موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
بيان القول في القرآن
بيان القول في القرآن
عدد المشاهدات
()
بعد ذلك تكلم على القرآن قال:
والقــول في كتـابـه المفصــل | بأنـــه كلامـــه الـمـــنزل |
على الرسول المصطفى خير الـورى | ليس بمخلــوق ولا بمفــــترى |
يحفـظ بـالقلـب وباللســـــان | يتلــى كمــا يسمـع بـــالأذان |
كذا بـالأبصــار إليـه ينظــــر | وبالآيــات خطــــه يسطـــر |
وكل ذي مخلوقـــة حقيقــــة | دون كــلام بــارئ الخليـقـــة |
ما تكلم في هذه الأبيات على القرآن؛ وذلك لأنه قد طال كلام العلماء في تفصيل ذلك، وناقشوا بذلك المعتزلة الذين يقولون: إن الله لا يتكلم، فلما جاء هذا القرآن قالوا: إنه مخلوق خلقه كما خلق غيره من المخلوقات، فجعلوه مخلوقا، فأنكر عليهم أئمة السلف.
وأول من أنكر صفة الكلام الجعد بن درهم اسم> الذي قتله خالد القسري اسم> في يوم عيد الأضحى، وقال: أيها الناس، ضحوا تقبل الله ضحاياكم؛ فإني مضح بالجعد بن درهم اسم> إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم اسم> خليلا، ولا كلم موسى اسم> تكليما، -تعالى- الله عما يقول الجعد اسم> ثم نزل وذبحه، ومدحه ابن القيم اسم> في النونية، حيث يقول:
ولأجل ذا ضحــى بـجـعــــد | خالد القسـري اسم> يوم ذبائـح القربـان |
إذ قال إبـراهيـم ليـس خليلـــه | كلا ولا مـوســى الكليم الـدانـي |
شكـر الضحيـة كل صاحب سنــة | لله درك مـن أخــي قـربـــان |
فلما قالوا: إن الله -تعالى- لا يتكلم لم يجدوا بدا في القرآن من أن يقولوا: إنه مخلوق، ثم قال ذلك الجهم بن صفوان اسم> ثم قاله بعده بشر المريسي اسم> ثم قاله بعده أحمد بن أبي دؤاد اسم> ثم إن ابن أبي دؤاد اسم> صار مقربا عند الخليفة المأمون اسم> فزين له هذه العقيدة حتى رسخت في قلب المأمون اسم> أحد خلفاء بني العباس، ثم زين له أن يَمتحن الناس، وأن يُكرههم على أن يقولوا: إن القرآن مخلوق؛ فامتحن الناس، وأُوذوا، وسُجنوا، وقُتل بعضهم.
وكان من أشهرهم الإمام أحمد بن حنبل اسم> - رحمه الله - وذلك لأن له مكانة في النفوس، وكان الناس يترقبون ما يقوله، فلما كان كذلك قال له بعض من حوله: أجبهم وأنت مكره، فامتنع وأصر وصبر، ولكن مات المأمون اسم> قبل أن يؤتى بالإمام أحمد اسم> وتقلد هذه المقالة بعده أخوه المعتصم اسم> وهو الذي تولى تعذيب الإمام أحمد اسم> وجلده جلدا شديدا، حتى كاد أن يموت من شدة الجلد، وسجن وأطيل سجنه، ولكن مع ذلك كان يَجمع له علماء المعتزلة فيأتون بحجة فيبطلها، ويأتيهم بعشر حجج فلا يقدرون على الرد عليه، حتى أظهره الله -تعالى- وأظهر الحق في خلافة المتوكل اسم> .
والحاصل: أن فتنة القول بخلق القرآن فتنة عظيمة، وقعت بسببها مصائب على الأمة، ولا يزال المعتزلة وعلى طريقتهم الآن الرافضة الموجودون في المملكة اسم> وعلى طريقتهم أيضا الإباضية الموجودون في عمان اسم> فإن هذا معتقدهم؛ أن القرآن مخلوق، وأنه ليس كلام الله، وأن الله تعالى لا يتكلم، قد ذكرنا لكم بالأمس أن مفتي أهل عمان اسم> الذي يقال له أحمد الخليلي اسم> ألف كتابا، سماه باسم يريد به أن يشتهر ( الحق الدامغ )؛ مع أنه باطل متهافت، وضمنه كما ذكرنا ثلاث مسائل: إنكار الرؤية، وإنكار أن القرآن كلام الله، وإنكار قدرة الله -تعالى- على أفعال العباد، يقول:
والقول فـي كتـابــه المفصــل | بأنـه كـلامــــه الـمـــنزل |
كما صرح بذلك في قول الله تعالى: رسم>
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ قرآن> رسم> لم يقل: خلق الله، وقال -تعالى- في سورة التوبة: رسم>
وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ قرآن> رسم> لم يقل: حتى يسمع ما خلقه، وقال -تعالى- في سورة الفتح: رسم>
يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ قرآن> رسم> فجمع في هذه الآية بين كونه كلاما وقولا، وكذلك قول الله تعالى: رسم>
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا قرآن> رسم> رسم>
وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا قرآن> رسم> ونحو ذلك من الأدلة، وكذلك ذكر أن الله -تعالى- له كلام، وأنه يتكلم كما في قوله تعالى: رسم>
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ قرآن> رسم> رسم>
وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا قرآن> رسم> وغير ذلك من الآيات.
فالقرآن كلامه منزل، قال تعالى: رسم>
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> لم يقل: خلق رب العالمين، قال بعض العلماء: إن الله ذكر الإنسان في القرآن سبعة عشر مرة، صرح فيها بأنه خلقه وبأنه مخلوق، وذكر القرآن في نحو خمسين موضعا أو أكثر، ولم يذكر أنه خلقه، من ذلك قول الله تعالى: رسم>
الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ قرآن> رسم> آيتين متتاليتين رسم>
عَلَّمَ الْقُرْآنَ قرآن> رسم> ما قال: خلق القرآن.
فالحاصل: أن القرآن كلام الله وليس بمخلوق، وللذين يقولون إنه مخلوق شبهات، بينها العلماء - رحمهم الله - ناقش بعضها ابن أبي العز اسم> في شرح الطحاوية وغيره.
والقول فـي كتـابــه المفصــل | بأنــه كـلامـــه الـمـــنزل |
على الرسول المصطفى خير الـورى | ليس بمخلــوق ولا بمفــــترى |
منزل على الرسول قال تعالى: رسم>
وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ قرآن> رسم> والتنزيل مذكور في كثير من الآيات، قال تعالى: رسم>
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ قرآن> رسم> رسم>
تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قرآن> رسم> رسم>
تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ قرآن> رسم> صرح بأنه تنزيل من الله، ولم يقل: خلق الله.
( منزل على الرسول المصطفى خير الورى ) المصطفى: من صفات النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه خير الورى، ثم قال: ( ليس بمخلوق ) يعني: ننزهه أن يكون مخلوقا؛ فإنه من كلام الله -تعالى- ومن علمه، وكل ما هو من علمه فإنه ليس بمخلوق، ( ولا بمفترى ) ردا على المشركين الذين يقولون: افتراه، رسم>
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قرآن> رسم> رسم>
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا قرآن> رسم> وقالوا: رسم>
إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ قرآن> رسم> فكذبهم الله -تعالى- وأخبر بأنه ليس بمفترى: رسم>
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا قرآن> رسم> .
مسألة>
-45-