موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
التوكيد المعنوي
التوكيد المعنوي
عدد المشاهدات
()
...............................................................................
ويكون بألفاظ معينة محددة؛ وهي النفس والعين وكل وأجمع، وتوابع أجمع وهي أكتع وأبتع وأبصع. هذه ألفاظ التأكيد؛ يعني ذكروا أن التأكيد تارة بتكرار الكلام الأول، وتارة بعبارة أخرى أو بلفظة أخرى. فإذا قلت مثلا: جاء زيد نفسه؛ فنفسه تأكيد لزيد. وتقول مثلا: رأيت عمرا نفسه. لماذا أتيت بهذه الكلمة نفسه؟ . لئلا يفهم أن الذي جاء، أو الذي رأيت أحد خدمه أو رسله أو أولاده. فقد يقال: ما جاء إلا أحد خدمه؛ فإذا أتيت بكلمة نفسه انتفى أن يكون غيره.
يقولون مثلا: جاء الأمير نفسه، رأيت الأمير نفسه، مررت بالأمير نفسه. لماذا أوتي بالنفس؟ . مخافة أنك ما رأيت إلا أحد خدمه، أو أحد رسله، أو أحد أولاده. فأنت إذا أتيت بذكر النفس؛ عرف بذلك صدقك، وأنك رأيته هو لم تر غيره. وكذلك لفظ العين، وكذلك لفظ الرأس. إذا قلت مثلا: جاء زيد رأسه؛ ليس مرادك الرأس فقط بل جملته. إذا قلت مثلا: رأيت خالدا عينه؛ ليس المراد بالعين فقط مثل ما رأيت إلا عينيه؛ بل تثبت بذلك أنك رأيت الشخص. وكذلك إذا قلت: شخصه؛ رأيت زيدا شخصه؛ تنفي بذلك أن يكون المرئي أحد خدمه، أو نحو ذلك.
فالحاصل.. أن التوكيد بهذه الكلمة بالنفس أو بالعين أو بالرأس أو بالشخص يتبع المؤكد. هذا خالد نفسه، رأيت سعيدا نفسه منصوب، مررت بسعد نفسه أو عينه أو شخصه مجرور. ولا يكون منكرا؛ لا تقول: رأيت رجلا نفسه؛ لأن المنكر لا يحتاج إلى تأكيد لأنه غير معروف. بخلاف المعرف كالأمير مثلا والوزير، والمعروف الذي أنت تعرفه ويعرفه الحاضرون الذين أنت تكلمهم؛ فإنه بلا شك يحتاج إلى تأكيد. رأيت زيدا نفسه.
ويكون أيضا تأكيدا للجمع؛ بلفظ الكل، والجمع أجمع. إذا قلت مثلا: جاء الحجاج كلهم. لو لم تأت بكلمة كل؛ لفهم أن الذين جاءوا بعضهم. إذا قلت مثلا: رأيت الحجاج أو الغزاة كلهم؛ قد يفهم أنك ما رأيت إلا بعضا منهم؛ فأتيت بكلمة كل حتى ينتفي أن المرئي هو البعض. كذلك كلمة أجمع؛ إذا قلت مثلا: رأيت القوم أجمعين؛ ظهر بذلك أنك رأيت الجميع؛ ما رأيت بعضا منهم. رأيت إخوتك كلهم، مررت بإخوتك أجمعين. فكلمة أجمع تأكيد؛ فتعرب بإعراب ما قبلها.
يعني تعرب بإعراب المرئى؛ إذا قلت: رأيت القوم أجمعين؛ فأجمعين منصوب تأكيد للقوم؛ القوم منصوب، وأجمعين منصوب. جاء الحجاج أجمعون؛ الحجاج مرفوع، وأجمعون مرفوع وعلامة رفعه الواو. مررت بالحجاج أجمعين؛ أجمعين مجرور علامة جره الياء؛ لأنه تأكيد للحجاج المجرور.
وتوابع أجمع وهي أكتع وأبتع وأبصع؛ يؤتى بها أيضا للتقوية. فإنك إذا قلت مثلا: لعن الله اليهود أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين، لعن الله المنافقين أجمعين أكتعين أبتعين أبصعين؛ كان ذلك تقوية للكلام. وإذا قلت مثلا: وقف الحجاج بعرفة أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون؛ أثبت أنهم وقفوا كلهم بعرفة مثلا. وإذا قلت: صام أهل هذا البلد كلهم أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون؛ أثبت أنه ليس فيهم أحد ترك الصيام بل كلهم صائمون.
فكل ذلك من باب تقوية الكلام؛ حتى لا يظن أن الكلام خاص بالبعض دون الكل. فذكر أنه يتبع المؤكد في رفعه ونصبه وخفضه. فنصبه؛ رأيت أخاك نفسه، ورفعه؛ جاء أخوك نفسه، خفضه؛ مررت بأخيك نفسه. تعريف أخوك معروف.
وكذلك إذا قلت مثلا: رأيت إبراهيم نفسه؛ إبراهيم معروف عند المخاطبين، أو قلت مثلا: جاء صالح شخصه؛ صالح معروف عند الحاضرين. وأما التذكير والتأنيث؛ فإذا قلت مثلا: هذا حديث عائشة نفسها، وروت ذلك فاطمة نفسها. فإنه يتبعه في التذكير والتأنيث. فهذا من أحد التوابع الذي هو التوكيد اللفظي والتوكيد المعنوي.
مسألة>
-96-