وقال الطيبي: اسم> الإله فعال بمعنى مفعول، كالكتاب بمعنى المكتوب، من أله إلهة؛ أي عبد عبادة، وهذا كثير جدا في كلام العلماء، وهو إجماع منهم أن الإله هو المعبود؛ خلافا لما يعتقده عباد القبور وأشباههم في معنى الإله رأس> أنه الخالق، أو القادر على الاختراع، أو نحو هذه العبارات، ويظنون أنهم إذا قالوها بهذا المعنى فقد أتوا من التوحيد بالغاية القصوى، ولو فعلوا ما فعلوا من عبادة غير الله، كدعاء الأموات، والاستغاثة بهم في الكربات، وسؤالهم قضاء الحاجات، والنذر لهم في الملمات، وسؤالهم الشفاعة عند رب الأرض والسماوات، إلى غير ذلك من أنواع العبادات، وما شعروا أن إخوانهم من كفار العرب يشاركونهم في هذا الإقرار، ويعرفون أن الله هو الخالق القادر على الاختراع، ويعبدونه بأنواع من العبادات، فليهن أبا جهل اسم> وأبا لهب اسم> ومن تبعهما الإسلام بحكم عباد القبور، وليهن أيضا إخوانهم عباد ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا؛ إذ جعل هؤلاء دينهم هو الإسلام المبرور، ولو كان معناها ما زعمه هؤلاء الجهال، لم يكن بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبينهم نزاع، بل كانوا يبادرون إلى إجابته، ويلبون دعوته، إذ يقول لهم قولوا: لا إله إلا الله؛ بمعنى أنه لا قادر على الاختراع إلا الله، فكانوا يقولون: سمعنا وأطعنا. قال الله -تعالى- رسم> وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قرآن> رسم> رسم> وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ قرآن> رسم> رسم> قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ قرآن> رسم> الآية، إلى غير ذلك من الآيات، لكن القوم أهل اللسان العربي فعلموا أنها تهدم عليهم دعاء الأموات والأصنام من الأساس، وتكب بناء سؤال الشفاعة من غير الله، وصرف الإلهية لغيره، لأم الرأس، فقالوا: رسم> مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى قرآن> رسم> رسم> هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قرآن> رسم> رسم> أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ قرآن> رسم> ؛ فتبا لمن كان أبو جهل اسم> ورأس الكفر من قريش وغيرهم أعلم منه بلا إله إلا الله. قال -تعالى- رسم> إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ قرآن> رسم> فعرفوا أنها تقتضي ترك عبادة ما سوى الله، وإفراد الله بالعبادة، وهكذا يقول عباد القبور -إذا طلبت منهم إخلاص الدعوة والعبادة لله وحده- أنترك سادتنا وشفعاءنا في قضاء حوائجنا؟ فيقال لهم: نعم، وهذا الترك والإخلاص هو الحق، كما قال -تعالى- رسم> بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ قرآن> رسم> .