السفلي- الأراضين- ملكا وخلقا واستعبادا، وهو خلقهم وحده، فهم عبيده، يعني: معبدون له لا لغيره، فهو المالك لهم ملكا وخلقا واستعبادا، فهذا من باب الإثبات.
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ قرآن>
رسم> [البقرة: 255]. آية> أي: لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه.
وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى قرآن>
رسم> [الأنبياء: 28]. آية> وهذا من باب النفي.
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ قرآن>
رسم> [البقرة: 255]. آية> في هذا إثبات صفة العلم وهي من صفات الكمال؛ لأن الله تعالى موصوف بصفات الكمال، فهو سبحانه العليم، ومن علمه أنه يعلم خبر ما قبلنا وما بعدنا وما بين أيدينا، يعني: ما سيحدث قدامنا في الزمن الحاضر والمستقبل من أمور الدنيا وغيرها، ويعلم ما خلفنا، يعني: ما يكون من أمور الدنيا في المستقبل، فهو -سبحانه- يعلم ما كان قبل خلقنا إلى ما لا نهاية له، كذلك ما كان بعدنا إلى ما لا نهاية له فالله سبحانه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، فهو سبحانه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون. فهذا من باب الإثبات.
وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ قرآن>
رسم> [البقرة: 255]. آية> أي: أن جميع المخلوقين لا يعلمون من العلم إلا ما أعلمهم إياه، فلا يستطيعون أن يعلموا شيئا إلا إذا أعلمهم به وأطلعهم عليه سبحانه، ولا يستطيعون علم شيء زائد عما أعلمهم به سبحانه وتعالى.
عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا قرآن>
رسم> [الجن: 26، 27]. آية> فهذا من باب النفي.
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قرآن>
رسم> الكرسي: هو موضع قدمي الرب سبحانه كما يشاء، أو هو كالمرقاة بين يدي العرش، هكذا فسره السلف وهو مخلوق من مخلوقات الله تعالى العظيمة، وهو دون العرش، فأخبر الله تعالى أنه اتسع فشمل السماوات والأرض، فهذا يدل على عظمة هذا الكرسي فخالقه أعظم -سبحانه وتعالى- فرغم سعة السماوات والأرض، فالكرسي أكبر منها وأعظم، وقد ورد أن الكرسي رسم> كالحلقة الملقاة في فلاة بالنسبة إلى العرش رسم>
وإذا كانت هذه عظمة الكرسي فالعرش أعظم منه، والكرسي أعظم من السماوات والأرض بل ورد في الحديث قوله: رسم> ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس رسم>
.
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قرآن>
رسم> وهذا من باب الإثبات.
وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا قرآن>
رسم> فسر الشيخ يؤوده: بمعنى يكرثه ويثقله، أي: لا يشق عليه حفظ المخلوقات بأسرها، وعلى رأسها السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما، فهو سبحانه يحفظها وليس في حفظها مشقة عليه ولا إعياء ولا تعب، فلا يكلفه ذلك ولا يثقله ولا يشق عليه، بل هو سهل عليه، ويسير عليه سبحانه، وهذا من باب النفي.
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ قرآن>
رسم> ختم هذه الآية العظيمة، بإثبات صفتي العلو والعظمة، فإنه سبحانه عليٌّ على جميع خلقه، عظيم، بلغ في العظمة غايتها، فله العلو المطلق سبحانه وتعالى.
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى قرآن>
رسم> [طه: 5]. آية>
وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ قرآن>
رسم> [الأنعام: 18]. آية>
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قرآن>
رسم> [المائدة: 120]. آية> فهذا من باب الإثبات.
فهذا يدل على عظم هذه الآية وفضلها؟ بل هي أعظم آية في كتاب الله، كما ورد ذلك في حديث أبي بن كعب- رضي الله عنه- حينما سأله النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أعظم آية في كتاب الله، فقال أبي: رسم>
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ قرآن>
رسم> فوضع النبي -صلى الله عليه وسلم- يده على كتفه، وقال: رسم>
ليهنك العلم أبا المنذر متن_ح>
رسم> رواه مسلم اسم> حديث>
والله أعلم.