موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
باب ما جاء أن لا يخطب الرجل على خطبة أخيه
باب ما جاء أن لا يخطب الرجل على خطبة أخيه
عدد المشاهدات
()
باب ما جاء أن لا يخطب الرجل على خطبة أخيه.
حدثنا أحمد بن منيع اسم> وقتيبة اسم> قالا: حدثنا سفيان بن عيينة اسم> عن الزهري اسم> عن سعيد بن المسيب اسم> عن أبي هريرة اسم> قال قتيبة اسم> يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقال أحمد اسم> قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم>
لا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه متن_ح> رسم> قال: وفي الباب عن سمرة اسم> وابن عمر اسم> .
قال أبو عيسى اسم> حديث أبي هريرة اسم> حديث حسن صحيح. قال مالك بن أنس اسم> إنما معنى كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه إذا خطب الرجل المرأة فرضيت به فليس لأحد أن يخطب على خطبته. وقال الشافعي اسم> معنى هذا الحديث: رسم>
لا يخطب الرجل على خطبة أخيه متن_ح> رسم> هذا عندنا إذا خطب الرجل المرأة فرضيت به وركنت إليه فليس لأحد أن يخطب على خطبته، فأما قبل أن يعلم رضاها أو ركونها إليه فلا بأس أن يخطبها؛ والحجة في ذلك حديث فاطمة بنت قيس اسم> حيث جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت له أن أبا جهم بن حذيفة اسم> ومعاوية بن أبي سفيان اسم> خطباها فقال: رسم>
أما أبو جهم اسم> فرجل لا يرفع عصاه عن النساء، وأما معاوية اسم> فصعلوك لا مال له، ولكن انكحي أسامة اسم> متن_ح> رسم> فمعنى هذا الحديث عندنا والله أعلم أن فاطمة اسم> لم تخبره برضاها بواحد منهما، ولو أخبرته لم يشر عليها بغير الذي ذكرت.
حدثنا محمود بن غيلان اسم> حدثنا أبو داود اسم> قال: أنبأنا شعبة اسم> قال: أخبرني أبو بكر بن أبي الجهم اسم> قال: رسم>
دخلت أنا وأبو سلمة بن عبد الرحمن اسم> على فاطمة بنت قيس اسم> فحدثتنا أن زوجها طلقها ثلاثا ولم يجعل لها سكنى ولا نفقة، قالت: ووضع لي عشرة أقفزة عند ابن عم له خمسة شعيرا وخمسة برا. قالت: فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له قالت: فقال: صدق. قالت: فأمرني أن أعتد في بيت أم شريك اسم> ثم قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن بيت أم شريك اسم> بيت يغشاه المهاجرون، ولكن اعتدي في بيت ابن أم مكتوم اسم> فعسى أن تلقي ثيابك ولا يراك، فإذا انقضت عدتك فجاء أحد يخطبك فآذنيني، فلما انقضت عدتي خطبني أبو جهم اسم> ومعاوية اسم> قالت: فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له فقال: أما معاوية اسم> فرجل لا مال له، وأما أبو جهم اسم> فرجل شديد على النساء. قالت: فخطبني أسامة بن زيد اسم> فتزوجني فبارك الله لي في أسامة اسم> متن_ح> رسم> .
هذا حديث صحيح، وقد رواه سفيان الثوري اسم> عن أبي بكر بن أبي الجهم اسم> نحو هذا الحديث وزاد فيه: رسم>
فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: انكحي أسامة اسم> متن_ح> رسم> حدثنا محمود اسم> حدثنا وكيع اسم> عن سفيان اسم> عن أبي بكر بن أبي الجهم اسم> بهذا.
ورد في ذلك عدة أحاديث جمع فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- بين البيع والخطبة: رسم>
لا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب على خطبة أخيه متن_ح> رسم> وكأنه عَرف من العادة أنه إذا خطب على خطبة أخيه فزُوج وتُرك الأول حصل بينهما حقد وشنآن وبغض بسبب تقدمه عليه؛ وذلك لأن الأول إذا تقدم يخطب امرأة فركنت إليه وركن إليه أهلها وأظهروا القبول ولم يكن فيه ما يعاب به أصبح كأنها زوجة له وإن لم يحصل عقد، فإذا تقدمتَ إليها أنت وقد علمت بأنهم قد ركنوا إليه، وزدت لهم مثلا في المال، أو كنت أشرف منه نسبا، أو أكثر منه ثروة أو نحو ذلك، وفضلوك عليه لأجل هذه الخصال، وردوه وقد كانوا قد ركنوا إليه وقد وعدوه، وعلم بذلك فإنه سيقع بينهما إحن وعداوة وبغضاء مما يسبب القطيعة والتهاجر والتدابر، ومما يسبب البغضاء بين المسلمين والحقد بينهم.
وينتج من ذلك أن كلا منهما يتبع عورة أخيه، ويسبه وينشر له سمعة سيئة، ويتتبع عثراته ويعيبه بما لا عيب فيه، ولا شك أن ذلك مما ينهى عنه الشرع ولا يرضاه.
الشرع يأمر بالأخوة بين المسلمين والألفة بينهم، واجتماع الكلمة وعدم المنافرة وعدم التهاجر والتقاطع، وهذه الأشياء مما تسبب التهاجر الذي نهى عنه الشرع؛ فلأجل ذلك نهى عن كل شيء يحصل منه هجران المسلم لأخيه أو مقاطعته له.
استُثني من ذلك إذا كان مجرد خطبة ولم يكن فيه وعد، يعني خطب منهم وردوه ردا صريحا وقالوا: لا نريدك. أو المرأة لا ترغبك، أو قالوا له: لا ندري، اذهب وسوف نبحث ونستشير. ردوه لأجل المشاورة والبحث عن حالته هل يصلح أم لا يصلح؟
عن ديانته وعن أخلاقه وعن معاملته للناس ونحو ذلك، ردوه لهذا، ثم تقدم إليهم غيره، ذلك الثاني المتقدم يعرفونه فاختاروه وقدموه على الأول، فردهم للأول وقولهم: انتظر، أو لا ندري أو نحو ذلك ما يعتبر قبولا، فيجوز للثاني أن يتقدم.
والحاصل أنه يجوز للثاني أن يتقدم إذا لم يعلم بالخطبة أصلا، أو أَذن له الأول، وقال: أنا قد خطبتها ولكنهم لم يعطوني ولك رخصة في أن تخطبها، فقد يوافقون وقد لا يوافقون، أو ما أَذِن له، ولكن علم أن أهل الزوجة توقفوا في الأول، إما ردًا له غير مباشر، وإما عدم قبول في الظاهر، وإما توقفا لأجل البحث لجهلهم به، جهلهم بعينه، أو جهلهم بحالته، أو بأخلاقه، أو سماته أو صفاته مما يحتاج إلى بحث طويل، فلما جاءهم الثاني وكانوا يعرفونه قطعوا النظر عن الأول، فمثل هذا لا مانع منه.
وكذلك إذا تقدموا ولم تعدهم المرأة، ولم تقل: نعم أريدك، بل قالت: اذهبوا وسوف أستشير. وعلى هذا يحمل حديث فاطمة بنت قيس اسم> هذا الحديث الذي سمعنا، وفيه أن زوجها طلقها وبت طلاقها، ولما طلقها أمر لها بنفقة لم تقبلها، نفقة شعير فلم تقبلها، ظنت أن لها نفقة كاملة كغيرها من المطلقات مع أن طلاقها طلاق البتة بحيث لا رجعة لزوجها عليها، فلما أخبرت النبي -صلى الله عليه وسلم- قطع رجاءها من هذه النفقة وقال: ليس لك نفقة ولا سكنى، ما دام أنه لا رجعة له عليكِ فليس لكِ نفقة، اعتدي حيث شئت.
أمرها أن تعتد في بيت أم شريك اسم> ثم ذكر أو تذكر أن أم شريك اسم> يكثر عندها المهاجرون يجلسون عندها، والمعتدة عليها أن تختفي وألا تبرز للرجال، بعد ذلك أمرها أن تعتد في بيت ابن عمها وهو ابن أم مكتوم اسم> وقال: رسم>
إنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده ولا يراك أحد متن_ح> رسم> ثم قال لها: إذا فرغت- يعني من العدة- فآذنيني، وليس هذا خطبة في العدة وإنما هو طلب؛ لأن خطبة المعتدة لا تجوز، وقيل إنها تجوز إذا لم يكن لزوجها عليها رجعة.
فالحاصل أنه قال لها: رسم> آذنيني رسم> ولما انتهت عدتها جاءت إليه وآذنته، وأخبرت بأن اثنين قد خطباها: معاوية اسم> وأبو جهم اسم> فاعتذر عنهما بأن أبا جهم اسم> ضراب للنساء، وبأن معاوية اسم> فقير ليس له مال، وخطبها مع ذلك لأسامة بن زيد اسم> وزوجها له وارتبطت به، ولم ينكر ولم يقل: لماذا خطبتَ يا معاوية اسم> وقد سبقك أبو جهم اسم> ؟ أو: لماذا خطبت يا أبا جهم اسم> وقد سبقك غيرك؟
أو لم ينكر عليها وقال: كيف أجزتِ للثاني أن يخطب وأنتِ قد خطبك قبله غيره؟ وذلك لأنها ما وعدته، ما وعدت واحداً منهما، ولا قالت له: رضيت بك، إنما قالت: لا بأس، قالت مثلاً: سوف أستشير، أو نحو ذلك.
فالحاصل أنها تزوجها أسامة اسم> وارتبطت بنكاحه.
مسألة>
-34-