موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
الإشراك بالله في الشدة والرخاء بين الأولين ومشركي زماننا
الإشراك بالله في الشدة والرخاء بين الأولين ومشركي زماننا
عدد المشاهدات
()
القاعدة الرابعة: أنّ مشركي زماننا أغلظ شركًا من الأوّلين؛ لأنّ الأوّلين يُشركون في الرخاء, ويُخلصون في الشدّة، ومشركو زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدّة؛ والدليل قوله -تعالى - رسم> فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ قرآن> رسم> .
تمت, وصلى الله على محمد اسم> وآله وصحبه.
هذه القاعدة معناها الدليل على أن الأولين أخف شركا من هؤلاء المشركين في هذه الأزمنة؛ لأنهم في الرخاء يعبدون الله ويعبدون غيره, وأما في الشدة فلا يعبدون إلا الله إذا نزلت بهم الشدائد ذهبت عنهم آلهتهم, وعرفوا أنه لا ينجيهم إلا الله, فأخلصوا له العبادة ودعوه وحده, وضل عنهم ما كانوا يدعون من دون الله. قد ذكر الله تعالى ذلك في عدة آيات في سورة الأنعام قوله تعالى: رسم>
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ قرآن> رسم> تدعونه تضرعا يعني: في الحالات الحرجة وهو ينجيكم.
وكذلك في سورة يونس قول الله تعالى: رسم>
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ قرآن> رسم> فلما أنهم أحيط بهم لم تنفعهم آلهتهم، فعرفوا أنه لا ينجيهم إلا الله تعالى، فأخلصوا له العبادة.
وكذلك قوله تعالى في سورة الإسراء: رسم>
وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ قرآن> رسم> إذا مسكم الضر سواء في البر أو في البحر ذهبت عنكم آلهتكم ضل عنكم من تدعونه من تعبدونه من معبوادتكم رسم>
إِلَّا إِيَّاهُ قرآن> رسم> إلا الله وحده رسم>
فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ قرآن> رسم> ثم قال: رسم>
أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ قرآن> رسم> فيذكرهم بأنكم في حالة الشدة تنسون آلهتكم، ولا تذكرون إلا الله وحده وتدعونه مخلصين له الدين.
ومثل هذه الآية في سورة العنكبوت: رسم>
فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ قرآن> رسم> عادوا إلى شركهم رسم>
إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ قرآن> رسم> ففي حالة الشدة لا يدعون إلا الله، ومثله أيضا في سورة لقمان رسم>
وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ قرآن> رسم> دل على أنهم في حالة الشدة يخلصون الدين كله لله.إذا كانوا في البحر وغشيتهم الأمواج واضطربت السفينة وخافوا من الغرق، علموا أنه لا ينجيهم إلا الله تعالى.
ذكروا أن عكرمة بن أبي جهل اسم> لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة اسم> خرج هاربا، ثم ركب سفينة متوجها إلى اليمن اسم> فلما كان في لجة البحر اضطربت السفينة، فقال ذلك الملاح: أخلصوا، ادعوا الله مخلصين له الدين، لا ينفعكم في هذه الحالة إلا الله. فتذكر عكرمة اسم> وقال: إذا كان لا ينجينا في هذه الحالة الحرجة إلا الله، وأمرنا بأن نخلص له، فكذلك في حالة السعة؛ فعند ذلك رجع وأسلم.
فدل على أن هذا الشيء معروف عندهم، أنهم يخلصون في حالة الشدة، وأما أهل زماننا -فكما قال الشيخ- شركهم دائم في الرخاء والشدة، بل قد يزيد شركهم في حالة الشدة، ينسون الله، ولا يتذكرون إلا معبوداتهم، يدعونهم في حالة أشد ما يكونون من الحرج ومن الشدة.
أتذكَّرُ أني مرة قبل نحو خمسين سنةً في الحرم المكي اسم> نخرج مع أحد الأبواب، فصادف أن هناك زحاما شديدا، هذا الزحام ضايق بعضا منهم، فسمعت أحدهم أو بعضا منهم يقول: يا رسول الله! كأنه يقول: لا ينجينا من هذا الضيق الذي يخشى به من الموت إلا الرسول! يا رسول الله! بيني وبينه زحام شديد. فالحاصل أن هذا في حالة الشدة ما دعا الله تعالى، إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم.
وكـل مـن دعــا معـه أحـدا | أشـرك باللـه ولــو محـمـدا اسم> |
وذكر العبدلي عبد الله العبدلي اسم> صاحب رسالة في بعض الخرافات المنتشرة في .... ذكر أن إنسانا من أهل تلك البلاد معه بقر، وأنه صعد بها عقبة من العقبات المرتفعة، ولما كان في قمة الجبل، أو قريبا منه، سقط ثور منها، فتدهده ذلك الثور، فأخذ ينادي: يا محمد اسم> يا محمد اسم> أنقذنا، يا محمد اسم> أنقذنا، ولكن الثور أخذ يتدهده، فعند ذلك أخذ يدعو الجن: يا جن أنقذونا، محمد اسم> يشتهي المرقة، محمد اسم> يشتهي المرقة، يعني أن محمدا اسم> يحب أن يموت هذا الثور حتى يأكل من لحمه ويشرب من مرقته!! ولذلك ما أجابني، ذهب عنه أن يدعو الله تعالى في هذه الحالة الحرجة، وأنه إنما دعا الجن أو دعا الشياطين، ومع ذلك ما حصل له إنقاذ ثوره هذا، وما نفعه! أشرك بالله تعالى في حالة الشدة، ولم يفيده دعاؤه لغير الله تعالى.
وذكر لنا بعض الإخوة أن قوما -يعني يمكن قبل ثمانين سنة أو أكثر- جاءوا من المشرق، ركبوا في سفينة، ومعهم امرأة رافضية، ومعها أكياس -أربعة أكياس من البن والقهوة- ولما توسطوا في لجة البحر اضطربت السفينة، وخافوا من الغرق، فأخذت هذه الرافضية تدعو: يا علي اسم> يا علي اسم> ! وتصرخ بذلك، ولكنهم عند ذلك قالوا: لن ينجينا إلا أن نخفف من السفينة، فننقذها من الأحمال، حتى لا نهلك جميعا، فألقوا ما معهم من الأمتعة، ومن جملتها أمتعة هذه الرافضية -أربعة الأكياس التي هي من البن- ولما أرست السفينة في الخليج، يعني: قرب الدمام اسم> و القطيف اسم> - وهي من أهل القطيف اسم> - قالت: أين أكياسي؟ فقالوا: أخذها علي اسم> الذي دعوت به، ادعيه حتى يردها!!
فهذه أمثلة تدل على أن مثل هؤلاء يذهب عنهم ذكر الله تعالى في حالة الشدة، ولا يدعون إلا أولياءهم وسادتهم ومعبوداتهم الذين يعبدونهم من دون الله -نعوذ بالله-.
فإذا كان المشركون الأولون في حالة الرخاء يدعون الله، ويدعون غيره، ويشركون به، وأما في حالة الشدة فلا يدعون إلا الله، دل على أن شركهم أخف من شرك هؤلاء القبوريين والمشركين في هذه الأزمنة.
مسألة>
-22-