المكتبة الصوتية
تسجيلات - كتب
شرح كتاب العظمة المجموعة الثالثة
...............................................................................
قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قرآن>
رسم> أي: تفكروا في السماوات وتفكروا فيما في الأرض حتى تعتبروا وتروا الآيات العظيمة التي تدل على عظمة من أوجدها؛ دائما يذكر الله جنس الآيات، ويبين أنها آيات عظيمة مثل قول الله تعالى: رسم>
ومن آياته يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قرآن>
رسم> هكذا أخبر بأن هذه من آياته التي تدل على عظمته. يريكم البرق. يعني أنه يظهر السحب، ثم ينشأ منها هذا البرق وهذا الرعد، وفيه خوف وفيه طمع. فالخوف أنه قد يكون عذابا، والطمع أنه يكون رحمة.
وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ قرآن>
رسم> يعني: أن هذه الريح سلطت على عاد, فكانت عذابا بحيث إنها أتت على منازلهم وعلى أماكنهم, فكل شيء أتت عليه -يعني مما يقبل الإفساد- أفسدته؛ وذلك لأن الله تعالى سلط عليهم -لما عصوا رسوله- الجدب والقحط الشديد, فبقوا مدة لم يأتهم السحاب ولم تأتهم الأمطار, تضرروا بذلك, فأرسلوا اثنين يستسقيان عند البيت الحرام اسم> بمكة اسم> وهذان انشغلا في مكة اسم> حيث نزلا عند أحد أقاربهما, وأخذا يستمعان الغناء ويأكلان من النعم, وتركا الاستسقاء لقومهما, فعلم صاحب البيت أن هذا ضرر على قومهم, فعند ذلك أنشأ قصيدة, وأمر الْأَمَتَيْنِ أن تغنيا بها, حتى ينتبه هؤلاء, وكان أحدهما اسمه قيـل اسم> مطلع الأبيات قوله: | ألا يـا قيـل اسم> ويحـك قـم فـهينم | لعـل اللـه يسـقينا غمـامـا |
| فتسـقى أرض عـاد إن عــادا | قـد امسـوا لا يبينون الكلامـا |
| من العطش الشديد فليس نرجـو | بـه الشيخ الكبـير ولا الغلامـا |
فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ قرآن>
رسم> لما رأوها قالوا: هذه السحابة التي فيها المطر، المطر الغزير, المطر الكثير الذي يسقينا ويحيي بلادنا, فكان فيها هذه الريح, وكانوا قد استعجلوا العذاب فقال الله: رسم>
بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ قرآن>
رسم> لما سألوا أن تكون لهم السحابة السوداء , رسم>
بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ قرآن>
رسم> قال الله تعالى في قصتهم, لما ذكر عادا رسم>
كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ قرآن>
رسم> فكانت هذه عاقبتهم, فلذلك الريح والسحب تكون عذابا.
وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ قرآن>
رسم> أخبر بأنه جعله بقدر, أي مقدرا ليس قليلا فلا يكفي ولا يحصل به النبات, وليس كثيرا فيحصل به الغرق, بل جعله متوسطا بقدر الحاجة, كذلك قول الله تعالى: رسم>
فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ قرآن>
رسم> أي: أنه جعل في هذه الأرض خزائن تخزن الماء حتى يحتاج إليه, فتمتلئ هذه المستودعات, ثم بعد ذلك يستخرجونه ليسقوا منه أشجارهم وبهائمهم وأنفسهم, وذلك فضل الله تعالى ومِنَّتُهُ.
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ قرآن>
رسم> الرياح: هي هذه الأعاصير, هذه من آيات الله, لو اجتمع الخلق كلهم على أن يرسلوها إذا سكنت ما قدروا. الله هو الذي يرسلها إذا شاء, ولو هاجت الرياح واشتدت وحاول الخلق كلهم أن يسكنوها ما قدروا, الله هو الذي يرسلها, ولا يُدْرَى من أين تأتي, يرسل الله تعالى هذه الرياح إذا شاء, فلا يدري أحد أين مسكنها، أين مستودعها الذي تأتي منه؟ تارة تكون ريحا طيبة, وتارة تكون ريحا شديدة إذا اشتدت, فإنها تقلع الأشجار ولو كانت راسخة, تقلع النخيل, وتقلع الأشجار الكبيرة, وتهدم البيوت.
لا تسبوا الريح, فإنها مأمورة, وإذا هاجت الرياح فقولوا: اللهم إنا نسألك خيرها وخير ما فيها, وخير ما أرسلت به, ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به متن_ح>
رسم> ونقول أيضا: اللهم اجعلها رياحا, ولا تجعلها ريحا, اجعلها رياحا لأن الرياح تكون رحمة, كقوله تعالى: رسم>
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ قرآن>
رسم> أي تبشر بالخصب, وتبشر بالغيث, وفي سورة الأعراف رسم>
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ قرآن>
رسم> أي: بشارة بين يدي أي قبل رحمته , التي هي نزول المطر, وبعدما ينزل يقول الله: رسم>
فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قرآن>
رسم> وكذلك قال تعالى: رسم>
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ قرآن>
رسم> أي تلقح السحاب, وهذه الرياح تلقح السحاب وتثيره, رسم>
يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا قرآن>
رسم> .
فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قرآن>
رسم> سقناه: الله تعالى هو الذي يسيره, وقد تكون الريح أيضا تدفعه بأمر الله تعالى, فتسيره إلى حيث يشاء الله. لا شك أن هذا من آياته, وأما قوله: رسم> ولا تجعلها ريحا رسم> فإن الريح بالإفراد ذُكِرَ أنها عذاب, ذكرت عذابا كما في قصة عاد التي ذكرنا أدلتها رسم>
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ قرآن>
رسم> ريحا, وكذلك قوله: رسم>
وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ قرآن>
رسم> فجعلها مفردة, رسم>
رِيحًا صَرْصَرًا قرآن>
رسم> أي: لها صرصرة, ولها شدة, رسم>
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ قرآن>
رسم> فهذه ذكرت بالإفراد.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ قرآن>
رسم> يعني: جنود كثيرة رسم>
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا قرآن>
رسم> أي: ما جاءتكم ولا أضرتكم هذه الريح, وإنما تسلطت عليهم فقلعت خيامهم, وأكفأت قدورهم, وأطفأت نيرانهم , وأقلقتهم, فلم يجدوا بُدًّا من أن يرتحلوا ويرجعوا. هذا نصر من الله, رسم>
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا قرآن>
رسم> وورد أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
نُصِرْت بالصبا, وأُهْلِكَتْ عاد بالدَّبُور متن_ح>
رسم> الصبا: الريح التي تأتي من الشرق, والدبور: التي تأتي من الغرب. أي: أن الله تعالى نصر نبيه-صلى الله عليه وسلم- بهذه الريح التي جاءت من الصبا, فتسلطت على الأحزاب حتى تفرقوا, وأهلكت عاد بالريح التي تأتي من الغرب, التي هي الدبور.
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ قرآن>
رسم> يحتج الله تعالى بهذا على أنه هو الذي يحيي الموتى حيث أنه هو الذي يحيي الموتى حيث إنه أرسل الرياح, وأثارت هذا السحاب -سحابا ثقالا- مثقلا بالماء, لا ندري كيف تحمل الماء؟ من أين حمل هذا الماء؟ ومن أين جاءه؟ الله هو العالم بذلك, نشاهد أن هذه الطائرات تخرق هذا الجو, وتكون فوق السحاب, والسحاب تحتها يمطر فيكون له رعد وله برق, وأهل الطائرة لا يحسون بشيء من ذلك, ولا يجدون هذه الرطوبة التي امتلأ بها هذا السحاب. إذا خرقت هذه السحاب لا تحس برطوبة ولا بماء, مع غزارة الماء الذي تحمله تلك السحب ولا تحس أيضا بذلك الرعد وذلك البرق, فيدل على أنه من آيات الله تعالى.
سَحَابًا ثِقَالًا قرآن>
رسم> وأنه جعله سببا في حمل الماء, ثم ننظر أيضا في أنه تعالى يسيره كيف يشاء, فيشاهد أنه يسير أحيانا في جهة الشرق متوجها, وأحيانا في جهة الغرب, وأحيانا يشاهد أنه يذهب يمينا شمالا أو جنوبا. ويشاهد أيضا أن السحب تكون في جهة الشمال بعيدا عن بعض القرى, فيأمرها الله تعالى وتتوجه إلى مكان أراد الله نزول المطر عليه, فتُنْزِل ما بها من السحاب أي: بأمر الله تعالى. وهذا معنى قوله : رسم>
فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ قرآن>
رسم> .
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ قرآن>
رسم> فيرسل الرياح وتثير الرياح سحابا, ثم يسيره ويصرفه كيف يشاء, كما قال الله تعالى : رسم>
وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا قرآن>
رسم> .
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ قرآن>
رسم> يعني: قبل خلق السماوات والأرض, ذكر أن عرشه على الماء. وسئل ابن عباس اسم> على أي شيء الماء؟ فقال: على متن الريح. يعني أن الله تعالى أرسل الريح, أو خلق الريح فاستمسك بها هذا الماء. فلا يغتر بأقوال الذين يعتقدون أن هذه السحب أنها بسبب الأفلاك, أو أن هذا المطر مما يتبخر من الأرض, أو من البحار, أو ما أشبه ذلك, فإن هم إلا يظنون.