بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال -رحمه الله تعالى-
صفة النيل ومنتهاه.
قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو الحسن عباد بن سرحان بن مسلم المعافري الشاطبي قال: أخبرنا الشيخ الرئيس الزكي الحضرة أبو الرجاء إسماعيل بن أحمد بن محمد بن أحمد الحداد قراءة عليه ونحن نسمع قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن فاذويه إجازة إن لم يكن سماعا قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال: حدثنا أحمد بن هارون بن روح أبو بكر قال: حدثنا علي بن الوليد بن محمد بن الجراح ابن أخي وكيع ثقة، حدثنا يونس بن بكير قال: حدثني محمد بن إسحاق قال: حدثني سعيد بن يزيد أحسب أنه أبو شجاع المصري عن عبد الله بن مغيث مولى الزبير عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول: إن النيل يخرج من الجنة ولو التمستم فيه حين يمج لوجدتم فيه من ورقها .
قال: حدثنا أبو الطيب أحمد بن روح قال: حدثنا علي بن داود القنطري شيخ القنطري شيخ بها ذكره ابن بطال في الثقات وقال الخطيب كان ثقة ابن داود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد رحمه الله تعالى قال: زعموا والله أعلم أنه كان رجل من بني العيص يقال له حائد بن أبي سالوم بن العيص بن أبي إسحاق بن إبراهيم وأنه خرج هاربا من ملك من ملوكهم حتى دخل أرض مصر فأقام بها سنين فلما رأى أعاجيب نيلها وما يأتي به جعل لله عليه أن لا يفارق ساحله حتى يبلغ منتهاه ومن حيث يخرج أو يموت قبل ذلك، فسار عليه فقال بعضهم ثلاثين سنة في الناس وثلاثين سنة في غير الناس، وقال بعضهم: خمسة عشر كذا وخمسة عشر كذا حتى انتهى إلى بحر أخضر فنظر إلى النيل ينشق مقبلا فصعد على البحر فإذا برجل قائم يصلي تحت شجرة تفاح فلما رآه استأنس به وسلم عليه.
فسأله الرجل صاحب الشجرة فقال له: من أنت؟ قال: أنا حائد بن أبي سالوم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم فمن أنت؟ قال: أنا عمران بن فلان بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم فما الذي جاء بك هاهنا يا حائد ؟ قال: جئت من أجل هذا النيل، فما جاء بك يا عمران ؟ قال: جاء بي الذي جاء بك حتى انتهيت إلى هذا الموضع فأوحى الله -عز وجل- إلي أن قف في هذا الموضع حتى يأتيني أمره فقال له حائد أخبرني يا عمران ما انتهى إليك من أمر هذا النيل وهل بلغك أن أحدا من ابن آدم يبلغه؟ قال له عمران نعم، قد بلغني أن رجلا من ولد العيص يبلغه ولا أظنه غيرك يا حائد فقال له حائد يا عمران أخبرني كيف الطريق إليه؟ قال له عمران لست أخبرك بشيء إلا أن تجعل لي ما أسألك قال: وما ذاك يا عمران قال: إذا رجعت إلي وأنا حي أقمت عندي حتى يوحى إلي بأمره أو يتوفاني فتدفنني، وإن وجدتني ميتا دفنتني وذهبت قال له: ذلك لك علي.
فقال له: سر كما أنت على هذا البحر فإنك ستأتي دابة ترى آخرها ولا ترى أولها فلا يهولنك أمرها اركبها فإنها دابة معادية للشمس، إذا طلعت أهوت إليها لتلتقمها حتى تحول بينها وبين حجبتها فإذا غربت أهوت إليها لتلتقمها تذهب بك إلى جانب البحر فسر عليها زحفا حتى تنتهي إلى النيل فسر عليها فإنك ستبلغ أرضا من حديد، حياتها وأشجارها وسهولها حديد، فإذا أنت جزتها وقعت في أرض من نحاس جبالها وأشجارها وسهولها من نحاس، فإن أنت جزتها وقعت في أرض من فضة جبالها وأشجارها وسهولها من فضة، فإن أنت جزتها وقعت في أرض من ذهب جبالها وأشجارها وسهولها من ذهب فيها ينتهي إليك علم النيل.
قال: فسار حتى انتهى إلى الأرض الذهب فسار فيها حتى انتهى إلى سور من ذهب وشرفة من ذهب وقبة من ذهب له أربعة أبواب، ونظر إلى ما ينحدر من فوق ذلك السور حتى يستقر في القبة ثم يتفرق في الأبواب الأربعة فأما ثلاثة فتفيض في الأرض، وأما واحد فينشق على وجه الأرض وهو النيل فشرب منه واستراح وانهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك فقال له يا حائد قف مكانك فقد انتهى إليك علم هذا النيل وهذه الجنة وإنما ينزل من الجنة فقال: أريد أن أنظر ما في الجنة فقال: إنك لن تستطيع دخولها اليوم يا حائد قال: فأي شيء هذا الذي أرى قال: هذا الفلك الذي يدور فيه الشمس والقمر وهو شبه الرحى قال: إني أريد أن أركبه فأدور فيه قال بعض العلماء: إنه قد ركبه في دار الدنيا وقال بعضهم: لم يركب فقال له: يا حائد إنه سيأتيك من الجنة رزق فلا تؤثرن عليه شيئا من الدنيا، فإنه لا ينبغي لشيء من الجنة يؤثر عليه شيء من الدنيا إن لم يؤثر عليه شيء من الدنيا بقي ما بقيت قال: فبينا هو كذلك واقفا إذ نزل عليه عنقود من عنب فيه ثلاثة أصناف لون كالزبرجد الأخضر ولون كالياقوت الأحمر ولون كاللؤلؤ الأبيض.
ثم قال: يا حائد أما إن هذا من حصرم الجنة وليس من طيب عنبها فارجع يا حائد فقد انتهى إليك علم النيل فقال: هذه الثلاثة التي تغيض في الأرض ما هي قال: أحدها الفرات والآخر الدجلة والآخر جيحان فارجع فرجع حتى انتهى إلى الدابة فركبها فلما هوت الشمس لتغرب قذفت به من جانب البحر فأقبل حتى انتهى إلى عمران فوجده حين مات فدفنه وأقام على قبره ثلاثا، فأقبل شيخ متشبه بالناس أغر من السجود فبكى على عمران ثم أقبل على حائد فسلم عليه ثم قال: يا حائد ما انتهى إليك من علم هذا النيل فأخبره فلما أخبره قال له الرجل: هكذا نجده في الكتب ثم أطرى ذلك التفاح في عينه فقال: ألا تأكل منه قال: معي رزقي قد أعطيته من الجنة، ونهيت أن أوثر عليه شيئا من الدنيا فقال: صدقت يا حائد ولا ينبغي لشيء من الجنة يؤثر عليه شيء من الدنيا، وهل رأيت في الدنيا مثل هذا التفاح إنما أنبت في أرض ليست في الدنيا وإنما هذه الشجرة أخرجها الله -عز وجل- لعمران من الجنة يأكل منها وما تركها إلا لك، ولو قد وليت عنها لقد رفعت فلم يزل يطريها في عينه حتى أخذ منها تفاحة فعضها فلما عضها عض على يده فقال: تعرفه هذا الذي أخرج أباك من الجنة، أما إنك لو سلمت بهذا الذي كان معك لأكل منه أهل الدنيا قبل أن ينفد فهو مجهودك أن يبلغك فكان مجهوده أن بلغه فأقبل حائد حتى دخل أرض مصر فهو مجهودك أن يبلغك فكان مجهوده أن بلغه فأخبرهم بهذا فمات حائد بأرض مصر رحمه الله تعالى.
قال: حدثنا أبو الطيب قال: حدثنا علي بن داود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عمن حدثه قال: لما فتحت مصر أتي عمرو بن العاص رضي الله عنه تعالى عنه حين دخل يوم من أشهر العجم فقالوا: يا أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة لا يجري إلا بها فقال: لهم وما ذاك قال: إذا كان إحدى عشرة ليلة تخلو من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضينا أبويها وجعلنا عليها من الثياب أفضل ما يكون ثم ألقيناها في هذا النيل فقال له: عمرو رضي الله عنه: إن هذا لا يكون أبدا في الإسلام وإن الإسلام يهدم ما كان قبله. فأقاموا يومهم والنيل لا يجري قليلا ولا كثيرا حتى هموا بالجلاء.
فلما رأى ذلك عمرو رضي الله عنه كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بذلك فكتب: أن قد أصبت بالذي فعلت وإن الإسلام يهدم ما كان قبله، وبعث بطاقة في داخل كتابه وكتب إلى عمرو رضي الله عنهما: إني قد بعثت إليك بطاقة في داخل كتابي إليك فألقها في النيل فلما قدم كتاب عمر رضي الله عنه إلى عمرو بن العاص رضي الله عنه أخذ البطاقة ففتحها فإذا فيها من عبد الله عمر رضي الله عنه أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر أما بعد، فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله -عز وجل- يجريك فأسال الله الواحد القهار أن يجريك قال: فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم وقد تهيأ أهل مصر للجلاء منها لأنه لا تقوم مصلحتهم فيها إلا بالنيل فلما ألقى البطاقة أصبحوا يوم الصليب وقد أجراه الله -عز وجل- ستة عشر ذراعا في ليلة واحدة وقطع الله -عز وجل- تلك السنة السوء عن أهل مصر إلى اليوم.
وقال رحمه الله تعالى: صفة من آخر الخلق وسعة الأرض.
قال: حدثنا أبو العباس الهروي قال: حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبيري ويحيى بن حكيم قالا: حدثنا أبو عباد عبيد بن واقد قال: حدثني محمد بن عيسى بن كيسان الهذلي قال: حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر عن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يقول: خلق الله -عز وجل- ألف أمة منها ستمائة في البحر وأربعمائة في البر .
قال: حدثنا الهروي قال: حدثنا عبيد الله قال: حدثنا نوح بن قيس الحداني قال: سمعت عون بن أبي شداد يقول: إن لله تعالى أرضا بيضاء نورها بياضها خلف مسقط الشمس فيها قوم ما يشعرون أن الله -عز وجل- عصي في أرض.
قال: حدثنا الهروي قال: أخبرنا العباس بن الوليد قال: أخبرني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عبدة بن أبي لبابة أنه حدثه: أن الدنيا سبعة أقاليم فيأجوج ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد.
قال: حدثنا الهروي قال: أخبرني العباس بن الوليد قال: أخبرني أبي قال: حدثني الأوزاعي قال: حدثنا حسان قال: يأجوج ومأجوج أمتان أمتان في كل أمة أربعمائة ألف لا تشبه أمة أمة ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده.
قال: حدثنا الهروي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكيم قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الكعبي قال: حدثنا أبي عن حرملة بن عمران التجيبي عن أبي قبيل عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه فالرأس مكة والمدينة واليمن والصدر مصر والشام والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها: واق وخلف واق أمة يقال لها: وقواق وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله -عز وجل- والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمة يقال لها: ناسك وخلف ناسك أمة يقال لها: منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله -عز وجل- والذنب من دار الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب.
قال: حدثنا أبو يحيى الرازي قال: حدثنا سهل بن عثمان عن المحاربي عن أبي إسحاق عن جبلة عن مغيث بن امرأة تبيع قال: الأرض ثلاثة أنواع ثلث فيها الشجر والنسيم، وثلث البحور، وثلث قاع صفصف ليس فيها نبت ولا نسيم، والخلق ثلاثة السمك ثلث والنمل ثلث وسائر الخلق ثلث.
قال: حدثنا المصاحفي قال: حدثنا ابن البراء قال: حدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب عن كعب رحمه الله تعالى قال: إن الله -عز وجل- خلق الخلق ثم جزأه على عشرة أجزاء فجعل بني آدم جزءا والجن تسعة أجزاء وبني آدم ويأجوج ومأجوج والجن جزءا والكروبيون تسعة أجزاء، وملائكة الشدة جزءا وملائكة العذاب وملائكة الغضب جزءا وملائكة الرحمة تسعة أجزاء، وبنو آدم ويأجوج ومأجوج والجن والكروبيون وملائكة الشدة وملائكة العذاب وملائكة الغضب وملائكة الرحمة جزءا، وخزان الجنة تسعة أجزاء وبنو آدم والجن والكروبيون وملائكة الشدة وملائكة العذاب وملائكة الغضب وملائكة الرحمة وخزان الجنة جزءا، والروح تسعة أجزاء ثم قرأ عليهم كعب وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ وقرأ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا وقال: وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ أي حجة على الخلق كلهم.
قال نوف يا أبا إسحاق يقول الله -عز وجل- وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وقد حدثتنا بعدة جنوده فضحك كعب وقال: ما هذا الذي ذكرت في جنوده هيهات فأين قوله: وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ وقد خلق خلقا لا يعلمهم إلا هو فوق هذا الخلق الأعلى، وخلق خلقا لا يعلمه إلا هو تحت هذا الخلق الأسفل، وخلق خلقا لا يعلمهم إلا هو في الهواء بين السماء وما لا نعلم أكثر وأكثر وذكر وهب رحمه الله تعالى: أن الله -عز وجل- يجمع يوم القيامة ولد آدم إنسهم وجنهم ويأجوج ومأجوج والجن والشياطين فيكونون بنو آدم وأهل السماء الدنيا كلهم جزءا واحدا، ويكون أهل سماء الدنيا تسعة أجزاء، ثم يضم أهل السماء الدنيا إلى أهل السماء الثانية وإلى أهل الأرض وإنسها وجنها وشياطينها ويأجوجها ومأجوجها، ثم يقيسهم بأهل الثانية بجميع ما فيها وأهل الأرض بجميعهم وجزءا واحدا، ويكون أهل سماء الثالثة تسعة أجزاء, ثم على هذا الحساب حتى ينتهي ذلك إلى السماء السابعة فتبارك الذي أحصى عددهم وأسماءهم وأرزاقهم وأعمارهم وقوتهم وحياتهم ومنقلبهم ومثواهم.
قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا هشام بن خالد الأزرق قال: حدثنا الوليد عن الفرات بن الوليد عن مغيث عن تبيع في قول الله -عز وجل- رَبُّ الْعَالَمِينَ قال: العالمين ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر.
قال: حدثنا أبو علي المصاحفي قال: حدثنا ابن البراء قال: حدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب -رحمه الله تعالى- إن لله تبارك وتعالى ثمانية عشر ألف عالم الدنيا، منها عالم واحد وإن الله -عز وجل- خلق في الأرض ألف أمة سوى الإنس والجن والشياطين ويأجوج ومأجوج أربعمائة في البر وستمائة في البحر.
قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال: حدثنا عباس بن الوليد أخبرني أبي عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: عراة الحبشة أكثر من هذه الأمة، والله أعلم.