موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج
باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج
عدد المشاهدات
()
قال الإمام الترمذي اسم> باب ما جاء في إكراه اليتيمة على التزويج.
قال أبو عيسى اسم> حدثنا قتيبة اسم> قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد اسم> عن محمد بن عمرو اسم> عن أبي سلمة اسم> عن أبي هريرة اسم> -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم>
اليتيمة تستأمر في نفسها فإن صمتت فهو إذنها وإن أبت فلا جواز عليها متن_ح> رسم> يعني إذا أدركت فردَّت. قال: وفي الباب عن أبي موسى اسم> وابن عمر اسم> وعائشة اسم> .
قال أبو عيسى اسم> حديث أبي هريرة اسم> حديث حسن، واختلف أهل العلم في تزويج اليتيمة، فرأى بعض أهل العلم أن اليتيمة إذا زوجت فالنكاح موقوف حتى تبلغ، فإذا بلغت فلها الخيار في إجازة النكاح أو فسخه، وهو قول بعض التابعين وغيرهم، وقال بعضهم: لا يجوز نكاح اليتيمة حتى تبلغ ولا يجوز الخيار في النكاح، وهو قول سفيان الثوري اسم> والشافعي اسم> وغيرهما من أهل العلم.
وقال أحمد اسم> وإسحاق اسم> إذا بلغت اليتيمة تسع سنين فزوجت فرضيت فالنكاح جائز ولا خيار لها إذا أدركت، واحتجا بحديث عائشة اسم> -رضي الله عنها- رسم>
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بنى بها وهي بنت تسع سنين متن_ح> رسم> وقد قالت عائشة اسم> إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة.
اليتيمة هي التي فقدت أباها في صغرها -يعني قبل البلوغ- فبعد البلوغ لا يسمى يتم، مادام قبل البلوغ فإنه يتيم إذا فقد أباه، ولا يعتبر فقد الأم يتمًا؛ وذلك لأن الأب هو الذي يعول الأولاد، وهو الذي يكفلهم، وهو الذي ينفق عليهم؛ فلأجل ذلك كان فقده مصيبة عليهم؛ ولأجل ذلك جعل الله لليتامى نصيبًا، نصيبًا في الفيء في قوله: رسم>
وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ قرآن> رسم> ونصيبًا في الغنيمة في قوله: رسم>
وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ قرآن> رسم> وأمر بإعطائهم حقوقهم بقوله: رسم>
وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ قرآن> رسم> .
وخص النساء بقوله تعالى: رسم>
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ قرآن> رسم> كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة -بنت أخيه مثلًا أو بنت عمه- ويكون لها مال وتكون شريكة له في ماله، فيرغب نكاحها ولا يعطيها حقها، فلذلك نهاهم الله أن يبخسوهن حقوقهن، فإذا رغب أن يتزوجها أو يزوجها ابنه فلا بد أن يعطيها كامل حقها، فإن بخسها فقد ظلمها، فلذلك قال: رسم>
فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ قرآن> رسم> يعني أن هذا لا يجوز بل هو ظلم.
ثم هذه اليتيمة على وليها ألا يزوجها إلا بعد أن تبلغ ويزول عنها اسم اليتم؛ وذلك لأنها أحق بنفسها، ولأن إذنها وهي طفلة قد لا يعتبر؛ فإنها قد تأذن وهي لا تعرف الرجال ولم تعرف أخبارهم وأحوالهم، فربما تأذن ثم بعد ذلك تتأسف إذا رأت سوء معاملته ورأت سوء صنيعه بها، فيؤدي ذلك إلى أنها تتألم وتتمنى أنه ما عُقد لها عليه، فالراجح أنه لا يُعقد لها حتى تبلغ.
وذهب بعضهم إلى أنها إذا بلغت تسع سنين فإن له أن يعقد لها برضاها، وأن رضا بنت تسع سنين معتبر؛ وذلك لأنها غالبًا تعقل وتفهم، وتعرف آثار النكاح وفوائده وما أشبه ذلك، بخلاف من دون تسع سنين فإنها تكون جاهلة أو إلى الجهل أقرب، وكذلك معلوم أيضًا أن النساء يختلفن باختلاف المجتمعات والبيئات ونحوها، فإذا كانت البنت في مجتمع ذكي حي يعرف ويتكلم ويخالط -خالطوا الناس تعرفوا أحوالهم- صدق عليها أنها عارفة -ولو كانت بنت تسع أو بنت عشر- وإذا كانت منزوية لا تسمع ولا ترى ولا يعرفها أحد فإنها قد لا تعرف أحوال الناس، ولا ترضى بالزواج، وقد لا يناسبها ولو زوجت وهي بنت عشرين.
ولكن الصحيح أن البلوغ معتبر، قد ذكر الله البلوغ في دفع المال في قوله تعالى: رسم>
إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ قرآن> رسم> وبلوغ النكاح يعني بالاحتلام؛ لأنه مقارب لسن النكاح، وكذلك سن النكاح يتقدم في كثير من النساء، والأصل أنه يكون ببلوغ تسع سنين، هذا أقل سن، ولكن لا بد من علامة، والعلامة الظاهرة الحيض، كثير من النساء تحيض وهي في العاشرة أو الحادية عشر، فإذا حاضت حكم ببلوغها، وكذلك كثير منهن قد تنبت الشعر الخشن حول الفرج وهي بنت عشر أو بنت إحدى عشر أو اثني عشر فيحكم ببلوغها.
البلوغ في حق المرأة بخمسة أشياء بالحيض وبالحمل وبالإنبات وببلوغ خمس عشرة سنة وبالاحتلام، فإذا حصل واحدة من هذه الخمسة فقد حكم بأنها بلغت وحينئذ تزوج، أما قبل بلوغها فإن بعض العلماء قالوا: تزوج وتخير بعد البلوغ، فإن اختارت ذلك الزوج بقيت وصح العقد، وإن لم تختره أُبطل العقد ورد النكاح. وبعضهم يقول: لا تزوج حتى تبلغ بأي نوع من أنواع البلوغ الخمسة. ولعل هذا هو الأقرب؛ لأنه قد يشق فسخ النكاح إذا بلغت، وقد يكون في الشرط اختلاف، إذا قالوا: بيننا شرط أنها إن رضيت وإلا فلا، ثم أيضًا النكاح يكون معلقًا لا هي أيم ولا ذات زوج، فعلى هذا الصحيح أنها لا يعقد لها حتى تبلغ بأي نوع من أنواع البلوغ.
مسألة>
-18-