موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
باب: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا
باب: نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المتعة آخرا
عدد المشاهدات
()
قال الإمام البخاري اسم> -رحمه الله- باب نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نكاح المتعة آخرا.
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا مالك بن إسماعيل اسم> قال: حدثنا ابن عيينة اسم> أنه سمع الزهري اسم> يقول أخبرني الحسن بن محمد بن علي اسم> وأخوه عبد الله اسم> عن أبيهما أن عليا اسم> رضي الله تعالى عنه قال لابن عباس اسم> رضي الله عنهما: رسم>
أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر اسم> متن_ح> رسم> .
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا محمد بن بشار اسم> قال: حدثنا غندر اسم> قال: حدثنا شعبة اسم> عن أبي جمرة اسم> قال: سمعت ابن عباس اسم> رضي الله عنهما يسأل عن متعة النساء فرخص، فقال له مولى له: إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة أو نحوه فقال ابن عباس اسم> نعم.
قال أبو عبد الله اسم> حدثنا علي اسم> حدثنا سفيان اسم> قال عمرو اسم> عن الحسن بن محمد اسم> عن جابر بن عبد الله اسم> وسلمة بن الأكوع اسم> قال: رسم>
كنا في جيش فأتانا رسول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمتعوا فاستمتعوا متن_ح> رسم> وقال ابن أبي ذئب اسم> حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع اسم> عن أبيه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسم>
أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا تتاركا فما أدري أشيء كان لنا خاصة أم للناس عامة متن_ح> رسم> .
قال: أبو عبد الله اسم> وقد بينه علي اسم> عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه منسوخ.
تتعلق هذه الأحاديث بنكاح المتعة، وصفته: أن يتفق الزوجان على نكاح مؤقت؛ أي أسبوعا أو شهرا أو شهرين أو نحو ذلك فيعقد عليها ثم بعد ذلك يفارقها إذا انتهت المدة، ويدفع لها عن هذه المدة شيئا يسيرا.
وهذا النكاح قد كان معمولا به قبل الإسلام، ونسخ في الإسلام ورخص فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة الفتح، ثم نهى عنه، وذكر بعضهم إنما رخص فيه بضعة أيام، يعني أسبوعا أو عشرة أيام ثم بعد ذلك نهى عنه، ولعل سبب الرخصة؛ أنه دخل في الإسلام في تلك السنة عدد كثير من الأعراب ومن أهل البوادي والقرى ونحوهم، عشرة آلاف أو أكثر، وكانوا حديث عهدهم بهذه الأنكحة، وبعيدون أيضا عن نسائهم فخاف -صلى الله عليه وسلم- أن يقع الزنا، أو يقع فساد فرخص لهم أسبوعا أو عشرة أيام أن يستمتعوا، أن يتزوج الرجل امرأة سبعة أيام أو ثمانية أو نحوها يطؤها ثم يعطيها أجرة ثم يفارقها.
ثم بعد ذلك نهى عنه وأعلن النهي، وقال: رسم> من كان عنده امرأة بهذا النكاح فليخلي سبيلها، رسم>
وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا قرآن> رسم> وقال: إنه حرام إلى يوم القيامة رسم> واستقر الأمر على تحريمه تحريما مؤبدا؛ وذلك لأن هذه المرأة التي يستمتع بها لا يصدق عليها أنها زوجة، لا يصدق عليها ذلك؛ فإنها لا ترث ولا تورث ولا تدوم خدمتها، وإنما يطؤها يوما أو أياما وطء شهوة أو نحو ذلك وقد تعلق منه بولد، ثم يكون أثر ذلك قد تتضرر بالفراق؛ فلأجل ذلك نهى عنه.
ثم روي عن ابن عباس اسم> -رضي الله عنهما- أنه كان يبيح أكل لحم الحمر، الحمار الأهلي يبيح أكله ويقول: إنه من جملة بهيمة الأنعام؛ كالبقر والغنم ونحوها، وروي عنه أنه يبيح نكاح المتعة للضرورة إذا خشي الإنسان على نفسه الوقوع في الزنا، ولما أباح ذلك أنكر عليه العلماء أنكروا عليه المسألتين: إباحة الحمر وإباح المتعة.
ومن جملة من أنكروا عليه علي بن أبي طالب اسم> -رضي الله عنه- فهو في هذا الحديث يقول: رسم>
إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المتعة، عن متعة النساء، وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر اسم> متن_ح> رسم> .
فهم بعض العلماء أن النهي عن الاثنين يوم خيبر اسم> والصحيح أن النهي في يوم خيبر اسم> سنة سبع إنما هو عن لحوم الحمر؛ فإنهم لما كانوا في خيبر اسم> ذبحوا الحمير ونصبوا القدور، كانوا أحسوا بالجوع فقال، أو بعث مناديا رسم>
إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، فإنها رجس، ولما نصبت القدور قال: على أي شيء هذه القدور؟ قالوا: على لحم الحمر الأهلية، فقال: أهرقوها واكسروها متن_ح> رسم> من باب التشديد، قالوا: أو نهرقها ونغسلها، قال: أو ذاك.
فشدد فيها وذكر أنها محرمة وأنها رجس، فاستقر أمر المسلمين على أن لحم الحمر نجسة، وأن لبنها نجس وأنها لا تؤكل إلا أقوال شاذة وروايات ضعيفة عن بعض الظاهرية أو نحوهم.
فأما نكاح المتعة، فالصحيح أنه ما أبيح إلا في غزوة الفتح ولا استمرت إباحته إلا أياما قليلة، ولم يكن مباحا ولا حلالا قبل ذلك اليوم، بل كان قد استقر أن من أسلم فإنه لا يحل له إلا ما أحله الله؛ لقوله تعالى: رسم>
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ قرآن> رسم> فأخبر بأنهم لا يباح لهم الوطء إلا لزوجاتهم، ومعلوم أن هذه المستمتعة بها ليست زوجة، وإنما هي نكاح مؤقت قليل المدة، فلم يكن حلالا وإنما أبيح لحاجة ضرورية، وداراة لأولئك الذين كان حديثا عهدهم بالإسلام، وخوفا من أن يقعوا في فواحش الزنا؛ فلأجل ذلك ورد النهي عنه بعدما تمتعوا أياما قليلة، وحرم إلى يوم القيامة.
فعلى هذا ما معنى كلام علي اسم> ؟
فيظهر أن قوله يوم خيبر اسم> أو زمن خيبر اسم> يكون المراد به الفترة الأخيرة، كأنه قال: يا ابن عباس اسم> إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن نكاح المتعة، ثم قال: وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر اسم> فيكون يوم خيبر اسم> زمنه زمن للحوم الحمر الأهلية لا أنه للاثنين، رواه بعضهم بالمعنى فعكس وقال: نهى عن لحوم الحمر الأهلية، وعن نكاح المتعة يوم خيبر اسم> وهذا خطأ.
وقد فهم بعضهم أن النهي عن نكاح المتعة تكرر، أو أنه أبيحت في زمن خيبر اسم> ثم نهي عنها، ثم أبيحت في زمن الفتح ثم نهي عنها، ثم أبيحت في حجة الوداع ثم نهي عنها، وهذا خطأ.
على الصحيح أنه ما أبيح نكاح المتعة إلا أياما قليلة في زمن فتح مكة اسم> حيث إنهم أطالوا الغيبة، ثم نهي عن ذلك نهيا مؤبدا.
فهذه الأحاديث فيها ذكر الإباحة وأنه قال: إنه أبيح لكم أن تنكحوا النساء إلى أجل وبأجرة محددة؛ فالرخصة كانت عامة في تلك الغزوة، ولكن لم تدم الرخصة، هذا هو الذي عليه جمهور العلماء، وخالف في ذلك الرافضة، وادعوا أنه مباح، مع أنهم يتقيدون بما ثبت عن علي اسم> -رضي الله عنه- ويعظمون رواية علي اسم> خالفوا عليا اسم> في هذا الحديث.
ثم إنهم يكفرون ابن عباس اسم> ويكفرون أباه وغيره من الصحابة ومن أكابر الصحابة، ومع ذلك أخذوا بما روي عنه، ثم إن ابن عباس اسم> إنما أباحه للضرورة، ثم صح أيضا عنه أنه تراجع، وأنه منع من ذلك يعني منع من هذا النكاح، وأفتى بأنه حرام كقول الجمهور.
الرافضة يدعون أن الذي نهى عنه عمر بن الخطاب اسم> -رضي الله عنه- وأنه كان حلالا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر اسم> وعمر اسم> حتى نهى عنه عمر اسم> في شأن عمرو بن حريش اسم> في قصة مذكورة في مصنف عبد الرزاق اسم> أن عمرو بن حريش اسم> تأول وتزوج امرأة نكاح متعة فحملت، فأنكر عليه عمر اسم> ونهى وشدد وكاد أن يرجم فيه أو يعذب، ولكن عذر عمرو بن حريش اسم> لأنه لم يبلغه النهي.
واشتهر أن عمر اسم> -رضي الله عنه- كان ينهى عن المتعة، ولكن فهموا أنها متعة الحج بالسياق؛ وذلك لكثرة الأدلة على ذلك، أن الذي ينهى عنه هو التمتع بالحج إلى العمرة، وذلك لأنه يريد أن الحاج يعتمر في سفر مستقل ولا يعتمر مع حجته خاف أن يتعطل البيت من الزوار ومن الطائفين، فنهى عن متعة الحج، هذا هو الذي نهى عنه.
فالرافضة غلطوا أخذوا نهيه عن المتعة، وقالوا: إنه هو الذي نهى عن متعة النكاح، ليس هو النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا خطأ، فمتعة الحج تسمى متعة، نهى عنها حتى يكثر الزوار للبيت الحرام، حتى لا يتعطل البيت، وأما متعة النكاح فإنها ولو سميت متعة فإنها متعة خاصة ونهيه عنها نهي خاص في قصة عمرو بن حريش اسم> كما في صحيح مسلم.
وكذلك أيضا نهيه عن متعة الحج أشهر؛ فإنه كان كلما حج يأمر كل من حج أن يحج مفردا، ويقول: خصوا العمرة بسفر وخصوا الحج بسفر ليكون أعظم للأجر.
فالرافضة أخذوا كلمة نهى عن المتعة وظنوا أنها متعة النكاح، فغلطوا في ذلك وصاروا يسبون عمر اسم> أنه الذي حرم الحلال، حرم نكاح المتعة مع كونه حلالا، فيسبونه ويشتمونه وكذبوا على عمر اسم> -رضي الله عنه- في هذا.
مسألة>
-20-