(الشرح)وسط> * قوله: (وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه، وعلى لسان رسوله، وأجمع عليها المسلمون...) ذكرنا أن من أمور الآخرة أن الله يأمر أن ينفخ في الصور ثلاث نفخات رأس> وقد ذكر الله النفخ في الصور في القرآن في عدة مواضع.
والصور: قيل إنه قرن كبير ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله تعالى ثلاث نفخات نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث أو القيام. ومن العلماء من يقول: إن نفخة الفزع تطول حتى يكون في آخرها الموت، فهي نفخة واحدة أولها فزع وآخرها صعق. ثم نفخة البعث وهي التي تحيا بها الأبدان. وورد في بعض الآثار أن الله تعالى ينزل من السماء مطرًا كمني الرجال، وأنه مطر غليظ تنبت له الأجسام، فإذا نبتت الأجسام وجمعها الله وتكاملت؛ أذن الله في النفخ في الصور، فتأتي كل روح إلى بدنها ويحيى بإذن الله، وليس في ذلك عجب، فالله تعالى على كل شيء قدير. وقد حكى الله قصة بقوله : رسم> أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ قرآن> رسم> حتى تفرقت أشلاؤه وبليت عظامه، وكان معه حماره، وقد مات وبلي وتفرق، ثم بعثه الله وقال له: رسم> وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا قرآن> رسم> فنظر إلى العظام وهي متفرقة متباعدة، ثم بعد ذلك أمرها الله فجُمعت، ثم أمرها فنبت عليها اللحم ثم نفخ فيها الروح، فقام الحمار ينهق بإذن الله، رسم> فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ قرآن> رسم> [البقرة: 259]. آية> فإذا أذن الله بجمع الأجساد، وبالنفخ في الصور، وبدخول الأرواح في أجسادها، حينئذ قام الناس من قبورهم، وخرجوا ينفضون التراب والغبار عن رءوسهم، وساروا إلى الموقف، وقامت القيامة التي سماها الله بعدة أسماء: سماها بالطامة الكبرى، وسماها بالصاخة، وسماها القارعة والحاقة وما أشبهها؛ وذلك لأهميتها وثبوتها ولا بد، كما قال الله تعالى: رسم> كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قرآن> رسم> [ الأعراف: 29] آية> فيحشر الناس إلى الموقف حفاة عراة غرلا بُهْمًا، يحشرون كما خلقوا، أي على الخلقة التي خرجوا إلى الدنيا بها، حفاة: غير منتعلين عراة من الثياب غير مكتسين. غرلاً أي غير مختونين. وفي رواية: بهما بمعنى أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن. فكأنهم بمنزلة من لا يستطيع أن يتكلم، ولهذا قال: رسم> فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا قرآن> رسم> [ طه: 108 ] آية> والهمس: هو صوت وطء الأقدام. وقيل: الكلام الخفي، فيحشرون على خلقتهم الأولى لم ينقص منهم شيء رسم> كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قرآن> رسم> .