موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
باب ما جاء في الرجل يعتق الأمة ثم يتزوجها وبيان فضل ذلك
باب ما جاء في الرجل يعتق الأمة ثم يتزوجها وبيان فضل ذلك
عدد المشاهدات
()
باب ما جاء في الرجل يعتق الأمة ثم يتزوجها.
حدثنا قتيبة اسم> حدثنا أبو عوانة اسم> عن قتادة اسم> وعبد العزيز بن صهيب اسم> عن أنس بن مالك اسم> رسم>
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعتق صفية اسم> وجعل عتقها صداقها متن_ح> رسم> قال: وفي الباب عن صفية اسم> .
قال أبو عيسى اسم> حديث أنس اسم> حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم، وهو قول الشافعي اسم> وأحمد اسم> وإسحاق اسم> وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها حتى يجعل لها مهرا سوى العتق، والقول الأول أصح.
باب ما جاء في الفضل في ذلك
حدثنا هناد اسم> حدثنا علي بن مسهر اسم> عن الفضل بن يزيد اسم> عن الشعبي اسم> عن أبي بردة بن أبي موسى اسم> عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسم>
ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين، عبدٌ أدى حق الله وحق مواليه فذاك يؤتى أجره مرتين، ورجل كانت عنده جارية وضيئة فأدبها فأحسن أدبها ثم أعتقها ثم تزوجها يبتغي بذلك وجه الله فذلك يؤتى أجره مرتين، ورجل آمن بالكتاب الأول ثم جاء الكتاب الآخر فآمن به فذلك يؤتى أجره مرتين متن_ح> رسم> .
حدثنا ابن أبي عمر اسم> حدثنا سفيان اسم> عن صالح بن صالح اسم> وهو ابن حي اسم> عن الشعبي اسم> عن أبي بردة اسم> عن أبي موسى اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه بمعناه.
قال أبو عيسى اسم> حديث أبي موسى اسم> حديث حسن صحيح، وأبو بردة بن أبي موسى اسم> اسمه عامر بن عبد الله بن قيس اسم> وروى شعبة اسم> وسفيان الثوري اسم> هذا الحديث عن صالح بن صالح بن حي اسم> وصالح بن صالح بن حي اسم> هو والد الحسن بن صالح بن حي اسم> .
ذكرنا قريبًا أن صفية اسم> ما أصدقها مالًا بل أصدقها نفسها؛ لأنها كانت من سبي يهود خيبر اسم> وكانت ابنة لحُيَيّ بن أخطب اسم> وهو من أشراف بني النضير، وكان بنو النضير بالمدينة اسم> وهم الذين هموا بقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنزل الله فيهم قوله: رسم>
اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ قرآن> رسم> ولما علم ذلك منهم حاصرهم إلى أن أجلاهم وذهبوا إلى أذرعات اسم> في الشام اسم> ولكنه حُيَيًّا اسم> وأخاه أبا ياسر اسم> نزلا بخيبر اسم> .
ولما جاء الأحزاب -الأحزاب الذين تحزبوا بقيادة أبي سفيان اسم> وجاءوا إلى المدينة اسم> وحاصروا أهل المدينة اسم> - جاء حيي اسم> إلى بني قريظة، وحملهم على أن ينقضوا العهد وأن ينضموا إلى أبي سفيان اسم> ومن معه، وضمن لهم النصر، وأن محمدًا اسم> سوف يقتل وسوف يضمحل أمره، فأخذ عليه العهد إن انهزم الأحزاب أن يدخل معنا ويصيبه ما أصابنا، ففعل وقتل مع بني قريظة، وبقيت ابنته مع زوجها في خيبر اسم> فقتل أيضًا زوجها وصارت في السبي، فصارت أولًا لثابت بن قيس اسم> ثم اصطفاها النبي -صلى الله عليه وسلم- لنفسه، ولما كان في الطريق حلت حيث طهرت من حيضها، وذلك يُعلم به براءة رحمها، فعند ذلك بنى بها في الطريق وأولم بحَيْس من طعام وحجبها؛ فعرف المسلمون أنها من أمهات المؤمنين، جعل عتقها صداقها، قيل لأنس اسم> ماذا أصدقها؟ قال: نفسها. أي بدل ما كان يملكها ولها قيمة جعل قيمتها لها على أن تكون زوجة له، فأصبحت زوجة له، يقسم لها كما يقسم لزوجاته، ودخلت في الإسلام، وأصبحت من أمهات المؤمنين.
الصحيح أن هذا جائز، أن يعتق المرأة الأمة ويجعل عتقها صداقها.
وخالف في ذلك بعض العلماء وقالوا: لا بد لها من صداق ما لم يدفع إليها؛ لقوله تعالى: رسم>
وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ قرآن> رسم> فأين المال الذي أنفقه عليها؟ فقالوا: لا بد أن يُفرَض لها صداق، ولا يجوز أن يجعل عتقها صداقها؛ لأن العتق أمر معنوي، ولا يكون الصداق إلا شيئًا محسوسًا يُحَس ويُدفَع ويكون مالًا عينيا، وجعلوا هذا من خصائص النبي -صلى الله عليه وسلم- لقوله تعالى: رسم>
وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> .
ولكن ذهب الجمهور إلى أنه جائز أن يجعل عتقها صداقها، ويكون الحكم عاما ليس خاصا، وحينئذ ماذا يقول لها؟
يقول لها: قد أعتقتك وجعلت عتقك صداقك، أو يقول: أعتقتك وتزوجتك، أو يقول: قد حررتك بشرط أن تكوني زوجة لي، فكان قبل أن يعتقها يملكها ملك يمين، وكان يملك الاستمتاع بها أكثر من ملكه للاستمتاع بزوجته؛ لأن الزوجة لها حرية وتملك نفسها وتملك مالها، وأما الأمة فليس لها مال تملكه، فهي وما تملك لسيدها، وسيدها هو الذي يتصرف فيها، وليس لها استطاعة على أن تخرج من طواعيته؛ فلذلك فُرق بينهما؛ لأن الزوجة لها أحكام والأمة لها أحكام، ولكن لا مانع من أن يقلب الأمة إلى كونها زوجة وتصبح كزوجاته.
وأما الحديث الذي فيه الفضل، ففيه أن من الفضل رجل كانت له أمة مملوكة، علمها وأدبها وأحسن تأديبها وكمَّل تعليمها، وبعد ذلك أعتقها وتزوجها، أعتقها احتسابًا وعرف أنها بحاجة إلى زوج فتزوجها لتصبح زوجة له، فهل المراد أنه جعل عتقها صداقها، أو أنه حررها، ولما ملكت نفسها خطبها إلى نفسها وتزوجها ودفع لها مهرًا مناسبًا؟
هذا هو الأقرب؛ لأن قوله: رسم>
أعتقها متن_ح> رسم> يدل على أنها عتقت منه، ثم بعد ما عتقت وأصبحت حرة خطبها إلى نفسها وأصبحت زوجة له.
كذلك فضْل العبد الذي أدى حق الله تعالى وحق مواليه يعطى أجره مرتين، وكذلك فضل الرجل الذي من أهل الكتاب، آمن بالكتب السابقة مفصلة وآمن بما عرفه مما فيها، ثم آمن بالكتاب المنزل على نبينا -صلى الله عليه وسلم- وآمن بشريعته فيؤتى أجره مرتين؛ مرة على إيمانه السابق ومرة على إيمانه اللاحق.
مسألة>
-22-