المكتبة الصوتية
تسجيلات - كتب
شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري
بسم الله الرحمن الرحيم
وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ قرآن>
رسم> .
كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمرهم أمرهم من الأعمال بما يطيقون، قالوا: إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه، ثم يقول: إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا متن_ح>
رسم> .
بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ قرآن>
رسم> فدل على أن كسب القلب، وعمل القلب أنه يثاب عليه أو يعاقب عليه.
إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا متن_ح>
رسم> جاء ما يدل على ذلك من القرآن كقول الله تعالى في آيات الصيام: رسم>
وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ قرآن>
رسم> لأن الصيام في السفر فيه مشقة؛ لأن السفر قطعة من العذاب؛ فلذلك رخص لهم وعلل بأنه رسم>
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ قرآن>
رسم> .
مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ قرآن>
رسم> حيث لم يكلفكم حمل الماء في السفر للمشقة؛ لأن السفر قد يطول أي قد يسيرون خمسة أيام لا يجدون آبارا ولا قرى، ويشق عليهم حمل المياه في هذه المسافة، فرخص لهم في التيمم وقال تعالى: رسم>
وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ قرآن>
رسم> يعني: حتى لا يكلفكم ويحرجكم، وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول لأصحابه: رسم>
اكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا متن_ح>
رسم> الملل: هو كراهة العبادة واستثقالها، يعني: أن الله تعالى يكره لكم الشيء الذي يملكم وتكرهون له العبادة وتكرهون له استثقالها، ويأتي بها أحدكم ونفسه مرهقة يتمنى أن يتخلص منها ولا يألفها، فمثل هذه العبادة الثقيلة يكرهها الله لعباده، يحب من عباده أن يعملوا العمل وهم فرحون به، نشيطة أنفسهم، محبة لذلك العمل، راغبة فيه؛ حتى تكون العبادة سهلة مرغوبة لا تنفر منها النفس ولا تستثقلها.
ما هذا؟ فقالوا: لزينب اسم> تصلي، فإذا فترت تعلقت به. فقال: حلوه. ثم قال: ليصل أحدكم نشاطه، فإذا عجز فليرقد متن_ح>
رسم> كل ذلك رفقا بهم أن يكلفوا عملا فيه مشقة عليهم.
أفلا أكون عبدا شكورا؟ متن_ح>
رسم> هكذا اختار؛ ومع ذلك كان يطيل القيام، قياما قد يعجز عنه الشباب، ففي حديث حذيفة اسم> رسم>
ذكر أنه قام مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة في رمضان، يقول: فاستفتح سورة البقرة، فقلت: يركع عند المائة، فمضى، فقلت: يجعلها في ركعة، فمضى، ثم استفتح سورة النساء، ثم استفتح سورة آل عمران، أي ثلاث سور قرأ بها في ركعة، مجموعها أكثر من خمسة أجزاء، يقرأ مرتلا، إذا مر بآية رحمة وقف وسأل، وإذا مر بآية عذاب وقف، وتعوذ، ثم ركع كذلك متن_ح>
رسم> هذا دليل على أن الله تعالى أعانه على طول القيام، ورغبه فيه، فكان ذلك مما يكلفه، ومما يحبه.
جعلت قرة عيني في الصلاة متن_ح>
رسم> ويقول في رواية: رسم> الظمآن يروى، والجائع يشبع، وأنا لا أشبع من الصلاة رسم> فكل ذلك مما يراه الصحابة، فيقولون: إنك تعمل كذا وكذا، إنك تعمل هذه الأعمال وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فكيف لا نعمل ونحن لسنا مثلك؟! .
أن ثلاثة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- سألوا عن عبادته في السر، فكأنهم تقالُّوها، فقالوا: أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فقال أحدهم: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال الآخر: أما أنا فأقوم ولا أنام، وقال الآخر: أما أنا فلا أتزوج النساء. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنتم الثلاثة الذين قلتم كذا وكذا؟ قالوا: نعم. قال: لكني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني متن_ح>
رسم> نهاهم عن أن يشقوا على أنفسهم .
إن أخوفكم وأعلمكم بالله، لأنا متن_ح>
رسم> يعني إني أرجو أن أكون أتقاكم وأعلمكم بالله؛ ولو كان قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ لكنه مع ذلك كان يواظب على الأعمال الصالحة، ويكثر منها، ولا يملها. وكذلك أيضا كان يرفق بأصحابه إذا رأى منهم الشيء الذي يكلِّفهم، هذا مدلول هذا الحديث كما ذكرنا استدلال البخاري اسم> بقوله: رسم>
أعلمكم بالله وأتقاكم لله متن_ح>
رسم> أن هذه معرفة، وأنها من أعمال القلوب.