بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قال رحمه الله تعالى: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا عبيد بن آدم العسقلاني قال: حدثنا أبي عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي رحمه الله تعالى قال: إن الله تبارك وتعالى على العرش حتى أن له أطيطا كأطيط الرحل.
قال: حدثنا إبراهيم قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك عن الصعق بن حزن عن علي بن الحكم عن عثمان بن عمير عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله ما المقام المحمود؟ قال: ذلك يوم ينزل الله عز وجل على عرشه فيئط به كما يئط الرحل الجديد من تضايقه .
قال: حدثنا أبو يحيى حدثنا قال سلمة قال: حدثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: حدثنا عنبسة بن سعيد عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ثم اتخذ لنفسه جنة ثم اتخذ دونها أخرى ثم أطبقها بلؤلؤة واحدة قال: ومن دونهما جنتان قال: وهذا الذي لا يعلم الخلائق ما فيهما وهي التي قال الله عز وجل: فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ يأتيهم منها كل يوم بجنة.
قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة قال: حدثنا أبو بكر الحنفي قال: حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن العرش حين كان على الماء على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح.
قال: حدثنا محمد بن العباس بن أيوب قال: حدثنا عبد الله بن عمرو بن يزيد قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا بشر بن نمير عن القاسم عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله عز وجل الخلق وقضى القضية وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء، وأهل الجنة أهلها وأهل النار أهلها فقالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ففيم العمل؟ قال: يعمل كل قوم لمنازلهم .
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم عن عبد الصمد عن وهب رحمه الله تعالى قال: حملة العرش الذين يحملون لكل ملك منهم أربعة وجوه وأربعة أجنحة جناحان على وجهه من أن ينظر إلى العرش فيصعق، وجناحان يطير بهما، أقدامهم في الثرى والعرش على أكتافهم لكل واحد منهم وجه ثور ووجه أسد ووجه إنسان ووجه نسر. ليس لهم كلام إلا أن يقولوا: قدوس الله القوي ملأت عظمته السماوات والأرض.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهبًا رحمه الله تعالى يقول: إن العرش كان قبل أن يخلق الله السماوات والأرض على الماء فلما أراد أن يخلق السماوات والأرض قبض صفاة الماء قبضة، ثم فتح القبضة فارتفعت دخانا، ثم قضاهن سبع سماوات في يومين ثم أخذ طينة من الماء فوضعها مكان البيت ثم دحى الأرض منها فخلق الأقوات في يومين والسماوات في يومين، وخلق الله الأرض في يومين ثم فرغ عن الخلق يوم السابع.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهبا رحمه الله تعالى يقول: إن حزقيل كان فيما سبى بختنصر مع دانيال من بيت المقدس فزعم حزقيل أنه كان نائما على شاطئ الفرات فأتاه ملك وهو نائم فأخذ برأسه فاحتمله حتى وضعه في خزانة بيت المقدس قال: فرفعت رأسي إلى السماء فإذا السماوات منفرجات دون العرش فبدا لي العرش ومن حوله فنظرت إليهم من تلك الفرجة فإذا العرش؛ إذ نظرت إليه مطلا على السماوات والأرضين وإذا نظرت إلى السماوات والأرضين رأيتهن متعلقات ببطن العرش، وإذا الحملة أربعة من الملائكة لكل ملك منهم أربعة وجوه وجه إنسان ووجه نسر ووجه أسد ووجه ثور.
فلما أعجبني ذلك منهم نظرت إلى أقدامهم، فإذا هي في الأرض على عجل تدور بها قال: وإذا ملك قائم بين يدي العرش له ستة أجنحة لها لون كلون وريح لم يزل ذلك مقامه منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة فإذا هو جبريل عليه السلام قال: وإذا ملك أسفل من ذلك أعظم شيء رأيته من الخلق فإذا هو ميكائيل وهو خليفة على ملائكة السماء وإذا ملائكة يطوفون بالعرش منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة يقولون قدوس، قدوس الله القوي ملأت عظمته السماوات والأرض.
وإذا ملائكة أسفل من ذلك ولكل ملك منهم ستة أجنحة جناحان يستر وجهه عنه وجناحان يغطي بهما جسده وجناحان يطير بهما وإذا هم ملائكة مقربون، وإذا ملائكة أسفل من ذلك منهم الساجد، ومنهم القائم لم يزالوا كذلك منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن تقوم الساعة، وإذا ملائكة أسفل من ذلك سجود منذ خلق الله عز وجل الخلق إلى أن ينفخ في الصور.
فإذا نفخ في الصور رفعوا رءوسهم، فإذا نظروا إلى العرش قالوا: سبحانك ما كنا نقدرك حق قدرك ثم رأيت العرش تدلى من تلك الفرجة فكان قدرها، ثم أفضى إلى ما بين السماء والأرض فكان يلي ما بينهما، ثم دخل من باب الرحمة فكان قدره ثم أفضى إلى المسجد فكان قدره، ثم وقع على الصخرة فكان قدرها، ثم قال: يا ابن آدم قال: فصعقت وسمعت صوتا لم أسمع مثله قط قال: فذهبت أقدر ذلك الصوت فإذا قدره كعسكر اجتمعوا فأنحبوا بصوت واحد، أو كفئة اجتمعت فتدافعت فلقي بعضها بعضا أو هو أعظم من ذلك.
قال حزقيل: فلما أصعقت قال: أنعشوه فإنه ضعيف خلق من ضعف، ثم قال: اذهب إلى قومك فأنت طليعة كطليعة الجيش من دعوته منهم فأجابك واهتدى بهديك فلك مثل أجره، ومن غفلت عنه حتى يموت ضالا فعليك مثل وزره ولا يخفف ذلك من أوزارهم شيئا، ثم عرج بالعرش فاحتملت حتى رددت إلى شاطئ الفرات فبينما أنا نائم على شاطئ الفرات إذ أتاني ملك فأخذ برأسي فاحتملني حتى أدخلني جيب بيت المقدس فإذا أنا بحوض ماء لا يجوز قدمي، ثم أفضيت منه إلى الجنة فإذا شجرها على شطوط أنهارها، وإذا هو شجر لا يتناثر ورقه ولا يفنى ثمره، وإذا فيه الطلع والينع والقطيف قلت: فما لباسها؟ قال: ثياب كثياب الحور تنفلق على أي لون شاء صاحبه قلت: ما أزواجها قال: عرض علي فذهبت لأقيس حسن وجوههن، فإذا هن لو جمع الشمس والقمر كان وجه إحداهن أضوأ منها، وإذا لحم إحداهن لا يواري عظمها وإذا عظمها لا يواري مخها، وإذا هي إذا نام عنها صاحبها استيقظت وهي بكر قال: فعجبت من ذلك.
قال حزقيل فقيل لي أتعجب من هذا؟ قلت: ما لي لا أعجب قال: فإنه من أكل من هذه الثمار التي رأيت خلد وإن الأزواج من هذه الأزواج قد انقطع عنهم الهم والحزن قال: ثم أخذ برأسي فردني حيث كنت. قال حزقيل فبينما أنا على شاطئ الفرات أتاني ملك فأخذ برأسي واحتملني حتى وضعني بقاع من الأرض. قد كانت فيه معركة وإذا فيه عشرة آلاف قتيل قد بددت الطير والسباع لحومهم وفرقت بين أوصالهم فقال لي: إن قوما يزعمون أن من مات منهم أو قتل فقد انفلت مني وذهبت عنه قدرتي فادعهم.
قال حزقيل: فدعوتهم، فإذا كل عظم قد أقبل إلى مفصله الذي منه انقطع ما الرجل بصاحبه أعرف من العظم بمفصله الذي فارق حتى أم بعضها بعضا قال: ثم نبت عليها اللحم ثم نبتت العروق، ثم انبسطت الجلود وأنا أنظر إلى ذلك، ثم قال: ادع أرواحهم قال حزقيل: فدعوتها فإذا كل روح قد أقبل إلى جسده الذي فارق فلما جلسوا سألتهم فيم كنتم؟ قالوا: إنا لما متنا وفارقتنا الحياة لقينا ملكا يقال له: ميكائيل فقال: هلموا أعمالكم وخذوا أجوركم كذلك سنتنا فيكم وفيمن كان قبلكم وممن هو كائن بعدكم. قال: فنظرنا فنظر في أعمالنا فوجدنا نعبد الأوثان فسلط الدود على أجسادنا، وجعلت أرواحنا تتألم وسلط الغم على أرواحنا وجعلت أجسادنا تألم فلم نزل نعذب كذلك حتى دعوتنا. قال: ثم احتملني فردني حيث كنت.
قال: حدثنا الوليد بن أبان قال: حدثنا الحسن بن ليث قال: حدثنا علي بن صالح قال: حدثنا إبراهيم بن خالد قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن سمع وهب بن منبه رحمه الله تعالى يقول إن الله عز وجل فتح السماوات لحزقيل حتى نظر إلى العرش أو كما قال: فقال: سبحانك ما أعظمك.
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن شريح قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثني عبد الصمد قال: سمعت وهبا رحمه الله تعالى يقول: أصاب ناسا من بني إسرائيل بلاء وشدة من الزمان فشكوا ما أصابهم، وقالوا: يا ليتنا قد متنا واسترحنا مما نحن فيه فأوحى الله عز وجل إلى حزقيل أن قومك صاحوا من البلاء، وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا واستراحوا، وأيّ راحة لهم في الموت؟ أيظنون أني لا أقدر على بعثهم بعد الموت؟ فانطلِق إلى جبانة كذا وكذا فإن فيها أربعة آلاف قال وهب رحمه الله تعالى: وهم الذين قال الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فقم فناد فيهم وكانت عظامهم قد تفرقت فرقتها الطير والسباع فنادى حزقيل فقال: أيتها العظام؛ إن الله عز وجل يأمرك أن تكتسي العصب والعقب فتلازمت واشتدت بالعصب والعقب، ثم نادى ثانية حزقيل فقال: أيتها العظام؛ إن الله يأمرك أن تكتسي اللحم فاكتست اللحم وبعد اللحم جلدا فكانت أجسادا، ثم نادى الثالثة فقال: يا أيتها الأرواح؛ إن الله يأمرك أن تعودي إلى أجسادك فقاموا بإذن الله فكبروا تكبيرة رجل واحد.
قال: حدثنا الوليد بن أبان قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني خالد بن زيد عن سعيد بن أبي هلال أن زيد بن أسلم حدثه عن عطاء بن يسار أنه قال: أتى كعبا يعني رجل وهو في نفر فقال: يا أبا إسحاق حدثني عن الجبار تبارك وتعالى فأعظم القوم فقال كعب دعوا الرجل فإنه إن كان جاهلا لتعلم، وإن كان عالما ازداد علما ثم قال كعب أخبرك أن الله تعالى خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن، ثم جعل تبارك وتعالى ما بين كل سماءين كما بين السماء الدنيا والأرض وجعل كثفها مثل ذلك، ثم رفع العرش فاستوى عليه فما من السماوات سماء إلا لها أطيط كأطيط الرحل العلافي أول ما يرتحل من ثقل الجبار تبارك وتعالى فوقهن قال أبو صالح: العلافي: الجديد يريد.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا الحسن بن ليث قال: حدثنا أبو بكر بن أبي النضر قال: حدثنا أبو أسامة حدثني شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ قال: ممن فوقهن يعني: الرب تبارك وتعالى.
قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا العباس الدوري قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا إسرائيل عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ قال: من الثقل.
قال: حدثنا محمد بن السهل قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا إبراهيم بن الحكم قال: حدثنا أبي قال: كنت جالسا مع عكرمة عند منزل يزداد وكان عكرمة نازلا مع يزداد نحو الساحل فذكروا الذين يغرقون في البحر فقال عكرمة: الحمد لله أن الذين يغرقون في البحر تقتسم لحومهم الحيتان، فلا يبقى معهم شيء إلا العظام تموج فتلقيها الأمواج حتى تلقيها على البر فتمكث العظام حينا حتى تصير خائلا نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها، ثم تسير الإبل فتبعر، ثم تجيء بعدهم قوم فينزلون منزلا فيأخذون ذلك البعر فيوقدون، ثم تخمد تلك النار فتجيء ريح فتلقي ذلك الرماد على الأرض فإذا جاءت النفخة قال الله عز وجل: فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ فيخرج أولئك وأهل القبور سواء.
قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن فارس قال: أخبرنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق قال: أوحى الله عز وجل على لسان أشعيا أن بني إسرائيل يقولون: لو كان الله تبارك وتعالى يقدر على أن يجمع ألفتنا لجمعها، ولو كان الله يقدر على أن يفقه قلوبنا لأفقهها فاعمد إلى عودين يابسين، ثم ائت نادهم في أجمع ما يكونون فقل للعودين: إن الله تبارك وتعالى يأمركما أن تكونا عودا واحدا فلما قال لهما ذلك اختلطا فصارا واحدا فقال الله تبارك وتعالى فقل لهم: إني قدرت على أن أفقه العودين اليابسين وعلى أن أؤلف بينهما. فكيف لا أقدر على أن أجمع ألفهتم؟