موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
باب ما جاء في الوليمة
باب ما جاء في الوليمة
عدد المشاهدات
()
باب ما جاء في الوليمة.
حدثنا قتيبة اسم> حدثنا حماد بن زيد اسم> عن ثابت اسم> عن أنس اسم> رسم>
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى على عبد الرحمن بن عوف اسم> أثر صفرة فقال: ما هذا؟ قال: إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب فقال: بارك الله لك أولم ولو بشاة متن_ح> رسم> .
قال: وفي الباب عن ابن مسعود اسم> وعائشة اسم> وجابر اسم> وزهير بن عثمان اسم> قال أبو عيسى اسم> حديث أنس اسم> حديث حسن صحيح، وقال أحمد بن حنبل اسم> وزن نواة من ذهب وزن ثلاثة دراهم وثلث ، وقال إسحاق اسم> هو وزن خمسة دراهم وثلث.
حدثنا ابن أبي عمر اسم> حدثنا سفيان بن عيينة اسم> عن وائل بن داود اسم> عن أبيه عن الزهري اسم> عن أنس بن مالك اسم> رسم>
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أولم على صفية بنت حيي اسم> بسويق وتمر متن_ح> رسم> . قال أبو عيسى اسم> هذا حديث حسن غريب.
حدثنا محمد بن يحيى اسم> حدثنا الحميدي اسم> عن سفيان اسم> نحو هذا، وقد روى غير واحد هذا الحديث عن ابن عيينة اسم> عن الزهري اسم> عن أنس اسم> ولم يذكروا فيه عن وائل اسم> عن أبيه أو ابنه، قال أبو عيسى اسم> وكان سفيان بن عيينة اسم> يدلس في هذا الحديث فربما لم يذكر فيه عن وائل اسم> عن أبيه وربما ذكره.
حدثنا محمد بن موسى البصري اسم> حدثنا زياد بن عبد الله اسم> حدثنا عطاء بن السائب اسم> عن أبي عبد الرحمن اسم> عن ابن مسعود اسم> قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم>
طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة، ومن سمع سمع الله به متن_ح> رسم> .
قال أبو عيسى اسم> حديث ابن مسعود اسم> لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث زياد بن عبد الله اسم> وزياد بن عبد الله اسم> كثير الغرائب والمناكير ،قال: وسمعت محمد بن إسماعيل اسم> يذكر عن محمد بن عقبة اسم> قال: قال وكيع اسم> زياد بن عبد الله اسم> -مع شرفه- يكذب في الحديث.
الوليمة: هي الطعام الذي يصنعه المتزوج، ويدعو إليه رفقاءه وأصحابه وأقاربه وجيرانه ويقصد من ذلك أولا: الابتهاج، وشكر الله على ما تفضل به عليه ورزقه، وثانيا: إكرام إخوانه وأصدقائه وأحبابه.
وثالثا: التماس دعوة له وتبريك عليه.
ورابعا: مشاركتهم له في فرحته والدعاء له وما أشبه ذلك.
وهي مع ذلك معمول بها في الجاهلية الوليمة- وليمة العرس- كانت من الولائم المشهورة قبل الإسلام، ومما أقره الإسلام؛ بل وحث عليها وحث على إجابتها، وقال: من لم يجب الدعوة فقد عصى الله، وجعل إجابتها من خصال المؤمن وحقوقه على إخوته في قوله: رسم>
للمسلم على المسلم ست: إذا دعاك فأجبه، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا لقيته سلم عليه، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه، وإذا استنصحك فانصح له متن_ح> رسم> .
ثم في الحديث الأول أنه أمره بالوليمة ولو بشاة، وهي الواحدة من الغنم، كان عبد الرحمن بن عوف اسم> لما قدم إلى المدينة اسم> كان له زوجة أو زوجات في مكة اسم> ولكنه لم يستطع السفر بها فتركهن هناك، وقد يكون طلقهن، أو أمسكهن أهلوهن قدم وهو أعزب، آخى النبي -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري اسم> ثم إن سعدا اسم> أراد أن يتنازل له عن إحدى زوجتيه، وأن يعطيه نصف ماله من باب المواساة؛ فقال: بارك الله لك في مالك وأهلك.
ثم إنهم دلوه على السوق وأخذ يتكسب؛ فربح، وما بقي إلا أياما حتى جمع له مئونة النكاح، وتزوج امرأة من الأنصار وأصدقها وزن نواة من ذهب.
والنواة: هي العَجَمةُ التي في وسط التمرة، وقدر وزنها بأنها وزن ثلاثة دراهم أو خمسة دراهم؛ يعني: شيئا يسيرا أي: نحو إذا قلنا: إن الدرهم أقل من الدينار فتكون قدر ثلاثة دنانير. والدينار أربعة أسباع الجنيه. هكذا أصدقها.
ولما أصدقها هذا المقدار قنعت به، ثم إنه أسكنها في بيت استأجره أو سكن فيه. رآه النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليه أثر صفرة، يعني: من طيب النساء اللاتي يتطيبن بها، ولعلها لما تطيبت علق بثيابه أو بجسده شيء من هذه الصفرة، سأله وقال: مهيم؛ أي ما الأمر؟
فأخبره بأنه تزوج امرأة من الأنصار وأصدقها كذا وكذا؛ دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- بالبركة، وأمره بأن يولم ولو بشاة وهي واحدة من الغنم، وكأنه يقول: إن هذا هو الأقل رسم>
أولم ولو بشاة متن_ح> رسم> يعني: إن لم تقدر إلا عليها هذا أو إن لم يتيسر لك إلا الشاة.
والصحيح أنه يجوز أن يولم بغير الشاة أي: بأقل منها. وورد أنه -صلى الله عليه وسلم- أولم على زينب اسم> بشاة وهي التي نزل فيها قوله تعالى: رسم>
فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا قرآن> رسم> يقول أنس اسم> -رضي الله عنه- ما أولم النبي -صلى الله عليه وسلم- على أحد من نسائه ما أولم على زينب اسم> أولم عليها بشاة، وكان قد أرسله أن يدعو فقال: ادع فلانا وفلانا وفلانا ومن لقيت، فدعاهم وأكلوا من هذه الشاة، أكل منها خلق كثير لعلها نزلت بها البركة.
وقد أولم على صفية اسم> كما سمعنا بحيس، لما قفل من خيبر اسم> وكانت صفية اسم> في جملة السبي، ثم إنه أتاه دحية اسم> يطلبه أن يهب له من السبي خادما أو سرية فأخذ صفية اسم> فذكرت للنبي -صلى الله عليه وسلم- فأعطاه غيرها، ثم اصطفاها لنفسه.
وفي أثناء الطريق اعتدت؛ يعني: تمت عدتها بالاستبراء أي: طهرت من الحيض، فتزوجها بأن جعل عتقها صداقها، وبنى بها في الطريق وأولم، وكانت وليمته أن أمر ببساط أو ببسط ففرشت، ثم دعا بطعام بتمر وأقط وسمن وأمر الناس بأن يأكلوا فأكلوا، فكانت تلك وليمته على صفية اسم> .
فدل على أنه يجوز أن يولم بأقل من الشاة؛ وذلك لأن القصد هو شكر الله –تعالى- على هذه النعمة، وإظهار الفرح، ودعاء إخوته وأصدقائه وأحبابه؛ ليشاركوه فرحته وليبركوا له وليدعوا له، فيحصل ولو بحيس؛ ولو بنصف شاة، ويجوز الزيادة عليها أخذا من قوله : رسم>
ولو بشاة متن_ح> رسم> وتكون بقدر الحاجة؛ أي: بقدر ما يكفي الحاضرين بدون إسراف.
وأباح أن يولم في يومين، في الحديث الأخير- وإن كان في إسناده مقال، لكن له طرق يقوي بعضها بعضا، وله شواهد ومتابعات- أخبر بأن رسم>
الطعام في اليوم الأول -طعام الوليمة في اليوم الأول- حق، وأنه في اليوم الثاني سنة، وأنه في اليوم الثالث رياء وسمعة متن_ح> رسم> وكأنه لمس أن بعض الناس قد يكرر فيولم في اليوم الأول، ثم في اليوم الثاني، ثم في اليوم الثالث؛ ولعله أراد بذلك أن يدعو في اليوم الثاني غير المدعوين في اليوم الأول؛ فلا بأس أن يكون في يومين، في اليوم الأول يدعو بعض رفقائه، وفي اليوم الثاني يدعو آخرين، وأما تكرار ذلك ثلاثة أيام فإن الغالب أن الذين يفعلونه أهل إسراف وإفساد ورياء وسمعة وفخر واختيال؛ فلا يسن إجابته في اليوم الثالث، إلا إذا لم يكن قد دعي في اليومين الأولين، أو كان مثلا له أصحاب ورفقاء وزملاء وأقارب وجيران كثير لا يمكن أن يتسع لهم بيته في اليومين الأولين؛ فيمكن أنه يجعله في ثلاثة أيام، وكل يوم يدعو غير الأولين.
وبكل حال فإنه-عليه السلام- رخص في هذا الطعام، وجعله بنفسه أو فعله بنفسه؛ ولكن فعله كونه لم يزد على شاة كما في وليمته بزينب اسم> يمكن أن يكون بقية نسائه أولم عليهن بلحم أو بخبز أو نحو ذلك، ولم يولم بشاة إلا على زينب اسم> .
وأما بقيتهن فقد يكون أولم بنصف شاة أو بلحم أو نحو ذلك، أو بحيس كما ..على مع صفية اسم> فدل على أنه هو القدوة؛ فإن القدوة أن يفعل كفعله بأن يقتصر على شاة، وإن كانت لا تكفي زاد بقدر ما يكفي.
أما النبي -صلى الله عليه وسلم- فإن الله –تعالى- بارك له في تلك الشاة حتى أكل منها خلق كثير؛ لأنه قال: ادع فلانا وفلانا وسمى رجالا ثم قال: ومن لقيت. فكان يدعو من لقي، ولا شك أنه اجتمع خلق كثير، وماذا تفيد فيهم الشاة الواحدة لو كانت عادية؟! لكن إذا دعا فيها وبرك عليها؛ كفت الكثير، كما حصل في شاة جابر اسم> بُهَيْمة عند جابر اسم> ذبحها، وأكل منها أهل الخندق كلهم، وكانوا أكثر من أربعمائة أو نحو ذلك، مما يدل على أنه إذا دعا فيها بالبركة استجيبت دعوته.
وعلى كل حال الناس في هذه الأزمنة توسعوا في هذا الأمر، وكان الأولى أن يقتصروا على أصدقائهم وأقاربهم وزملائهم، ويقتصروا على طعام يكون بقدر الكفاية، ويحرصوا على ألا يفسد شيء من الطعام، وإذا بقي شيء منه حملوه إلى من يأكله أو يستفيد منه من الفقراء والمستضعفين، وإذا خشوا أن لا يؤكل؛ فإنهم لا يسرفون ولا يفعلون إلا بقدر الكفاية.
أسئـلة س: ما هو حكم الوليمة؟ سؤال> حكم الوليمة سنة، ومعلوم أن السنن لا يأثم بتركها، وقد يعذر لكونه فقيرا، اقتصر على مجرد ما دفعه لامرأته ولم يبق له شيء؛ فلا تجب.
س: فضيلة الشيخ، الآن نلاحظ في الأزمان الراهنة أن أهل الزوجة هم الذين يقيمون الوليمة، وإن كانت على حساب الزوج؛ لكن الظاهر للناس الآن أن أهل الزوجة هم الذين يقيمون الوليمة، فهل هذا هو السنة أم السنة أن يقيمها الزوج؟ سؤال> السنة أن يقيمها الزوج؛ لأن قوله: بارك الله لك أولم، وكذلك وليمة النبي -صلى الله عليه وسلم- على صفية اسم> وعلى زينب اسم> يدل على أن الزوج هو الذي يقيمها.
إقامتها الآن في بيت أهل الزوجة عادة اتبعت؛ لأنها تكون في ليلة الزفاف، ومعلوم أن التكاليف تكون عادة من الزوج، هو الذي يدفعها والناس يعرفون ذلك.
س: جزاك الله خيرا، قوله: يا عبد الرحمن اسم> أولم، كيف صار بهذا سنة؟ سؤال> يظهر أنه من باب الشكر على النعمة، ومن باب الإتيان بالمعروف وما أشبه ذلك.
مسألة>
-10-