المكتبة النصية
تسجيلات - كتب
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
واجب على المسلم بصفته مؤمنًا ومسلمًا أن يتعلم الأسباب التي تجعله يخضع لله، ويخشع له ويتواضع بين يديه ويؤمن به ويتوكل عليه ويثني عليه الخير كله ويذكره ويشكره ولا يكفره، ويبتعد عن أسباب سخطه ما هي الأسباب التي تجعلك هكذا؟ نعرف أن الكثير والكثير يتسمون بأنهم مسلمون؛ ولكن نجد أنهم لا يتذكرون إذا ذكروا ولا يتعظون إذا وعظوا، ولا ينزجرون عن النقائص التي هم فيها، ولا يستعدون للأعمال الصالحة التي خلقوا لها وأمروا بها ولا يقلعون عن المعاصي والمحرمات ما سبب ذلك؟
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا قرآن>
رسم> ما أسباب ذلك؟
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ قرآن>
رسم> رسم>
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ قرآن>
رسم> رسم>
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ قرآن>
رسم> وذلك لأن أهل العقول الصحيحة الذين استعملوا عقولهم فيما ينفعهم في الدار الآخرة نظروا في آيات الله؛ فاستدلوا بها على كمال عظمته وكمال جلاله وكبريائه؛ فكانوا لذلك أهل الخشوع وأهل الخشية وأهل الإنابة، رقت قلوبهم ودمعت أعينهم واقشعرت جلودهم، وأقبلوا بقلوبهم إلى طاعة الله سبحانه، وعظم قدر ربهم في قلوبهم فصاروا يتأثرون بكل كلمة إذا قرئت عليهم آية أو سورة ولو قصيرة زادت إيمانهم، وزادت يقينهم وزادت أعمالهم فازدادوا بها قربة، وانصقلت قلوبهم وزال ما فيها من الوهن وما فيها من القسوة؛ فرقت لذكر الله تعالى، وأنابت إليه فتراهم كلما سمعوا آيات الله أو وعظوا بوعده أو بوعيده. رأيت هذا باكيا وهذا حزينا وهذا خاشعا وهذا خائفا.
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قرآن>
رسم> إلى آخر السورة فجعل يكررها ويرددها رسم> في بعض الروايات أنه قال: رسم> ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها رسم> .
وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ قرآن>
رسم> هذا اعتراف منهم رسم>
بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا قرآن>
رسم> وقولهم: قلوبنا غلف؛ بل طبع الله عليها، فهذان سببان كون قلوبهم مغلفة وكونها مطبوع عليها، لا شك أن لذلك أسبابا وهو البعد عن الخير وعدم سماعه وعدم التفكر فيه وعدم الاهتمام به.
وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ قرآن>
رسم> . وكذلك الختم في قوله تعالى: رسم>
خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ قرآن>
رسم> الختم أيضا هو مثل الطبع بمعنى أنه جعل عليها غشاوة فكانت تلك الغشاوة لا توصل إليها الحق؛ لا يصل إليها شيء مما ينفعها. لا تصل إليها المواعظ بل عليها هذه الأغطية التي غطتها وختم عليها. هذا أيضا من أسباب الذنوب وهو سبب في عدم الإنابة وعدم التوبة. وكذلك أيضا ذكر الله قسوة القلوب من اليهود في قوله: رسم>
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً قرآن>
رسم> ويقول الله تعالى: رسم>
وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ قرآن>
رسم> لما أنهم طال عليهم الأمد. أي: عمروا مثلا وهم في لهوهم وسهوهم، وتمادوا في شهواتهم وأعطوا نفوسهم ما تتمناه من الملاهي وما أشبهها؛ مما تميل إليه تلك النفوس الشريرة كانت عاقبة ذلك أن صارت قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة، ومعنى ذلك أنها لا تلين لموعظة ولا تلين لذكر ولا لنصيحة أو تخويف أو ترغيب أو ترهيب بل لا تتأثر بشيء من ذلك قلوب خالية من التقوى فهي خراب بلقع.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا قرآن>
رسم> هذا مرض الشبهات التي شبهت عليهم الباطل في صورة الحق؛ شبهات كثرت عليهم فصاروا لا يفهمون الحق بسبب تلك الشبهات التي حالت بينهم وبين معرفة الصواب، وما أكثر تلك الشبهات التي يشبهون بها الآن على ضعاف الإيمان.
فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ قرآن>
رسم> هذا مرض الشهوة أي الشهوة إلى الزنا مثلا هذا مرض في القلب والشهوة إلى الغناء والشهوة إلى المسكرات والمحرمات هذه تسمى أمراضا للقلوب مرضا للقلوب. أي: أنها تصد القلب عن الحق وعن التقبل وعن الانتفاع بالخير فيكون القلب كأنه مريض تدفعه تلك الشهوات إلى هذه المعاصي لعدم سلامته من هذه الأمراض.
كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ قرآن>
رسم> والإقفال في قوله تعالى: رسم>
أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا قرآن>
رسم> ففي هذه الآيات بيان أمراض القلوب ما يصل إليها الران أو الإقفال أو القسوة أو الطبع أو التغليف وما أشبه ذلك، وقد ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أخبر بأسباب أو ببعض أسباب ذلك في قوله: رسم>
إذا أذنب العبد ذنبا نكت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع صقل قلبه، فإن عاد نكتت نكتة ثانية متن_ح>
رسم> أي أن كل ذنب ينكت في قلبه نكتة سوداء، ثم سوداء ثم سوداء إلى أن تغطي القلب تلك السيئات؛ فذلك الران؛ لكن إذا رزقه الله تعالى توبة وعملا صالحا صقل قلبه وأصبح أبيض أزهر كالسراج يزهر.
تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا... عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء متن_ح>
رسم> وهكذا أيضا أحاديث كثيرة تتعلق بأمراض القلوب، ولسنا بصدد الكلام عليها، فنحن بحاجة إلى الأسباب التي يرق بها القلب ويخضع، ويكون ذلك من الدوافع له إلى الأعمال الصالحة وإلى التوبة النصوح.