يجب على الحاج قبل السفر والرحيل إلى تلك الديار المقدسة أن يأتي بأمور تكون مكملة لحجه وعمرته، وحتى تكون سببا في قبول العمل بإذن الله -تعالى- ومن ذلك:
1. الاستخارة والاستشارة: فلا خاب من استخار، ولا ندم من استشار، فيستخير الله في الوقت والراحلة والرفيق، وجهة الطريق إن كثرت الطرق، ثم يستشير أهل الخبرة والصلاح، وصفة الاستخارة: أن يصلي ركعتين، ثم يدعو بالدعاء الوارد، في كتب الأذكار والأدعية
2. إخلاص النية لله -تعالى- فيجب على الحاج أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار الآخرة؛ لتكون أعماله وأقواله ونفقاته مقربة إلى الله تعالى، قال -صلى الله عليه وسلم- إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى وعلى الحاج أن يحذر كل الحذر من أن يقصد بحجه الدنيا وحطامها، أو الرياء والسمعة والمفاخرة بذلك؛ لأن ذلك مما يحبط العمل والعياذ بالله، قال -تعالى- مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (سورة هود الآية:15-16).
3. تعلم أحكام الحج والعمرة وما يتعلق بهما: فيجب على الحاج معرفة الأحكام المتعلقة بهذا الركن العظيم، فيتعلم شروطه وواجباته وأركانه وسننه، حتى يعبد الله على بصيرة، وحتى لا يقع في الأخطاء التي قد تفسد عليه حجه، وقد كتب العلماء قديما وحديثا في هذا الموضوع فعلى الحاج أن يقرأها، ويسأل العلماء والمشايخ عما أشكل عليه في حجه أو عمرته.
4. توفير المؤونة لأهله، والوصية لهم بالتقوى:
فينبغي على كل من عزم على السفر لحج أو لعمرة، أو لغيره من الأمور، أن يوفر لأهله، ومن تجب عليه نفقتهم، ما يحتاجون إليه من المال والطعام والشراب وغير ذلك؛ حتى لا يتركهم عالة على الناس، فقد يحدث لأبنائه أو والديه أو زوجه مكروه، وليس عندهم المال؛ فيقعوا في الحرج، ويمدوا أيديهم للناس.
ثم أمر آخر وهو وصيتهم بالتقوى، والتقوى معناها: فعل ما به أمر، واجتناب ما نهى عنه وزجر.
والتقوى خير زاد للمسلم في حلِّه وترحاله: وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (سورة البقرة ، الآية :197)
5. التوبة من جميع الذنوب والمعاصي: قال -تعالى- وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (سورة النور ، الآية :31)
وحقيقة التوبة:
- الإقلاع عن جميع الذنوب والمعاصي وتركها.
- والندم على فعل ما مضى.
- والعزيمة على عدم العودة إليها.
- وإذا كان عنده مظالم للناس ردّها وتحللهم منها، سواء كانت عرضا أو مالا أو غير ذلك.
6. اختيار النفقة الحلال: التي تكونت من الكسب الطيب، حتى لا يكون في حجه شيءٌ من الإثم، فإن الذي يحج وكسبُه مشتبه فيه قد لا يُقبل حجُّه، وقد يكون مقبولا، ولكنه آثم من جهة، ففي الحديث المشهور الذي يقول فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة، ووضع رجله في الغرز، فنادى: لبيك اللهم لبيك؛ ناداه منادٍ من السماء: لبيك وسعديك، زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور غير مأزور، وإذا خرج بالنفقة الحرام الخبيثة، ووضع رجله في الغَرْز، فنادى: لبيك اللهم لبيك، ناداه منادٍ من السماء: لا لبيك ولا سعديك، حرام، وراحلتك حرام، وحجك مأزور غير مبرور .
وهكذا -كما ورد في هذا الحديث- يخاف الإنسان أن يكون حجه مأزورا، فيدعو الله أن يقبل حجّه، فيقول: اللهم اجعله حجا مبرورا، وذنبا مغفورا، وعملا صالحا مقبولا.
وإذا كان كذلك فإن عليه أن يأتي بالأسباب التي تجعل حجه مبرورا، وسعيه مشكورا، وذنبه مغفورا، وعمله صالحا مقبولا، ومن هذه الأسباب: الكسب الحلال، والنفقة الطيبة التي هي من الكسب الطيب، ولا يقبل الله إلا الكسب الطيب.
وقد ذهب بعضهم إلى أنه لا يُقْبلُ حجُّ من تزود بمال حرام، حتى قال بعضهم:
إذا حججت بمال أصله سُحُت | فما حججت ولكن حجت العيـر |
لا يقبل الله إلا كل صالحــة | ما كل من حج بيت الله مبـرور |