موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
الشيخ عبد الرزاق عفيفي عطية
الشيخ عبد الرزاق عفيفي عطية
عدد المشاهدات
()
السؤال: س74
حبذا لو تكرمتم بالحديث عن شيخكم عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله - أخلاقه، علمه، طلبه للعلم...
الجواب:- الشيخ عبد الرزاق عفيفي عطية اسم> مصري الجنسية أصلا ، ومن علماء الأزهر قديما ، أدرك الشيخ محمد عبده اسم> والشيخ محمد رشيد رضا اسم> ونحوهما، وكانت دراسته في العلوم الشرعية كالحديث، واللغة والتفسير، والأحكام، حتى تفوق على زملائه وبعض مشايخه، وكان من زملائه الشيخ عبد الله بن يابس اسم> الذي أصله من بلاد القويعية اسم> وقد كان بينهما من المحبة والصحبة وقوة الأخوة ما لا يوجد مثله إلا نادرا ، وكان زواجهما متقاربا في مصر اسم> من زوجتين صالحتين كالأختين، وقد استضاف الشيخ عبد الله اسم> عند مجيئه من مصر اسم> لأول مرة، واستزاره الشيخ عبد الله اسم> إلى بلاده، ونال هناك حفاوة وإكراما من قبيلة الشيخ عبد الله اسم> ولم يزالوا يودون الشيخ عبد الرزاق اسم> ويتصلون به حتى توفي رحمه الله. وأما زملاؤه المصريون فكثير.
قدم إلى المملكة اسم> قبل عام 1370هـ ودرس في الطائف اسم> في دار التوحيد، وقدم بعد ذلك إلى الرياض اسم> واستقر بها، وحصل على الجنسية السعودية حين بدءوا في تسجيل المواطنين، وأصبح هو وأولاده من جملة المواطنين، ولا أذكر أنه رجع إلى مصر اسم> بعد مجيئه منها.
أما علمه فهو بحر لا ساحل له في أغلب العلوم التي يتناولها بالبحث والشرح، فلقد عرفته لأول مرة عام 1374هـ وكان يزور بعض المشايخ كالشيخ عبد العزيز بن محمد الشثري اسم> ونقرأ عليه في المجلس حديثا من أول صحيح البخاري اسم> فيشرحه شرحا موسعا ، بحيث يستغرق شرح الحديث الواحد أكثر الجلسة، وعرفته في أحد الأعوام يفسر سورة سبأ في مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم اسم> رحمه الله، فكان يبقى في تفسير الآيتين نحو ساعة أو أكثر، ويستنبط من الآيات فوائد وأحكاما ، وأقوالا وترجيحات يظهر منها عظمة القرآن، وما فيه من الاحتمالات والفوائد، مما يدل على توسع الشيخ وسعة اطلاعه، وكثرة معلوماته.
أما أخلاقه فقد عرف منه لين الجانب، وطلاقة الوجه، وحسن الملاطفة، فهو أمام الزوار والتلاميذ والزملاء دائما يظهر الفرح والسرور والانبساط في الكلام، والإجابة على الأسئلة بدون غضب أو ملل أو تبرم أو رد شديد للسائل، فجليسه يلقى منه كل المؤانسة والتبسم، بحيث لا يمل جليسه ، ولا يزال يتلقى عنه أنواعا من الفوائد، ولطائف المعارف، وغرائب المسائل، كما أنه يكرم من زاره، ويقدم ما حضر بدون تكلف، ويجود بما يقدر عليه دون أن يمن بما أعطاه، أو يرد من سأله، وهكذا دأبه مع العلماء وطلبة العلم والأصحاب والزملاء الأقدمين، فهو جواد كريم بما اعتاده، ومجيب لمن دعاه بدون تكلف أو تشدد.
أما تدريسه فقد أفنى حياته في وظيفة التدريس في مصر اسم> ثم في المملكة اسم> في دار التوحيد بالطائف اسم> ثم في معهد الرياض اسم> العلمي، ثم في كلية الشريعة وكلية اللغة بالرياض اسم> ثم في معهد القضاء العالي مديرا ومدرسا ، حتى أحيل للتقاعد، ثم عمل متعاقدا في رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء بقية حياته، حتى وافاه الأجل وهو على رأس العمل في هذه الرئاسة، وقد تتلمذ عليه أكابر العلماء في هذه المملكة اسم> واعترفوا بفضل علمه، وافتخروا بالانتماء إلى تعلميه في أغلب المراحل، كما انتفع الكثير بالفوائد التي تلقوها عنه في دروسه في المسجد وغيره.
أما التأليف فلم يكن يرغب فيه، ولا يحب الكتابة في أي فن من الفنون، بل يرى أن هذه الكتب والمؤلفات الحديثة لا فائدة فيها، ويكتفي بما كتبه وجمعه العلماء السابقون، حيث إنهم تطرقوا إلى كل فن، وأوضحوا ما يحتاج إلى توضيح، فمن جاء بعدهم لا يستطيع أن يضيف إلى علومهم زيادة، ولقد ضرب مثلا بإحضار مجموعة من التفاسير، وقارن بينها، فأظهر أن الآخر عيال على الأول، وأن المتأخرين إنما توسعوا في الكلام بما لا فائدة فيه، وكان ينهى عن الانشغال بكتب المعاصرين التي كتبوها في الأصول، أو التفيسر، أو الأدب والفقه ونحو ذلك، حيث إنهم لا يزيدون على من سبقهم، ومع ذلك فقد أشرف على رسالتي في أخبار الآحاد التي قدمتها لنيل درجة الماجستير، وعلى رسالة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي اسم> وغيرهما، وكان يولي التلميذ توجيهات ودلالة على المواضيع، وأماكن البحث، ونحو ذلك مما يدل على قدرته على الكتابة لو أراد ذلك، فهو من حملة العلوم المتعددة، وأي فن يتطرق إليه يوسعه بحثا ، فرحمه الله وأكرم مثواه.
مسألة>
-76-