المكتبة النصية
العقيدة
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
الدين والإيمان قول وعمل
[فصل: ومن الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت رأس> فيؤمنون بفتنة القبر، وبعذاب القبر ونعيمه.
إن العبد إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزلت إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه، معهم أكفان من الجنة، وحنوط من الجنة، ويجلسون منه مد البصر، ويأتيه ملك الموت، فيقف عند رأسه ويقول: أيتها الروح الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي إلى روح وريحان، ورب غير غضبان، فتُسَل روحه من جسده كما تُسَل الشعرة من العجين، فإذا أخذها لم تدعها الملائكة في يده طرفه عين، حتى يجعلوها في ذلك الحنوط وتلك الأكفان، ثم يصعدون بها إلى السماء، كلما مروا بملأ من الملائكة قالوا: ما هذه الروح الطيبة؟ فيقولون: روح فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كان يُسَمى بها في الدنيا، فيخرج منها كأطيب ريح وجدت على وجه الأرض، فإذا وصلوا بها إلى السماء واستفتحوا . فذكر أنه تفتح لهـا أبواب السماء وأن الله تعالى يقول: ردوا روح عبدي إلى الأرض فإني منهـا خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى . ثم ذكر سؤال الملكين له في قبره: من ربك؟ وما دينك؟ وما تقول في الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم فيقولان له: صدقت، فيفرشان له من الجنة، ويوسع له في قبره مد البصر، ويفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من روحها وريحانها، فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة متن_ح>
رسم> فهو يتمنى أن تقام الساعة ليفوز بالمنازل المعدة له ويتمتع بذلك النعيم المقيم . هذه حال أهل السعادة عند الاحتضار.
وإن العبد الكافر أو الفاجر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزلت عليه ملائكة سود الوجوه، معهم أكفان من النار، وحنوط من النار، فيجلسون منه مد البصر، فيأتيه ملك الموت ويقول: اخرجي أيتها الروح الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، فتتفرق روحه في جسده، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك الأكفان وذلك الحنوط من النار، ويخرج منها كأنتن ريح وجدت على وجه الأرض.، فيصعدون بها إلى السماء، كلما مروا على ملائكة قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: روح فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، فإذا وصلوا إلى السماء لم تفتح لها، يقول الله تعالى: رسم>
لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ قرآن>
رسم> [الأعراف: 40] آية> فتطرح روحه طرحا قال الله تعالى: رسم>
وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ قرآن>
رسم> [الحج: 31] آية> فتعاد روحه في جسده، ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقال: لا دريت ولا تليت، فيضرب بمرزبة من حديد، وذكروا ثقلها وعظمها، فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الإنسان، ولو سمعها الإنسان لصعق، ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه، ويفتح له باب إلى النار، ويأتيه من حرها وسمومها ويقول: رب لا تقم الساعة متن_ح>
رسم>
فهذا هو أول منازل الآخرة.
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ قرآن>
رسم> [يس: 79] آية> فهو عالم بأجزاء الإنسان وبتراكيبه، وقد أخبر بأنه لا بد سيجمع العباد بعد تفرق أشلائهم وأجزائهم، وسيعيدهم ويحييهم مرة أخرى للجزاء على أعمالهم التي عملوها وقدموها في الدنيا، وأخبر بأن هذه الدنيا مزرعة للآخرة، وأن الناس يعملون ويزرعون ويكتسبون لآخرتهم، ويتقربون إلى الله، فمنهم من هو في كل يوم يتقرب بالحسنات، ومنهم من يتقرب بالسيئات وبالأعمال الخبيثة التي تبعده عن الله ويكتب له بها شقاوته، فإذا انتقلوا من هذه الحياة لقوا جزاءهم، إما جزاء حسنا جزاء ما عملوا من الحسنات، وإما عقوبات وعذابا جزاء ما عملوا من السيئات، رسم>
وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ قرآن>
رسم> [فصلت: 46] آية> فليس الله تعالى يظلمهم، إنما هذا في جزاء أعمالهم رسم>
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ قرآن>
رسم> [الزلزلة: 7، 8]. آية>
. ، أي به يعرف الميت حالته، إن كان من أهل الخير وإن كان من أهل الشر، إن كان من الذين يفتنون فيثبتون أو لا يثبتون، وقد قال العلماء: إن هذه الآية التي في سورة إبراهيم نزلت في عذاب القبر، وهي قوله تعالى: رسم>
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ قرآن>
رسم> [ إبراهيم 27]. آية>
وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ قرآن>
رسم> [النمل: 87] آية> والفزع هو الوجل والخوف، وذلك أنهم إذا سمعوا تلك النفخة؛ فزعوا وماج بعضهم في بعض خوفا وفزعا من تلك النفخة.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ قرآن>
رسم> [ الزمر: 68] آية> أي ماتوا .
ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ قرآن>
رسم> [الزمر: 68] يعني فإذا الخلق كلهم أولهم وآخرهم قد بعثوا وجمعوا رسم>
قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ قرآن>
رسم> [الواقعة: 49، 50] آية> فالمؤمن يصدق بذلك كله على تفصيله.