موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
السنة النبوية
السنة النبوية
عدد المشاهدات
()
النوع الثاني :السنة النبوية وقد اشتهر عن النبي صلى الله عليه وسلم قبول خبر الواحد والعمل به رأس> في مواضع كثيرة، سيأتي لها أمثلة إن شاء الله تعالى.
وقد حكى الله عن بعض الأنبياء السابقين ما يدل على قبولهم لخبر الواحد.
فإن موسى اسم> عليه السلام قبل خبر الرجل الذي جاء رسم>
مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قرآن> رسم> وكذا قبل خبر نصف رجل، حيث صدق بنت صاحب مدين اسم> التي قالت له: رسم>
إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا قرآن> رسم> وقبل خبر أبيها في دعواه أنهما إبنتاه، فتزوج إحداهما بناء على خبره.
وقبل يوسف اسم> عليه السلام خبر الرسول الذي جاءه من عند الملك وقال له: رسم>
ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ قرآن> رسم> وثبت في صحيح مسلم اسم> أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: رسم>
ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعي متن_ح> رسم> وقد أورد الإمام البخاري اسم> في صحيحه في هذا الباب أكثر من عشرين حديثا
وتوسع كثير من العلماء في سرد الأدلة من السنة.
ونحن نورد هنا ما تيسر منها مع الإشارة أحيانا إلى دلالتها باختصار:
1- فمنها: حديث مالك بن الحويرث اسم> حين وفد مع بعض قومه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه قال: رسم>
إذا حضرت الصلاة فيؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم متن_ح> رسم> متفق عليه حديث>
.
2- وعن ابن مسعود اسم> رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم>
لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن بليل، ليرجع قائمكم ويوقظ نائمكم متن_ح> رسم> رواه البخاري اسم> وغيره حديث>
.
3- وعن ابن عمر اسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم>
إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم متن_ح> رسم> متفق عليه حديث>
.
ودلالة هذه الأحاديث في الأمر بتصديق المؤذن وهو واحد، والعمل بخبره في فعل الصلاة، والعلم بدخول وقت الصلاة، وأول وقت الإفطار والإمساك، مع أن هذه من العبادات التي تختل بتغير وقتها.
ولم يزل المسلمون في كل زمان ومكان يقلدون المؤذنين، ويعملون بأذانهم في أوقات مثل هذه العبادات، وإن هذه لأوضح دليل على وجوب العمل بخبر الواحد
وقد كثرت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا في الدلالة على تكليف الآحاد أو غيرهم : .
4- فروى الشافعي اسم> عن ابن مسعود اسم> عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم>
نضر الله عبدا سمع مقالتي، فحفظها ووعاها وأداها، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه متن_ح> رسم>
.
وقد رواه أحمد اسم> والدارمي اسم> وأهل السنن إلا النسائي اسم> عن زيد بن ثابت اسم> بنحوه
وورد معنى ذلك مرفوعا عن أنس اسم> وأبي سعيد اسم> وجبير بن مطعم اسم> والنعمان بن بشير اسم> وغيرهم، روى ذلك الإمام أحمد اسم> والترمذي اسم> والحاكم اسم> وغيرهم
.
ووجه دلالته أنه أمر كل عبد يسمع مقالته أن يبلغها، مع إمكان كونه غير فقيه، والعبد حقيقة للشخص الواحد، ولا يأمره إلا وخبره مما تقوم الحجة به.
5- وعن عبيد الله بن أبي رافع اسم> عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم>
لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته، يأتيه الأمر من أمري يقول: لا أدري؟ ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه، ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه متن_ح> رسم> رواه الشافعي اسم> وأحمد اسم> وأبو داود اسم> والترمذي اسم> والحاكم اسم> وغيرهم حديث>
. فانظر كيف ذكره على وجه الذم، لرده أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لم يجده في القرآن، فمن رد خبر الواحد الثقة صدق عليه الذم الوارد في هذا الحديث.
6- ومثل ذلك: قوله صلى الله عليه وسلم رسم>
من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار متن_ح> رسم> وهو حديث مشهور، رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبو هريرة اسم> وابن مسعود اسم> وعبد الله بن عمرو بن العاص اسم> بنحوه، أخرجه بعض أهل السنن والمسانيد، وذكر ابن عبد البر بعض طرقه في أول كتابه ( جامع بيان العلم )
وترتب الوعيد على كتم العلم دليل على أن بيانه مما يجب قبوله والعمل به ولو من واحد، فإنه لو لم يقبل منه لم يكن في إظهاره فائدة، فلم يستحق هذا العقاب.
ولقد اشتهر بعث النبي صلى الله عليه وسلم الآحاد من صحابته، واعتماده على أخبارهم فيما يترتب على تحققها.
7- فمن ذلك : ما في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة اسم> وزيد بن خالد اسم> في قصة العسيف . وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: رسم>
واغد يا أنيس - لرجل من أسلم إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها متن_ح> رسم> فاعترفت فرجمها
.
فقد اعتمد صلى الله عليه وسلم خبره في اعترافها، مع ما فيه من إقامة حد، وقتل نفس مسلمة.
8- ومنها: ما رواه الإمام أحمد اسم> والشافعي اسم> ومالك اسم> وغيرهم، عن رسم>
رجل من الأنصار أنه قبل - امرأته وهو صائم، فأرسل امرأته تسأل فدخلت على أم سلمة ، فأخبرتها أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله، فما زاده إلا شرا ، وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحل الله لرسوله ما شاء، فرجعت المرأة إلى أم سلمة فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها فقال: ( ما بال هذه المرأة ) فأخبرته أم سلمة، فقال: ( ألا أخبرتيها أني أفعل ذلك ؟ ) فقالت أم سلمة : قد أخبرتها فذهبت إلى زوجها فأخبرته، فزاده ذلك شرا ، وقال: لسنا مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحل الله لرسوله ما شاء، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : والله إني لأتقاكم لله ولأعلمكم بحدوده متن_ح> رسم>
.
ففيه أن خبر أم سلمة اسم> مما يجب قبوله، وكذلك خبر امرأته وهي واحدة.
9- ومنها : ما رواه البخاري اسم> وغيره عن جابر اسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب: رسم>
من يأتيني بخبر القوم ؟ فقال الزبير: أنا. مرتين. فقال صلى الله عليه وسلم: إن لكل نبي حواري، وحواريي الزبير متن_ح> رسم>
فانظر كيف اكتفى بخبر الزبير اسم> عن الأحزاب، وهو واحد.
10- ومنها: قصة الوليد بن عقبة بن أبي معيط اسم> لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق ليقبض زكاتهم، فرجع وقال: إنهم منعوا الزكاة فغضب النبي صلى الله عليه وسلم. وهم بغزوهم، رواه الإمام أحمد بن أبي حاتم اسم> والطبراني اسم> بإسناد حسن عن الحارث بن أبي ضرار اسم> والد جويرية أم المؤمنين اسم> وهو ممن جرت عليه القصة
.
وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غضب بعد خبر الوليد اسم> وبعث البعث إلى الحارث اسم> حتى إذا استقل البعث، وانفصل عن المدينة اسم> لقيهم الحارث اسم> قادما إلى المدينة اسم> .
ورواه ابن جرير اسم> عن أم سلمة اسم> وفيه: فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون.
ورواه ابن جرير اسم> أيضا عن عطية العوفي اسم> عن ابن عباس اسم> وقال فيه: فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك غضبا شديدا ، فبينا هو يحدث نفسه أن يغزوهم إذ أتاه الوفد.
وقد روى هذه القصة مرسلة ابن أبي ليلى اسم> ويزيد بن رومان اسم> والضحاك اسم> ومقاتل اسم> وغيرهم
.
ولو لم يكن العمل بخبر الواحد جائزا لما هم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، ولأنكره الله عليه، كما أنكر عليه عدم التثبت في خبر الفاسق.
وأما رواية بعث خالد بن الوليد اسم> للتثبت من أمرهم، فإنما رويت مرسلة
عن قتادة اسم> ومجاهد اسم> ولعل ذلك في قصة أخرى بعد نزول الآية امتثالا للأمر بالتثبت.
ولقد تواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يبعث الآحاد إلى الجهات القريبة والبعيدة، ويحملهم أمور الدعوة والتبليغ، ويعتمد الناس أخبار أولئك الإفراد، من غير أن يكون تفردهم مسببا لوجود الشك في خبر أحدهم.
11- فمن ذلك: ما رواه الشافعي اسم> في الرسالة بإسناد صحيح عن عمرو بن سليم الزرقي اسم> عن أمه قالت: رسم>
بينما نحن بمنى إذا علي بن أبي طالب على جمل يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذه أيام طعام وشراب فلا يصومن أحد متن_ح> رسم> فاتبع الناس وهو على جملة يصرخ فيهم بذلك
.
هو - صلى الله عليه وسلم - لا يبعث الواحد إلا وقد عرف لزوم قبول خبره فيما بلغه عنه، وإلا يكون بعثه عبثا .
12- ومثله : حديث يزيد بن شيبان اسم> قال: رسم>
كنا في موقف لنا بعرفة، بعيدا عن موقف الإمام، فأتانا ابن مربع الأنصاري فقال: أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليكم يأمركم أن تقفوا على مشاعركم، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم متن_ح> رسم> رواه أهل السنن الأربعة وغيرهم حديث>
.
13- وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال لأهل نجران اسم> رسم>
لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين متن_ح> رسم> فبعث أبا عبيدة اسم>
وهو دليل على وجوب قبول ما بلغهم عنه.
14- وروى البخاري اسم> وغيره عن سلمة بن الأكوع اسم> رسم>
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أسلم: أذن في قومك يوم عاشوراء أنه من أكل فليتم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم متن_ح> رسم>
وبعث صلى الله عليه وسلم أبا بكر اسم> سنة تسع على الحج، فأقام للناس مناسكهم نيابة عنه صلى الله عليه وسلم، وبعث عليا اسم> تلك السنة فنبذ إلى قوم عهودهم، وبلغ عنه أول سورة براءة، وبعث قيس بن عاصم اسم> والزبرقان بن بدر اسم> ومالك بن نويرة اسم> إلى عشائرهم، لتعليمهم الأحكام، وقبض الزكاة، وبعث معاذا اسم> وأبا موسى اسم> وعمارا اسم> وغيرهم إلى جهات متفرقة باليمن اسم> ونحو ذلك كثير، واشتهر أيضا بعثه الأمراء في السرايا والبعوث، وأمره بطاعتهم في ما يخبرون عنه.
ومن أشهر ذلك كتبه التي يبعثها إلى الملوك في زمانه، التي يتولى كتابتها واحد، ويحملها شخص واحد غالبا ، كما بعث دحية الكلبي اسم> بكتابه إلى هرقل اسم> عظيم الروم ، وعبد الله بن حذافة اسم> إلى كسرى اسم> .
وذكر الشافعي اسم> أنه بعث في دهر واحد اثني عشر رسولا ، إلى اثني عشر ملكا يدعوهم إلى الإسلام، وهكذا كتبه التي يبعثها إلى ولاته وعماله بأوامره وتعليماته، يكتبها واحد، ويحملها واحد، ولم يتوقف أحد منهم في قبولها، واستمر على هذا عمل المسلمين بعده إلى اليوم، من غير نكير فكان إجماعا
.
مسألة>
-48-