يقول الله تعالى: رسم> فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا قرآن> رسم> هذا العبد هو: الخضر اسم> كما ذكر في الأحاديث أنه الخضر اسم> وصفه الله تعالى بالعبودية بأنه عبد، أي: ليس خارجا من العبودية؛ وذلك لأن الخلق والبشر كلهم عبيد الله ومن جملتهم الأنبياء، وقد ذكر في الحديث أن الله قال: لموسى اسم> إن عبدا من عبيدي بمجمع البحرين اسم> وإنه أعلم منك، فهو عبد من عبيد الله تعالى، ولا شك أن العبودية لله تعتبر فضلا وشرفا، ورفعة؛ ولهذا الأنبياء عبيد الله ذكرهم الله تعالى بالعبودية، فقال تعالى: رسم> وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ قرآن> رسم> رسم> وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ قرآن> رسم> رسم> وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ قرآن> رسم> وصفهم بالعبودية؛ لأن العبودية لله تعالى شرف وفضل ورفعة لمن كان عبدا لله تعالى، والعبودية على قسمين: عبودية الملك، وعبودية التعبد، الذي هو التذلل. وعبودية الملك عامة للخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم؛ فإنهم جميعا عبيد لله؛ يعني: مملوكون له، قال الله تعالى: رسم> وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ قرآن> رسم> رسم> وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ قرآن> رسم> أي: جميع الخلق، وقال تعالى: رسم> إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا قرآن> رسم> ؛ فهذه عبودية عامة كل الخلق مؤمنهم وكافرهم عبيد لله؛ يعني: مملوكون له يتصرف فيهم، كما يتصرف مالك العبيد في عبيده؛ فهو يعطي من يشاء، ويمنع من يشاء، ويصل من يشاء، ويقطع من يشاء، فيتصرف فيهم تصرف المالك في ملكه، وأما العبودية الخاصة: التي هي فضيلة وشرف، والتي يوصف بها الأنبياء، والصالحون من عباد الله؛ فإنها عبودية التعبد والتذلل، وإظهار الاستضعاف للرب -سبحانه وتعالى- وهذه هي العبودية الشريفة، والتي وصف بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في القرآن في عدة مواضع: في مثل قول الله تعالى: رسم> وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا قرآن> رسم> أي: محمداً اسم> - صلى الله عليه وسلم - وصفه الله في هذا المقام مقام التحدي بأنه عبد، وكذلك في مقام الإسراء في قوله تعالى: رسم> سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ قرآن> رسم> وصفه بالعبودية؛ لأن هذا مقام شرف وتفضيل له، وكذلك وصفه في مقام الدعوة في قول الله تعالى: رسم> وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ قرآن> رسم> .