وهناك من انهمكوا في آلات اللهو فملؤوا البيوت من الأغاني رأس> أو آلات الغناء المحرمة التي يقصدون كما يزعمون بها التسلية والترفيه عن النفس، وكما يقولون تنشيط البدن والقلب، ولا شك أن هذا ليس بصحيح بل هو باطل، فإن الغناء سماعا أو رؤية أو مشاهدة سواء كان سماعا من مغن يتغنى به أو أن الإنسان نفسه يغني ويقرأ الشعر بترنم، أو يسمعه من أشرطة أو من أفلام أو ما أشبه ذلك لا شك أنه محرم ولهو، لكن الذي أوقعهم فيه هو الجهل ، وذلك لأنهم رأوا كثرة من يفعله وأعرضوا عن سماع النصائح ولم يشتغلوا بقراءة الكتب التي تحذره وتبين حكمه وادعوا أنه حلال، فأنت تسأل العشرات فيقولون حلال مباح لا بأس به، وكأنهم ما قرأوا شيئا مع كثرة ما ينشر فيه، ومع كثرة ما يطبع من المؤلفات والكتب المتقدمة والمتأخرة ، ولكن هؤلاء الذين وقعوا فيه يدعون أنهم معذورون وليسوا بمعذورين، وذلك لكثرة من كتب فيه من العلماء المتقدمين والمتأخرين، وبينوا الأدلة على تحريمه وعلى آثاره السيئة فبسببه - والعياذ بالله - حصل الفجور أو هو من أكبر أسباب الفجور الذي قد انتشر وهو الزنا - والعياذ بالله - فكل واحد يعرف أنه حرام، ولكن له دوافع وله مسببات وله مبررات هي : مشاهدة هذه الصور الخليعة، وسماع تلك الأغنيات الفاتنة التي تسمعها المرأة فتشتاق ، أو يسمعها الرجل فتثور شهوته، فيكون ذلك من الأسباب الدافعة لكثير منهم إلى فعل الفاحشة مهما استطاع ، نقول لا شك أن هذا كله بسبب الإعراض عن ما كتبه العلماء أو عن ما ذكروه وما أشبه ذلك. ومعلوم أن شريعة الله -تعالى- كاملة، وفيها بيان كل ما تمس إليه الحاجة وكل ما يحتاج إليه الناس ثم قد يسر الله علماء أجلاء خدموا هذه الشريعة، وأوضحوا الأحكام منها، وبينوا ما فيها من الحلال والحرام، وكتبوا ذلك ونشروه ودعوا إلى تعلمه وتفهمه، فلا عذر لأحد في أن يبقى معرضا أو في أن يبقى جاهلا.