موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
عدم الاعتبار بكثرة أهل الباطل ووجوب الاعتصام بالحق
عدم الاعتبار بكثرة أهل الباطل ووجوب الاعتصام بالحق
عدد المشاهدات
()
فتأمل هذا تأملا جيدا لعلك أن تسلم من هذه الهوة الكبيرة التي هلك فيها أكثر الناس، وهي الإقتداء بالكثرة والسواد الأكبر، والنفرة من الأقل.
في زمنه يقولون: كيف تكون أنت وفرقتك وأهل بلدك -تكونون أهل النجاة، وأهل البلاد الأخرى شرقا وغربا تتدعي أنهم أهل هلاك وأنهم مشركون؟
لا عبرة بكثرة أهل الباطل، يقول ابن القيم اسم>
لا عبرة بمـخالف لــهم ولـو | كانوا عديد الشاء والبعران |
ولأن الله تعالى أخبر بأن الأكثرين هم الهالكون في قوله تعالى: رسم>
وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> رسم>
وفي الدار الآخرة يقول الله لآدم اسم> أخرج من أمتك بعثا إلى النار، فيقول: من كم؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون، وواحد في الجنة متن_ح> رسم> لذلك يقول ابن القيم اسم>
يا سلعة الرحمن لست رخيصـة | بــل أنت غالية على الكسلان |
يـا سلعة الرحمن ليس ينالها | فـي الألف إلا واحد لا اثنان |
فإذا كان كذلك؛ فلا يغتر بالكثرة بكثرة الهالكين، ولا ينفر من الأقل.
فما أقل من سلم منها ما أقلهم.
ما أقل السالم؛ الله تعالى يقول: رسم>
وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قرآن> رسم> صدق عليهم إبليس ظنه؛ لأنه قال: رسم>
لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا قرآن> رسم> لأحتنكنهم؛ يعني يقرمهم بلسانه وتحت حنكه يعني: يهلكهم.
ثم يقول: ولنختم ذلك بالحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم اسم> في صحيحه في كتاب الإيمان عن عبد الله بن مسعود اسم> -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته، ويقتدون بأمره متن_ح> رسم> .
الحواريون وهم خواصه كالحواريين مع عيسى اسم> وكقوله صلى الله عليه وسلم: رسم>
لكل نبي حواري وحواري الزبير اسم> متن_ح> رسم> يعني أنه من جملتهم.
وأصحاب يأخذون بسنته؛ يعني يتمسكون بها ويقتدون بأمرها، ويهتدون بهديه ويستنون بسنته، رسم>
ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف متن_ح> رسم> كما في قول الله تعالى: رسم>
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ قرآن> رسم> رسم>
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ قرآن> رسم> يعني جاء من بعدهم قوم بعد أولئك المتمسكين: رسم>
يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ قرآن> رسم> .
رسم>
يقولون ما لا يفعلون متن_ح> رسم> وهذه مصيبة يقولون ما لا يفعلون؛ يدلون الناس بالقول ولكنهم يخالفون، والناس يقتدون بأفعالهم أكثر مما يقتدون بأقوالهم؛ يعظون الناس ولكنهم لا يمتثلون. يقول بعض الشعراء:
مــواعظ الواعظ لن تقبلا | حــتى يعيها قـلبـه أولا |
يا قوم من أظلم من واعظ | خالف ما قد قاله في الملا |
أظـهر بين الناس إحسانا | وخالف الرحمن لما خلا |
لا شك أن هذا واقع كثيرا، وعقوبة من يفعل ذلك أشد العقوبة.
تذكرون حديث أسامة بن زيد اسم> أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه، فيدور فيها كما يدور الحمار بالرحى؛ فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: يا فلان، ما لك؟ ألم تكن تأمر فينا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه متن_ح> رسم> نعوذ بالله!
رسم>
يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون متن_ح> رسم> يفعلون ما لا يأمرهم به الشرع. رسم>
فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل متن_ح> رسم> .
جهادهم؛ يعني يدخل فيه قتالهم باليد أو إزالة منكرهم باليد، كما في حديث أبي سعيد اسم> الذي عند مسلم اسم> رسم>
من رأى منكم منكرا فليغيره بيده متن_ح> رسم> فيغير عليهم تغييرا ظاهرا باليد، ومن عجز عن ذلك انتقل إلى اللسان؛ فيكون قد برئ منهم وتبرأ منهم، ومن خاف ضررا إذا جاهدهم بلسانه جاهدهم بقلبه وذلك بأن ينكرهم وينكر عليهم بقلبه، ويتبرأ منهم ويبتعد عنهم، ويبغضهم ويقول: اللهم إنه منكر وإنا له منكرون، فمن لم يكن كذلك؛ بأن جالسهم ووانسهم وحادثهم ومازحهم وأقرهم على ذلك ومدحهم؛ فليس بمؤمن، وليس في قلبه من الإيمان مثقال حبة من خردل. نعوذ بالله.
مسألة>
-16-