موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
ذكر أدلة كفر تارك التوحيد
ذكر أدلة كفر تارك التوحيد
عدد المشاهدات
()
فمن أحسن ما يزيل الإشكال فيها، ويزيد المؤمن يقينًا هذه الوقائع منها أولا: ما جرى من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والعلماء بعدهم فيمن انتسب إلى الإسلام، فمن ذلك: رسم> أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث البراء بن عازب اسم> ومعه الراية إلى رجل تزوج امرأة أبيه ليقتله، ويأخذ ماله متن_ح> رسم> مسألة واحدة أدت به إلى أنه يكفر يحل قتله، ويحل ماله، وهو أنه عمل بالعادة الجاهلية؛ أهل الجاهلية إذا مات الرجل وله امرأة تزوجها ولده من غيرها يجعلونها ميراثا، نهاهم بقوله: رسم> أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا قرآن> رسم> يقول: أنا أحق بها امرأة أبي؛ فيتزوجها أو يمنعها من الزواج حتى تَفدي نفسها وتعطيه مالا؛ كالذي أعطاها أبوه مهرا.
ثانيا: همه صلى الله عليه وسلم أن يغزو بني المصطلق لما قيل له: إنهم منعوا الزكاة. أرسل إليهم رجلا ليأتي بالصدقة بالزكاة، وذلك الرجل كان بينه وبينهم إحن في الجاهلية، ولما سمعوا به استقبلوه، استقبلوه لأجل أن يفرحوا به ويستقبلوه؛ فظن أنهم يريدون قتله؛ فرجع وقال: يا رسول الله منعوا الزكاة، بنو المصطلق مع أنهم أصهار النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ تزوج منهم جويرية بنت الحارث المصطلقية اسم> ولما أخبره همَّ بأن يغزوهم؛ لأجل أنهم منعوا الزكاة، وبينما هو يستعد إذ جاءوا إليه وقالوا: إنا استقبلنا رسولك، وإنه هرب ورجع، فعند ذلك نزل قول الله تعالى: رسم>
إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا قرآن> رسم> وفي قراءة (فتثبَّتوا) همَّ بأن يغزيهم لأجل أنهم منعوا الزكاة.
كذلك أبو بكر الصديق اسم> -رضي الله عنه -؛ لما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ارتد كثير من العرب، انقسموا ثلاثة أقسام: قسم صدقوا المتنبئين كمُسيلمة اسم> وسجاح اسم> وطليحة اسم> وقسم: عبدوا الأوثان، وقسم: منعوا الزكاة.
وكلهم سماهم مرتدين وقاتلهم، قاتل الذين منعوا الزكاة حتى رجعوا. الصديق اسم> والصحابة قاتلوا مانعي الزكاة، وسبوا زراريهم، وغنموا أموالهم، وسموهم مرتدين.
وهكذا في عهد عمر بن الخطاب اسم> -رضي الله عنه- ذكر له أن قُدامة بن مظعون اسم> قدامة خال عبد الله بن عمر اسم> لما كان في مصر اسم> هو وقوم معه شرِبوا الخمر، وقالوا: إنها تحل لمن اتقى؛ آمن وعمل الصالحات؛ فهِموا من قول الله تعالى: رسم>
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا قرآن> رسم> فقالوا: ليس عليهم جناح فيما طعموا؛ فسوف نطعمها ونتقي ونؤمن ونعمل الصالحات فشربوها.
فذكر ذلك لعمر اسم> -رضي الله عنه-؛ فكتب إلى أميره على مصر اسم> فقال: إن اعترفوا بأنها حرام فاجلدهم، وإن أصروا على أنها حلال فاقتلهم، أو قال – مثلا- إن أقروا بأنها حلال فقد عصوا ويجلدون، وإن أقروا بأنها حرام فعليهم الجلد، وإن استحلوها وقالوا: إنها حلال كفروا، فهذا مع أنهم يصلون ويصومون ويتصدقون ويجاهدون ويقولون: لا إله إلا الله محمد اسم> رسول الله، ولكن إذا استحلوا شيئًا معلومًا تحريمه من الدين بالضرورة فإن ذلك لا يفيدهم.
يقول: ومثل إجماع الصحابة في زمن عثمان اسم> -رضي الله عنه- على تكفير أهل المسجد الذين ذكروا كلمة في نبوة مسيلمة اسم> مع أنهم لم يتبعوه، وإنما اختلف الصحابة في قبول توبتهم.
قوم كانوا من ربيعة ذُكر لابن مسعود اسم> أنهم يقولون: إن مسيلمة اسم> صادق أو نحو ذلك، أو يُقِرون بنبوته، فكتب إلى عثمان اسم> يسأله عن حكمهم فعثمان اسم> -رضي الله عنه- وكذلك الصحابة قالوا: إذا اعترفوا بأنه نبي فقد كفروا، ثم قالوا: هل تُقبل توبتهم أو نقتلهم؟ ولكن قبلوا توبتهم.
ومثل تحريق علي اسم> -رضي الله عنه- بعض أصحابه لما غلوا فيه وهم السبئية؛ كان هناك يهودي دخل في الإسلام تستُّرًا، ثم جاء إلى بعض أصحاب علي اسم> وقال لهم: إن عليا اسم> هو الإله فاسجدوا له؛ فأضل خلقًا كثيرًا وانخدعوا لجهلهم، وسجدوا لعلي اسم> وقالوا: أنت إلهنا، فعند ذلك حرقهم علي اسم> -رضي الله عنه-؛ حفر لهم أخاديد أوقد فيها النار قال: من لم يتب فاقذفوه فيها، فجعل يُحرِّقهم، وهو يقول:
إني إذا رأيت الأمر أمرًا منكرًا | أججت ناري ودعـوت قُنبرا اسم> |
ولم يخالفه أحد إلا أن ابن عباس اسم> خالفه في قتلهم قال: رسم>
لا يعذب بالنار إلا رب النار متن_ح> رسم> لو كنت أنا لقتلتهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
من بدل دينه فاقتلوه متن_ح> رسم> .
ومثل إجماع التابعين مع بقية الصحابة على كفر مختار بن أبي عبيد اسم> ومن تبعه مع أنه يدعي أنه يطالب بدم الحسين اسم> وأهل البيت.
المختار اسم> ادعى النبوة، وقال: إنه ينزل علي الملك، وكان يُسر ذلك إلى بعض أصحابه المقربين عنده، وأحبه أهل العراق؛ لأنه قتل قتلة الحسين اسم> تتبع الذين قتلوا الحسين اسم> وقتلهم واحدا بعد واحد، فعند ذلك أحبُّوه.
ولما تبين له؛ تبين أنه يدعي النبوة أرسل إليه ابن الزبير اسم> أخاه مصعب اسم> فقتله، وأجمعوا على كفره، وأشار ابن كثير اسم> في التأريخ إلى أن باطنه كفر، وإلى أنه حلال قتله. وأجمع التابعون مع الذين بحضرته من الصحابة كابن الزبير اسم> وغيره وحتى ابن عمر اسم> مع أن ابن عمر اسم> صهره؛ لأن زوجة عبد الله بن عمر اسم> أخت المختار اسم> ومع ذلك لم يقولوا: إنه لا يجوز قتله، ولو أنه يشهد الشهادتين، ولو أنه الذي أخذ الثأر للحسين اسم> .
ومثل إجماع التابعين، ومن بعدهم على قتل الجعد بن درهم اسم> وهو مشهور بالعلم والدين، وكان هو الذي علَّم بعض بني أمية آخر خلفاء بني أمية مروان الجعدي اسم> سموه الجعدي؛ لأنه تربى على يد الجعد اسم> هذا، ومع ذلك أنكر الصفات فقتله خالد القسري اسم> قتله يوم عيد الأضحى؛ خطب الناس في يوم العيد وكان قد أسره، وقال: أيها الناس ضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضح بالجعد بن درهم اسم> ؛ إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم اسم> خليلا، ولا كلم موسى اسم> تكليما، ثم نزل فذبحه.
هذه بدعته أنكر أن الله تعالى يحب، أنكر صفة المحبة؛ لأن الخلة هي المحبة، وقال: إن الله ما اتخذ إبراهيم اسم> خليلا، ولم يتخذ أحدا خليلا، فكذب القرآن، وأنكر أن الله تعالى يتكلم، وقال: إن الله لم يتكلم، ولم يكلم موسى اسم> تكليمًا، فأنكر صفة الكلام، وأنكر صفة المحبة، فقتله خالد القسري اسم> ذكر ذلك ابن القيم اسم> في النونية في أولها يقول:
ولأجــل ذا ضـحـى بجعـد اسم> خالد اسم> | القسري يـوم ذبـائح القربان |
إذا قال إبراهيم اسم> ليس خـليله | كلا ولا موسى اسم> الكليم الـداني |
شــكر الضحيـة كـل صاحب سنة | للـه دَرُّك مـن أخــي قـربـان |
فأقره أهل العلم في زمانه.
يقول: وهلم جرًّا الوقائع في هذا وقائع كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولم يقل أحد من الأولين والآخرين لأبي بكر اسم> وغيره كيف تقاتل بني حنيفة وهم يقولون: لا إله إلا الله، وهم يصلون ويزكون؟ لأنه كفرهم لأنهم صدقوا مسيلمة اسم> .
ولم يستشكل أحد تكفير قدامة بن مظعون اسم> خال عبد الله بن عمر اسم> لما شرب الخمر واستحلها، ولكنه تاب وبين أنه متأول، لم يقولوا: لماذا تكفرهم لو لم يتوبوا؟
وهلم جرَّا -يعني وقائع كثيرة- إلى زمن بني عبيد. بنو عبيد القداح ملكوا المغرب اسم> وإفريقية اسم> والشام اسم> ومصر اسم> استولوا على هذه البلاد، وسموا أنفسهم بالفاطميين، وليسوا من ذرية فاطمة اسم> بل هم بعيدون من ذلك، ولما استولوا على هذه البلاد استمر ملكهم نحو ثلاثمائة سنة أو قريبا منها.
وكان منهم غُلاة عصاة؛ من أشهرهم واحد يسمونه الحاكم اسم> وهو الذي الآن يعتقد فيه الدروز الموجودون في سوريا اسم> وفي الشام اسم> طائفة الدروز كأنهم ينبئونه أي يجعلونه نبيًا أو إلها، ويغلون فيه.
كان له قصص، ذكره ابن كثير اسم> في التأريخ منها أنه يُلزم كل الناس في يوم الجمعة إذا ذكره الخطيب على المنبر أن يقوموا كلهم؛ يقفوا كلهم وقوفا تعظيمًا له إذا ذكر، ويفعل أفعالا شنيعة، ولكنهم مع ذلك يُعمرون المساجد، ويصلون ويصومون.
فأفعالهم هذه التي أنكرها عليهم العلماء، تظاهروا بالإسلام، ويصلون الجمعة والجماعة، وينصبون القضاة والمفتين لما أظهروا الأقوال والأفعال أظهروا ما أظهروا، لم يستشكل أحد من أهل العلم والدين قتالهم، غزاهم المسلمون حتى قتلوهم، واستنقذوا البلاد الإسلامية من أيديهم، ولم يتوقفوا في قتالهم، وهم في زمن ابن الجوزي اسم> المؤلف المشهور لكنه عراقي و الموفق ابن قدامة اسم> .
صنف فيهم ابن الجوزي اسم> كتابا لما أخذت مصر اسم> منهم وسماه النصر على مصر اسم> .
ولم يسمع أحد من الأولين والآخرين أن أحدا أنكر شيئا من ذلك أو استشكله؛ أن قال إنهم يدعون الملة، أو إنهم يقولون لا إله إلا الله، أو إنهم يظهرون بعض أركان الإسلام. ما أحد زكاهم.
يقول: إلا ما سمعناه من هؤلاء الملاعين في هذه الأزمنة؛ يعني الذين يعبدون القبور، من إقرارهم أن هذا هو الشرك، ولكن من فعله حسَّنه، أو كان مع أهله أو ذم التوحيد، أو حارب أهله لأجله أو أبغضهم لأجله أنه لا يكفر.
يعني بعض دعاة الشرك الذين في زمان المؤلف يقرون بأن هذا شرك، ومع ذلك يُحسنونه، ويسكنون مع أهله، ويخالفون من يدعو إلى التوحيد، ويحاربون أهل التوحيد؛ لأجل أنهم موحدون، ويبغضونهم؛ لأجل التوحيد الخالص.
ويقولون مع ذلك إن هؤلاء ليسوا بكفار؛ لأنهم يقولون: لا إله إلا الله؛ ولأنهم يؤدون أركان الإسلام: يصلون ويزكون ويصومون ويحجون.
يستدلون بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماها إسلام في قوله: رسم>
بني الإسلام على خمس متن_ح> رسم> ونقول لهم: إنهم هدموا الأصل الأول الذي هو شهادة أن لا إله إلا الله.
يقول: هذا ولم يسمع قط إلا من هؤلاء الملحدين الجاهلين الظالمين يعني إقرار الشرك الذي هو عبادة الأصنام.
فإن ظفروا بحرف واحد عن أهل العلم، أو أحد منهم يستدلون به على قولهم الفاحش الأحمق، فليذكروه يأتون بنقل صحيح عن أحد من العلماء المعتبرين من السلف وعلماء الأمة أنه يوافق على أن هذا الشرك جائز؛ الذي هو شرك في زعمكم، ومع ذلك تحسنونه، وتمدحون أهله وتقرونهم وتسكنون معهم؛ وتذموننا لأننا ندعو إلى التوحيد، وتحاربوننا لأجل التوحيد، وتبغضوننا وتحبون القبوريين، وتقولون: إنهم يقولون لا إله إلا الله، وإنهم يزكون، ويصلون ويصومون ويحجون، وتقولون: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماها إسلام.
يقول: ولكن الأمر كما قال اليمني اسم> في قصيدته اليمني محمد بن إسماعيل الصنعاني اسم> أرسل قصيدة يمدح فيها الشيخ محمد بن عبد الوهاب اسم> أولها قوله:
سلامي على نجد ومن حل في نجد | وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي |
يقول فيها:
وقـد جـاءت الأخبـار عنـه بأنـه | يعيد لنـا الشرع الشريف بما يبدي |
وينشـر جـهرًا مـا طوى كل جاهل | ومبتــدع منـه فوافق ما عندي |
ويذكر مدحه على ما محاه من الشركيات، الذين يعبدون الأوثان، يذكر أنه يقول فيهم:
أعـادوا بهـا معنى سـواع ومثله | يغـــوث وود بئــس ذلك من ود |
وكم هتفوا عند الشدائـد باسمهـا | كما يهتف المضطر بالصمد الفـرد |
وكم نحروا في سوحهـا من عقيرة | أهلت لغير اللـه جهـرا على عمد |
وكـم طـائـف حول القبـور مقبل | ومسـتلم الأركـان منهـن بالأيدي |
ويقول فيها:
أقـاويل لا تعـزى إلـى عالم فلا | تساوي فلسا إن رجعت إلى النقد |
يعني: هذه الأقاويل لا تُعزى إلى عالم فلا تساوي فِلسًا؛ وذلك لأن القول إذا لم يكن عليه دليل فلا يُلتفت إليه. نقرأ.
مسألة>
-7-