المكتبة الصوتية
تسجيلات - كتب
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
قال -رحمه الله تعالى-
آية الإيمان: حب الأنصار. وآية النفاق: بغض الأنصار متن_ح>
رسم> .
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ قرآن>
رسم> فكان اليهود يهددون الأنصار، ويقولون: قد جاء وقت نبي يبعث، نتبعه ونقاتلكم معه. كلما حصل بينهم وبين الأنصار قتال أو فتنة ذكروا لهم هذا النبي، أنه قد حان وقت خروج نبي يبعثه الله، فنتبعه ونقتلكم معه، فكثر كلامهم في ذكر هذا النبي، وكانوا يظنون أنه يبعث منهم، يبعث من بني إسرائيل، فبعث الله تعالى محمدا اسم> -صلى الله عليه وسلم- من العرب من مكة اسم> المكرمة التي هي أشرف البقاع، وبها بيته الحرام، وبعثه من قريش وهم من أشرف القبائل.
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ قرآن>
رسم> هؤلاء هم الأنصار، وقال تعالى: رسم>
لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا قرآن>
رسم> آووا إخوانهم ونصروهم، فذكرهم الله تعالى في هذه الآيات فدل على فضلهم.
فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا قرآن>
رسم> ؛ بل نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . فاليهود قالوا: رسم>
فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ قرآن>
رسم> وهم يقولون: نعم، اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. لا يقولون كما قالت اليهود: رسم>
إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قرآن>
رسم> فدل على أنهم فدوا النبي -صلى الله عليه وسلم- بأموالهم وأنفسهم، وواسوا إخوانهم من المهاجرين؛ فلذلك محبتهم علامة على الإيمان.
أن يحب المرء لا يحبه إلا لله متن_ح>
رسم> فكل من كان من أهل الصلاح فإننا نحبه، ومن أبغضه لصلاحه فإنه منافق، فإذا رأيت الذين يبغضون الدعاة إلى الله، أو يبغضون الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، أو يبغضون أهل الصلاح وأهل الاستقامة؛ فإن ذلك علامة نفاقهم، إذا رأيت الذين يتنقصون العباد وأهل الخير، يقولون –مثلا- هذا رجعي، هذا متأخر، هذا متزمت، هذا غالٍ، هذا لم يعرف مستقبله، ولم يعرف ما عليه. فيظنون أن دينه هو الذي أخره، أو أن عبادته هي التي أخرته -كما يعبرون- فمثل هذا -بلا شك- علامة على أنهم منافقين. نعوذ بالله من النفاق والشقاق وسوء الأخلاق.
بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف. فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه متن_ح>
رسم> فبايعناه على ذلك.
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ قرآن>
رسم> هذا الأمر الأول على ترك الشرك -صغيره وكبيره-. ثانيا: رسم>
وَلَا يَسْرِقْنَ قرآن>
رسم> على ترك السرقة. ثالثا: رسم>
وَلَا يَزْنِينَ قرآن>
رسم> أي: على ترك الزنا. رابعا: رسم>
وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ قرآن>
رسم> على ترك قتل الأولاد. خامسا: رسم>
وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ قرآن>
رسم> يعني: بكذب ونحوه. سادسا: رسم>
وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قرآن>
رسم> .
لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ قرآن>
رسم> فالمبايعة معناها: المعاهدة. يقول أحدهم: أبايعك –يعني- أعاهدك عهدا مؤكدا، وألتزم بما تعهده علي، وألتزم بما تأخذه علي، ولا أخالف ما تبايعني عليه.
إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ قرآن>
رسم> كان -عليه الصلاة والسلام- يأتيه النساء المؤمنات فيبايعنه؛ ولكنه لا يصافحهن؛ وإنما يقرأ عليهن الآية.
عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا قرآن>
رسم> كانوا يعرفون الشرك الذي هو: صرف شيء من العبادة لغير الله. فلم يمانعوا في ذلك، ومعنى ذلك: أنكن عليكن توحيد الله؛ إخلاص العبادة له، وعدم عبادة أحد غيره، وعدم صرف شيء من حق الله لغيره؛ دعاء أو خوفا أو رجاء أو توكلا أو خشوعا أو نحو ذلك من العبادات، ويعرفن –أيضا- السرقة رسم>
وَلَا يَسْرِقْنَ قرآن>
رسم> أنه الاختلاس، وأخذ المال من حرزه.
وقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان اسم> رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي، فهل آخذ من ماله بغير علمه؟ قال: خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف متن_ح>
رسم> هذا لا يدخل في السرقة؛ ولو كان أخذا بغير علمه؛ ...لأن لها ولأولادها حقا عليه.
وَلَا يَزْنِينَ قرآن>
رسم> استنكرت، وقالت: وهل تزني الحرة؟ يعني: عيب عندهم أن الحرة تزني؛ إنما الزنا في العبيد، في المماليك، المملوكة هي التي –لدناءتها- تزني، فأما الحرة عند العرب فإنهم يصونونها، وتصون نفسها، وتحفظ نفسها، فكذلك أيضا الرجال الأحرار الذين شرفهم الله تعالى والذين فضلهم، وكذلك أيضا يسر لهم الحصول على النكاح الحلال؛ فإنهم يتعففون بذلك، ويترفعون عن الزنا؛ سواء بحرة أو بأمة أو بغنية أو فقيرة، يمنعون أنفسهم، ولما قال: رسم>
وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ قرآن>
رسم> تقول: ربيناهم صغارا وقتلتهم أنت يا محمد اسم> في بدر وأحد، تشير إلى أنه قتل أخوها وقتل أبوها وقتل عمها في غزوة بدر.
وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ قرآن>
رسم> خشية فقر رسم>
نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ قرآن>
رسم> تكفل الله تعالى برزقهم، فهو الذي يرزقهم ويرزق آباءهم، ويسهل الأسباب للحصول على الرزق وعلى الطعام الذي يكتفون به ويتقوتون به.
وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ قرآن>
رسم> فالبهتان: هو الكذب. ومنه القذف؛ وذلك لأنه لما كذب الذين قذفوا عائشة اسم> ورموها بالزنا -رضي الله عنها- قال الله تعالى: رسم>
وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ قرآن>
رسم> هذا كذب، بهتان؛ البهتان: هو الكذب الصريح. فنهى الله تعالى، ونهى نبيه عن أن يأتي المسلم أو المسلمة بهذا البهتان رسم>
وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ قرآن>
رسم> الافتراء: هو الكذب. افترى كذا.. يعني: اختلقه دون أن يكون له أصل. ثم قال: رسم>
وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ قرآن>
رسم> يعني: كل ما أمرت به فإنه معروف، فلا يعصينك فيه؛ ذلك لأنه لا يأمر إلا بخير.
من أصاب منكم شيئا من هذا متن_ح>
رسم> يعني: من اقترف شيئا، يعني: زنا أو سرق أو قتل أو كذب أو فعل معصية، وستره الله تعالى، فأمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له؛ سيما إذا تاب، إذا استتر بستر الله. ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
من وقع في شيء أو من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه حد الله متن_ح>
رسم> .
وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ قرآن>
رسم> وأما إذا أصر فأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء غفر له؛ لأن الله تعالى أخبر بأنه يغفر ما دون الشرك إذا شاء، قال تعالى: رسم>
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ قرآن>
رسم> .