موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
خلق الله للأسباب
خلق الله للأسباب
عدد المشاهدات
()
...............................................................................
والله تعالى مسبب الأسباب هو الذي خلق الأسباب وجعلها مؤثرة؛ من أدلة ذلك قوله تعالى: رسم>
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ قرآن> رسم> لا شك أن الإنسان ينسب إليه، أنه هو الذي تزوج بفلانة، وأنه هو الذي أحبلها، وأنها ولدت منه، وأن هذا الولد وهذه الأولاد أنهم ينسبون إليه، ولكن ليس هو الذي خلقهم، الله هو الذي قدر إيجادهم، هو الذي خلقهم وقدر خلقهم، ليس بقوة الإنسان ولا بقدرته، ولا بتمكنه، بل بإيجاد الله تعالى، فلو شاء لجعلهم كلهم إناثا أو لأخرجهم كلهم أمواتا أو نحو ذلك، فليس للإنسان تمكن في أن يخلق أولاده، ولو كان ذلك إليه لجعلهم ذكورا، ولسوى خلقهم وجعلهم في أحسن خلق أو نحو ذلك.
كذلك قول الله تعالى: رسم>
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ قرآن> رسم> أخبر الله تعالى بأنهم يحرثون رسم>
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ قرآن> رسم> ولكن الله تعالى هو الذي مكنهم، أولا أعطاهم القوة التي يتمكنون بها من هذه الأفعال، يتمكنون بها من حرث الأرض، لو شاء لشل حركاتهم، ولو شاء لجعل الأرض صماء لا تنبت أو صخرية، أو نحو ذلك، فلما جعل لهم هذه القوة يحرثون بها بأيديهم أو بما يصنعونه من الماكينات ونحوها، كان ذلك من الله وتوفيقه؛ فلذلك نسب الفعل أولا إليهم: رسم>
مَا تَحْرُثُونَ قرآن> رسم> ثُمَّ قَالَ: رسم>
أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ قرآن> رسم> أأنتم تحرثونه تبذرونه بالأرض وتسقونه، والله تعالى هو الذي يسر أسبابه، فهو الذي أوجد لكم هذا الماء الذي تسقون منه، ولو شاء لجعله ملحا أجاجا لا ينبت، ولو شاء لأغاره وأعدمه، كما في قوله تعالى: رسم>
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ قرآن> رسم> .
وأخبر الله تعالى عن صاحب تلك الجنة البستان الذي ذكر في سورة الكهف، في قوله تعالى: رسم>
وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قرآن> رسم> فكذلك يقول: رسم>
لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ قرآن> رسم> أي ظللتم تتأسفون على فعلكم، وتقولون: رسم>
إِنَّا لَمُغْرَمُونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ قرآن> رسم> فالفعل من الله تعالى، وإن كان للإنسان حركة وله إرادة وله فعل ينسب إليه؛ فلذلك نقول: إن على الإنسان أن يعمل بما أقدره الله عليه؛ فيعترف بأن الله هو الذي أعطاه العقل وهو الذي أعطاه القوة، وهو الذي أعطاه السمع والبصر، وهو الذي أقامه على قدميه، وهو الذي أعد يديه وجعل فيهما هذه القوة، وهو الذي بسط هذه الأرض وسخرها، وهو الذي جعلها قابلة للنبات، وهو الذي جعل فيها هذا الماء الذي تروى به وتسقى به، وهو الذي أيضا جعلها منبتة قابلة للنبات.
مع أنه تعالى فاوت بين الأرض؛ فأنت ترى قطعة من الأرض سبخة لا تنبت ولا تمسك الماء، وترى قطعة أخرى صخرية لا تقبل الماء ولا تنبت، وتجد أرضا أخرى رملية وأخرى ترابية وأخرى جبلية، وكل ذلك بخلق الله تعالى؛ فيعترف الإنسان بأن كل ما في الوجود، فإنه خلقه وتكوينه وكان بقضائه وبقدره.
مسألة>
-55-