موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
أحاديث صفة النزول
أحاديث صفة النزول
عدد المشاهدات
()
وقوله:
( ومن السنة، قول النبي صلى الله عليه وسلم: رسم>
ينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى سماء الدنيا متن_ح> رسم>
.
شرح: هذه من أحاديث الصفات الفعلية، فأحاديث النزول رأس> ذكر ابن كثير اسم> وغيره أنها متواترة، وأكثرها مذكور في كتاب ابن القيم اسم> المسمى ( الصواعق المرسلة )، وكذلك في كتاب حافظ الحكمي ( معارج القبول )، وفي أمهات الكتب - بلفظ ( نزل ) أو ( ينزل )، أو بلفظ ( هبط )، أو ( يهبط ) أو نحو ذلك.
ومعلوم أن النزول لا يكون إلا من أعلى، فهي دالة على أن الرب - تعالى - موصوف بصفة العلو بجميع أنواعه، وأنها صفة ذاتية - كما سيأتي - وأما النزول فإنه صفة فعلية، ينزل إذا شاء ، وفي الحديث : أنه ينزل كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، وأنه يقول: رسم>
من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له متن_ح> رسم> يتودد إلى عباده وهو عنهم غني.
وإذا آمنا بهذه الصفة فإننا نكل كيفيتها إلى الله الذي أثبتها لنفسه، ولا نتقعر في ذلك، ولا نبالغ في الإنكار ، بل نقول: ينزل كما يشاء، فإذا قالوا: إن النزول يستدعي الحركة ، أو أن يخلو منه العرش ، أو أن يكون بعض المخلوقات فوقه ، أو أن يكون محصورًا.
قلنا: سبحان الله وبحمده، تعالى الله عن أن تدركه الظنون، وأن تتخيله الأفهام، وأن تمثّله الأوهام، تعالى الله عن ذلك ، بل الرب سبحانه وتعالى رسم>
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ قرآن> رسم> ونزوله يليق به، ولا يماثل أحدًا من خلقه في هذه الصفة.
وقد تكلم على هذا الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> - رحمه الله - في رسالة مستقلة بعنوان ( شرح حديث النزول ) وهي رسالة قد تقرب من ستين صفحة أو أكثر في بعض الطبعات، كلها على هذا الحديث، وما ذاك إلا لكثرة الخوض فيه، حيث رفع إليه هذا السؤال، وكان من جملة ما أشكل على السائل الذي أنكره - قال: إن الليل يختلف باختلاف البلاد، فقد يكون ثلث الليل في هذا البلد ضحى ونهارًا في بلد آخر، فيلزم من ذلك أن يكون النزول مستمرًا عند كل أهل جهة في ثلث ليلهم ؟ .
أجاب شيخ الإسلام اسم> أنه لا مانع ؛ فإن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن، ولا مانع أن ينزل عند هؤلاء وهؤلاء كما يشاء، وأيضا يمكن أن يختص النزول ببلاد المسلمين .
وبكل حال ؛ نثبت هذه الصفة ولا نردها - لماذا؟ - لأن الله تعالى على كل شيء قدير، ولأن الذين نقلوها هم الذين نقلوا جميع الأحكام، فإذا رددناها لزم أن نطعن فيهم وفيما نقلوه، ونخطئهم، ولهذا يقول أبو الخطاب الكلوذاني اسم> في عقيدته:
قالوا:النزول؟ فقلت: ناقله لنا | قوم هـم نقلوا شريعة أحمـد |
قالوا: فكيف نزوله؟ فأجبتهم: | لم يُنْقلِ التكييف لي فـي مسند |
يقول: ناقلوه لنا هم الذين نقلوا الشريعة، فكيف نرد هذا النقل ونقبل أمثاله وعشرات الأمثال له؛ لمجرد أن العقل أنكر هذا في زعمكم؛ مع أنه زعم خاطئ ؟، وإذا أثبتناه فلا نخوض فيما وراء ذلك - كما تقدم - مع أننا لا نقول: إن نزوله يشبه نزول الإنسان من كذا وكذا؟ فإن هذا خطأ.
وخطَّأ العلماء النقل الذي ذكره ابن بطوطة اسم> في رحلته، حيث ذكر أنه وصل إلى دمشق اسم> - يقول: فوجدت فيها ابن تيمية اسم> وإذا هو على المنبر يتكلم على النزول، فقال: إن الله ينزل كنزولي هذا - يعني: من المنبر - قالوا: هذا كذب على ابن تيمية اسم> من ابن بطوطة اسم> فابن تيمية اسم> قد تكلم على النزول في هذا الحديث ولم يقل إنه كنزولي من على المنبر، أو نزولي من السطح، أو نحو ذلك، بل قال: ينزل كما يشاء ، ثم خطؤوه أيضًا، وقالوا: إن ابن بطوطة اسم> لما أتى إلى دمشق اسم> كان ابن تيمية اسم> قد سجن في القلعة اسم> فكيف رآه ؟ مما يدل على أنه كذب هذه الكذبة، أو تلقاها من بعض الكاذبين، فلا يقال: إن ابن تيمية اسم> يمثل النزول بنزول الإنسان، وحاشاه من ذلك.
مسألة>
-36-