موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
مسألة: بعض: آيات صفة الرضا والمحبة والغضب والسخط والكراهية والمكر
مسألة: بعض: آيات صفة الرضا والمحبة والغضب والسخط والكراهية والمكر
عدد المشاهدات
()
قوله:
( وقوله تعالى: رسم>
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ قرآن> رسم> [المائدة:119] آية> وقوله تعالى: رسم>
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قرآن> رسم> [المائدة:54] آية> وقوله تعالى: رسم>
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قرآن> رسم> [الفتح:6] آية> وقوله تعالى: رسم>
اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ قرآن> رسم> [محمد:28] آية> وقوله تعالى: رسم>
كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ قرآن> رسم> [التوبة:46] ) آية> .
شرح: ذكرنا أن صفات الله تعالى: صفات ذاتية، وصفات فعلية، وهذه الآيات اشتملت على الصفات الفعلية، وهي التي يتصف بها إذا شاء، ولا تكون ملازمة للذات دائمًا بل يتصف بها إذا شاء، ويتصف بضدها أو بغيرها؛ لأنهما ضدان، فعندنا في هذه الآيات الرضا والغضب؛ وفي آيات كثيرة.
مثال الرضا رسم>
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ قرآن> رسم> في عدة سور، وكذا قوله تعالى : رسم>
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> ( الفتح:18 ) آية> ودائمًا عندما نذكر الصحابة نقول: رضي الله عنهم، عملا بقوله تعالى: رسم>
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ قرآن> رسم> ( التوبة:100 ) آية> فَرِضَا الله - تعالى - صفة من صفاته، ولكنها صفة فعل، يرضى إذا شاء ويغضب إذا شاء.
وقد ذكر الله الغضب في عدة آيات كقوله تعالى: رسم>
وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا قرآن> رسم> ( النور:9 ) آية> وكقوله تعالى: رسم>
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ قرآن> رسم> ( النساء:93 ) آية> وكقوله تعالى: رسم>
وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا قرآن> رسم> ( الفتح:6 ) آية> وفي حديث الشفاعة رسم>
إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله متن_ح> رسم> فأثبت أن هذا غضب متجدد، وأنه لا يكون بعد هذا اليوم مثله، ودل على أن الغضب صفة فعل يغضب على من يشاء، ويرضى عمن يشاء.
فعلى هذا، فالصفتان، لا يمكن أن يرضى ويغضب في حالة واحدة على شخص واحد، ولا يقال: هذا رضي الله عنه وغضب عليه في حالة واحدة، بل رضي عن هذا وغضب على هذا.
فالرضا والغضب صفتا فعل، وهذه الصفات التي ذكرت في هذه الآيات كلها من صفات الفعل كقوله تعالى: رسم>
كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ قرآن> رسم> ( التوبة:46 ) آية> رسم>
ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ قرآن> رسم> ( محمد:28 ) آية> حيث أثبت لنفسه صفة السخط وصفة الكراهة، وكقوله تعالى: رسم>
بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ قرآن> رسم> ( آل عمران: 162 ) آية> .
والآيات التي فيها صفات الفعل كثيرة مثل قوله تعالى : رسم>
يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ قرآن> رسم> ( النساء:142 ) آية> فيها صفة المخادعة، قال تعالى: رسم>
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ قرآن> رسم> ( البقرة:15 ) آية> فيها صفة الاستهزاء، قال تعالى: رسم>
فَلَمَّا آسَفُونَا قرآن> رسم> ( الزخرف:55 ) آية> فيها صفة الأسف، قال تعالى: رسم>
وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ قرآن> رسم> ( آل عمران:54 ) آية> رسم>
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا وَأَكِيدُ كَيْدًا قرآن> رسم> ( الطارق:15-16 ) آية> صفتا المكر والكيد، وأشباهها ، كل هذه صفات فعل نثبتها لله كما يشاء، ونقول: إنه يسخط على من يشاء، ويرضى عمن يشاء.
ومثلها أيضا صفات المحبة، قال تعالى: رسم>
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ قرآن> رسم> ( المائدة:54 ) آية> وصفات الرحمة في آيات كثيرة، ومنها اشتق اسم الرحمن، ووصف نفسه بالرحمة، قال تعالى: رسم>
رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا قرآن> رسم> ( غافر:7 ) آية> رسم>
وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ قرآن> رسم> ( الأعراف:156 ) آية> رسم>
إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قرآن> رسم> ( الأعراف:56 ) آية> .
فطريقة أهل السنة في هذه الصفات إثباتها ونفي النقص عنها؛ وذلك لأن الله أخبر بها، والله لا يخبر إلا بما هو حق، ولو كانت قد تستنكر أو تذم في حق الآدمي، كما في الصحيح عن أبي هريرة اسم> قال: رسم>
إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: لا تغضب فردد مرارًا قال: لا تغضب متن_ح> رسم>
نهاه عن الغضب، والله تعالى يغضب، ولكنه يغضب على من يستحق الغضب، وكذلك مثله السخط، والكراهية مذمومة، ولكن إذا كانت على من يستحق ذلك فهي صفة حق، وهي صفة ثبوتية أثبتها الله لنفسه.
وقد كثرت التأويلات من المبتدعة لهذه الصفات، فيقول بعضهم: كيف يستهزئ الله مع أن الاستهزاء جهل، واستدلوا بقوله - تعالى - عن موسى اسم> - رسم>
قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قرآن> رسم> ( البقرة:67 ) آية> فإذا كان موسى اسم> يقول: إن الاستهزاء، أو الهزء، جهل، فكيف يقول الله تعالى: رسم>
اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ قرآن> رسم> ( البقرة:15 ) آية> .
وكذلك المكر والكيد، والمخادعة، والمقت، والأسف، وما أشبهها، هذه مذمومة للإنسان إذا صدرت منه؛ فإن الله تعالى نهانا بقوله تعالى: رسم>
لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا قرآن> رسم> ( الحديد:23 ) آية> فكيف يتصف الله تعالى بها، ولما قال عنهم: رسم>
يَكِيدُونَ كَيْدًا قرآن> رسم> ( الطارق:15 ) آية> قال: رسم>
وَأَكِيدُ كَيْدًا قرآن> رسم> ( الطارق:16 ) آية> ولما قال: رسم>
وَمَكَرُوا مَكْرًا قرآن> رسم> ( النمل:50 ) آية> قال: رسم>
وَمَكَرْنَا مَكْرًا قرآن> رسم> ( النمل:50 ) آية> .
فالجواب: إن هذا من باب المقابلة لفعلهم بمثله، ولكن لا يكون فعل الله مساويا لفعل العبد، بل صفات الله المذكورة صفات أثبتها لنفسه، وهي لا تكون إلا على من هو أهل لها ، ولها آثارها، فإذا قلت: ما هو أثر الغضب ؟ الجواب: أنه إذا غضب فإنه يعذب من يغضب عليه، وقد ورد أثر الرضا في أن الله إذا رضي فإنه ينعم على من رضي عنه ويثيبه - في حديث قدسي وإن كان ضعيفًا؛ لكنه يكثر الاستشهاد به للاستئناس ولفظه: رسم> إذا أُطِعْتُ رضيتُ ، وإذا رضيتُ باركتُ ، وليس لبركتي نهاية ، وإذا عُصيتُ غضبتُ ، وإذا غضبتُ لعنتُ، ولعنتي تبلغ السابع من الولد رسم>
.
على تقدير أن هذا يُستشهد به، فيه إثبات أثر الغضب، وأثر الرضى، ولو لم يأت في هذا الحديث، ولكن ذلك من مقتضياته، فأنت تقول للإنسان الذي تنصحه: لا تفعل ما يغضب الله، هذا الفعل يغضب الله، فهو يعرف أن الله إذا غضب يعاقب، اتبع ما يرضي الله عليك أو بما يرضى به عنك ربك، فهو يعرف أنه إذا رضي الله عنه أثابه، فهو يحرص على الفعل الذي به يكون ربه راضيًا عنه، ويبتعد عن الفعل الذي يكون به الرب عليه غضبان، لأنه يعرف أن في هذا الغضب عذابًا، وفي الرضا ثوابًا، إذًا فلهما آثار في الدنيا وفي الآخرة.
ويقال كذلك أيضًا في الصفات الأخرى؛ كصفة السخط، وصفة الكراهية، وصفة المقت، وصفة الأسف، وصفة الكيد، ويقال: إن الله يمكر بهؤلاء، يعني: يعطيهم ثم يعطيهم، ثم يأخذهم على حين غفلة، فكأنه مكر بهم.
ورد في بعض الآثار؛ لما ذكر تمادي بعض الكفار والعصاة، قال: ( مُكِر بالقوم ورب الكعبة اسم> )
يعني خُدعوا بما وسع عليهم، وما توسعوا فيه، مما أوقعهم في الذنوب، إلى أن حصل لهم ما حصل من نزول العذاب بهم بغتة وهم لا يشعرون.
فنستفيد أن هذه الآيات دالة على صفات فعلية، وأنها غير مكيفة، وأن الذين أنكروها وبالغوا في إنكارها ليس معهم إلا أدلة عقلية أجاب عنها شيخ الإسلام اسم> ؛ كما في أول ( التدمرية ) لما قال لهم: أنتم تعترفون بالإرادة، والإرادة هي ميل النفس إلى المراد، وتنكرون الغضب وتقولون: الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، فلماذا فرّقتم بينهما؟ قالوا: لا نفسر الإرادة بأنها ميل القلب إلى المراد، فإن هذه إرادة المخلوق.
قال: فكيف تفسرون الغضب بأنه غليان دم القلب لطلب الانتقام، فإن هذا غضب المخلوق، فقد فرقتم بين متماثلين؛ أثبتم الإرادة ونفيتم الغضب، وكلاهما يفسر عندكم بهذا التفسير الذي هو من خصائص المخلوقين، فانقطعت بذلك حجتهم.
مسألة>
-35-