المكتبة النصية
العقيدة
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
مسألة: طريقة أهل السنة في إثبات الصفات
قوله:
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ قرآن>
رسم> [ آل عمران:7 ] آية> . )
فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ قرآن>
رسم> ( الصف:5 ) آية> يعني: أنهم فعلوا أفعالا صاروا بها زائغين، يعني: مائلين عن الحق؛ فعاقبهم الله - تعالى - بأن أزاغ قلوبهم، والجزاء من جنس العمل.
فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ قرآن>
رسم> ( آل عمران:7 ) آية> يتبعون المتشابه: معناه أنهم إذا وجدوا المتشابه إما أن يطعنوا به في الشريعة ويقولون: هذه الشريعة تجمع بين الحق والباطل، فيأخذون المتشابه ويجعلونه طعنًا في الدين، وإما أنهم يجعلونه عقيدة لهم ولو كان دالا على التعطيل، أو دالا على التمثيل، وهذه طريقة زائغة منحرفة.
ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ قرآن>
رسم> ( آل عمران:7 ) آية> يعني: تحريفه وتصريفه عن دلالته، والفتنة هي الشبهة، أو التشبيه الذي يوقع في الضلال، أو التحريف أو نحو ذلك، والحاصل أنهم يتبعون المتشابه.
نَحْنُ قَسَمْنَا قرآن>
رسم> ( الزخرف:32 ) آية> رسم>
إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قرآن>
رسم> ( القدر:1 ) آية> رسم>
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ قرآن>
رسم> ( الكوثر:1 ) آية> رسم>
إِنَّا فَتَحْنَا قرآن>
رسم> ( الفتح:1 ) آية> فقالوا: هذا دليل على أن هناك آلهة كثيرة فيكون عيسى اسم> وأمه، والله؛ هم الذين خلقوا هذا الخلق، فجعلوه من المتشابه، أي: أنهم استدلوا بضمائر الجمع على تعدد الآلهة، وهذا خطأ واضح؛ وذلك لأن الله تعالى يذكر نفسه بضمير الجمع للدلالة على التعظيم، فإن الأمير يعظم نفسه فيذكر نفسه بلفظ الجمع: نحن فعلنا، ونحن غزونا، ونحن أمرنا، مع أنه واحد، فالله - تعالى - أحق بأن يعظم نفسه.
ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ قرآن>
رسم> ( آل عمران:7 ) آية> .
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ قرآن>
رسم> [ آل عمران:7 ] آية> . )
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ قرآن>
رسم> ( المائدة:35 ) آية> ويقولون: المراد: التوسل بالأموات إلى الله ودعاؤهم ليكونوا وسائط، وهذا من اتباع المتشابه، قال تعالى: رسم>
ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ قرآن>
رسم> ( آل عمران:7 ) آية> .
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ قرآن>
رسم> ( الإسراء:57 ) آية> فيقولون: إن هؤلاء ممدوحون أنهم يتوسلون بأيهم أقرب إلى الله تعالى فيبتغون إليه الوسيلة، ولا شك أن هذا صرف للمعنى عن المتبادر منه، فهذا من اتباع المتشابه، وهو أيضًا مما يوقع في الفتنة، فالوسيلة هي القربة، أي: يتوسلون إلى رضاه بالقربات وأنواع الطاعات.
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ قرآن>
رسم> ( الأنعام:103 ) آية> وبقوله تعالى لموسى اسم> رسم>
لَنْ تَرَانِي قرآن>
رسم> ( الأعراف:143 ) آية> وهذا المتشابه، وسيأتينا الإجابة عنه عند الكلام على الرؤية، فمثل هؤلاء يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله .
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ قرآن>
رسم> ( الشورى:11 ) آية> ويجعلونها عمدتهم في نفي الصفات، ويقولون: إذا أثبتنا لله - تعالى - سمعًا، فقد شبهنا، والله سبحانه ليس كمثله شيء، وكذا إذا أثبتنا له صفة البصر، وغيرها، فيعتقدون أن إثبات الصفات تشبيه، وهذا من ابتغاء الفتنة، وابتغاء التأويل، وهو طريق الذين في قلوبهم زيغ .
وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ قرآن>
رسم> ( آل عمران:7 ) آية> قطع لأطماعهم, والكلام في تفسير هذه الآية معروف في كثير من أصول التفسير، وأصول الفقه ونحوها، وكذا الخلاف: هل الراسخون يعلمون تأويله؟ فقد ذكر ذلك العلماء كثيرًا، وتعرض له شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> في كثير من كتبه، وذكر أن التأويل صار في اصطلاح الناس يطلق على ثلاثة أنواع:
سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي متن_ح>
رسم>
يتأول القرآن - يتأوله: يعني يمثله أو يمتثل الأمر الذي أمر به في قوله: رسم>
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا قرآن>
رسم> ( النصر:3 )، آية> والله - تعالى - يخبر عن مآل الأشياء ويسميها تأويلًا: رسم>
ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا قرآن>
رسم> ( الإسراء:35 ) آية> أي: مالًا، ومنه قوله تعالى: رسم>
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ قرآن>
رسم> ( الأعراف:53 ) آية> المراد حقيقته، تأويل البعث: حصول النشور، والبعث من القبور، وتأويل الجزاء: إعطاء كل ثواب حسناته، أو جزاء سيئاته، يقال: هذا تأويل قوله تعالى: رسم>
فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ قرآن>
رسم> ( الحاقة:19 ) آية> رسم>
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ قرآن>
رسم> ( الحاقة:25 ) آية> رسم>
فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ قرآن>
رسم> ( الأعراف:8 ) آية> رسم>
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ قرآن>
رسم> ( الأعراف:9 ) آية> هذا تأويله يعني تحققه، وكذلك تأويل دخول الجنة: كون أهل الجنة يرون ما فيها ويقولون: هذا تأويل ما أخبرنا الله به؛ فتأويل الأشياء: حقائقها وما تؤول إليه، فهذان معنيان صحيحان؛ أن التأويل يأتي بمعنى التفسير، وأن التأويل يأتي بمعنى حقائق الأشياء وماهيتها، فإذا قيل: إن الراسخين يعلمون التأويل؛ فالمراد بالتأويل: التفسير الذي تفسر به الكلمة ويشرح به معناها، وإذا قيل: إن التأويل لا يعلمه إلا الله؛ فالمراد: حقائق الأشياء وماهيتها وما هي عليه، يعني: كيفية البعث، وكيفية الحشر، وكيفية نصب الموازين وكيفية نشر الصحف، وماهية تلك الصحف، وما مقدار المسافة، وكم في كل كتاب من صفحة ومن سطر، أو من كلمة ، فكيفية ذلك من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله تعالى، وهكذا أيضًا: ما أخبر الله به عن الجنة وأنهارها وأشجارها وثمارها وقصورها، كل ذلك من التأويل الذي لا يعلمه إلا الله، يعني: ماهيته وكيفيته وحقيقته التي هو عليها.