موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
مس المصحف
مس المصحف
عدد المشاهدات
()
قوله: [ومس المصحف ببشرته بلا حائل] فإن كان بحائل لم يحرم؛ لأن المس إذا للحائل. والأصل في ذلك قوله تعالى: رسم> لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قرآن> رسم> .
وفي حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم اسم> عن أبيه عن جده أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى أهل اليمن اسم> كتابا وفيه: رسم>
لا يمس القرآن إلا طاهر متن_ح> رسم> رواه الأثرم، والدارقطني حديث> متصلا واحتج به أحمد اسم> وهو لمالك اسم> في الموطأ مرسلا
.
الشرح: مس المصحف للمحدث رأس> مسألة خلافية أيضا، ولكن الدليل مع من أوجب الطهارة لمس المصحف، وذلك لأن المصحف له شرفه وفضله؛ لأن فيه كلام الله، فكان من احترامه ألا يمسه إلا من تطهر من الحدثين: الأصغر والأكبر؛ لأنه سيتقرب بتلاوته، ويرجع الثواب عليها.
وقد قال تعالى رسم>
لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قرآن> رسم> فهذه الآية دليل على أن المحدث لا يحل له مس المصحف؛ لأنه ليس بمتطهر وخالف في هذا الاستدلال كثير من العلماء وقالوا: ليس المراد بالآية المصحف، وإنما المراد الكتاب المكنون، وهو اللوح المحفوظ؛ لأنه أقرب مذكور في الآية، فالقرآن مضطر في اللوح المحفوظ، وذاك اللوح لا يمسسه إلا المطهرون وهم الملائكة.
وقالوا: هذا خبر وليس بأمر، أي أخبركم أنه لا يمسه إلا المطهرون.
قالوا: والدليل على هذا قوله تعالى في سورة عبس: رسم>
كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرَامٍ بَرَرَةٍ قرآن> رسم> وهم الملائكة الذين يحملون تلك الصحف، أو يقومون عليها، وهي الألواح التي كتب فيها كلام الله.
وقد استنبط ابن القيم اسم> في كتاب التبيان في أقسام القرآن
من الآية السابقة أنها دليل على أن القرآن لا يمسه إلا طاهر، وبين أنه إذا كان أصله لا يمسه إلا طاهر، فهكذا فرعه لا يمسه إلا طاهر، فإن الفرع له حكم الأصل.
هذا استنباط ابن القيم اسم>
ونقول أيضا: إن في الآية ما يدل على ذلك؛ لأن الله قال بعد ذلك رسم>
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> والتنزيل هو هذا القرآن المنزل، وقد ذكر تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون، فكأنه يقوله: إن الذي ينبغي أن يمسه هو المطهر، أي المطهر من الشرك، ومن الأحداث.
ومما يدل على هذا أيضا: ما جاء في قصة إسلام عمر اسم> -رضي الله عنه- وأنه أراد أن يأخذ الصحيفة التي مع أخته وزوجها وكان فيها شيء من القرآن، فمنعته أخته من ذلك، ولم تمكنه منه حتى يتطهر، فتطهر، فمكناه من ذلك لما رأيا فيه علامة الإسلام، والإقبال عليه
فهذا دليل على أنه قد اشتهر عندهم أن للقرآن حرمة حيث لا يمسه إلا الطاهر.
ومن الأدلة على هذا أيضا: حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم اسم> والذي فيه الكتاب الطويل الذي كتبه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أهل نجران اسم> حول أحكام الديات، والزكوات، ومما جاء فيه: رسم>
أن لا يمس القرآن إلا طاهر متن_ح> رسم> .
وهذا الكتاب قد احتفظ به آل أبي بكر بن محمد بن حزم اسم> فأصبح مرجعا لأهل المدينة، واشتهر عندهم بحيث تكفي شهرته عن إسناده، حيث تلقاه العلماء بالقبول، ونقله الإمام مالك اسم> في موطئه، فهذا دليل على ثقته بهذا الكتاب المشهور عند أهل مدينته.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- هذا الكتاب رسم>
أن لا يمس القرآن إلا طاهر متن_ح> رسم> أي من الحدثين الأصغر والأكبر، وإن كان يطلق أيضا على الطهارة من الرجس، ومن الكفر؛ لأن الكفر نجس، لقوله تعالى رسم>
إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ قرآن> رسم> .
لكن الطهارة في استعمال الشرع تنصرف إلى الطهارة من الحدث.
مسألة>
-144-