المكتبة النصية
العقيدة
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
يقول ابن القيم: اسم> إنها جاءت تَمَدُّحًا، فالله - تعالى - يمدح بها نفسه، ومعلوم أن الله إنما يمدح نفسه بالأمور الثبوتية، وهي الأمور التي فيها إثبات شيء يمدح به ، وأما العدم فإنه لا يمدح به، فالنفي المحض لا مدح فيه، فإذا قلنا مثلاً: إن العدم لا يُرى ، هل هذا مدح له ؟ ليس فيه مدح؛ لأن المعدوم ليس بشيء.
وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا قرآن>
رسم> ( طه:110 ) آية> .
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ قرآن>
رسم> ( الأنعام:102-103 ) آية> كل هذا تمدح، فكيف يتمدح بشيء لا فائدة فيه ، فنفي الرؤية ليس بمدح؛ لأنه ينطبق على المعدوم، فدل على أنها للتمدح، وأنها تدل على أن الأبصار تنظر إليه، ولكن تعجز عن الإحاطة به لعظمته ولكبريائه ولجلاله، فصارت الآية تدل على إثبات الرؤية لا على نفيها.
قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> أولًا: موسى اسم> - عليه السلام - نبي الله، كلمه الله ، وحمّله رسالته، واصطفاه، قال تعالى: رسم>
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي قرآن>
رسم> ( طه:41 ) آية> وقال تعالى: رسم>
إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي قرآن>
رسم> ( الأعراف:144 ) آية> فهل موسى اسم> عليه السلام - وهو نبي الله - يجهل ما يجب على الله، وما يجوز على الله ؟ هل يكون المعتزلة أعلم من موسى اسم> بربه ؟ حاشا وكلَّا ، لا يمكن لموسى اسم> أن يجهل وهم يعلمون ، إن موسى اسم> - صلى الله عليه وسلم - الذي هو من أولي العزم، ومن أشرف الأنبياء ومن أفضلهم لا يجهل هذا الحكم، فهل يأتي المعتزلة ونحوهم ويعلمون ما لا يعلمه موسى اسم> ؟ هذا من أمحل المحال.
رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> هذا في الدنيا، يعني: أراد أن يتمكن من النظر إلى ربه رجاء أن يزيد بذلك يقينه، أو أن يتنعم ويتلذذ بهذا النظر، قال الله له: رسم>
لَنْ تَرَانِي قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> وليس في هذا عتاب.
رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي قرآن>
رسم> ( هود:45 ) آية> قال الله سبحانه وتعالى: رسم>
إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قرآن>
رسم> ( هود:46 ) آية> أنكر على نوح اسم> لما سأل: ربي نج ابني الذي غرق في البحر، غرق في الطوفان، ربي إنك قد وعدتني أن تنجيني وأهلي، وإن ابني من أهلي ، والله تعالى يقول: رسم>
وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ قرآن>
رسم> ( المؤمنون:27 ) آية> .
رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> بل قال تعالى: رسم>
لَنْ تَرَانِي قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> يعني: لا تراني في هذه الدنيا؛ لأن بِنْيَة الإنسان في الدنيا ضعيفة لا تتمكن من التمثل أمام عظمة الله تعالى، فخلقنتا في هذه الدنيا لا يمكن أن تثبت لجلال الله تعالى.
وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> علق الله تعالى رؤيته على ثبوت الجبل، فيمكن أن يثبت الجبل مكانه، والله تعالى يقول؛ إذا ثبت الجبل فإنك ستراني، فإذا كان الثبوت ممكنًا فالرؤية ممكنة، والله تعالى يقدر أن يثبت الجبل لبروزه سبحانه ولتجليه، وقد علّق عليه رؤية موسى اسم> فدل على إمكانها ، كما أن إمكان الثبوت متحقق، فقوله تعالى: رسم>
فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> تجلى الله تعالى كما يشاء للجبل، فإذا تجلى للجبل، أفليس يمكن أن يتجلى لعباده يوم القيامة.
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ قرآن>
رسم> ( القيامة:22-23 ) آية> قالوا: إن الله لم يذكر العيون إنما ذكر الوجوه، وقال بعضهم: النظر ليس هو المعاينة، وإنما هو انتظار الثواب؛ ناظرة للثواب، وتمحل بعضهم، وحرف كلمة ( إلى ) وقال: الإلى واحد الآلاء، يعني: النعم، ( إلى ) أي: نعمة ربها ناظرة!! .