موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
مِن طوائف الأمة مَن تشبه باليهود والنصارى
مِن طوائف الأمة مَن تشبه باليهود والنصارى
عدد المشاهدات
()
...............................................................................
وجد في الأمة من تشبه باليهود في التعطيل، ومن تشبه بالنصارى في التمثيل، وهما طرفا نقيض؛ المشبهة والمعطلة في طرفي نقيض. المعطلة أكثر وأشهر؛ فلذلك حمل عليهم أهل السنة وأكثروا من التحذير منهم، وكذلك حملوا أيضا على المشبهة، وفي ذلك يقول ابن القيم: اسم>
لسـنا نشـبه ربنـا بصفـاتنا | إن المشـبه عــابد الأوثان |
كلا ولا نخْـليه من أوصافه | إن المعطل عابد البهتان |
وذكروا عن بعض السلف أنه قال: المشبه يعبد صنما، والمعطل يعبد عدما، والموحد يعبد إلها واحدا فردا صمدا. ويقول آخر: من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر، وليس فيما وصف الله به نفسه من الصفات تشبيه؛ فهذا هو القول الوسط، وهو أن نثبت الصفات، ولا نصل في الإثبات إلى التشبيه، ولا نعطل فنجحد صفات الله تعالى فنكون بذلك معطلين؛ بل إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل. هكذا يقول أهل السنة.
المعطلة لما جاءتهم هذه النصوص ماذا فعلوا؟ سلطوا عليها التأويلات فلما سلطوا عليها التأويلات أصبحوا من الذين رسم>
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ قرآن> رسم> وفي آية أخرى: رسم>
مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ قرآن> رسم> والتحريف ذكروا أنه نوعان: أن التحريف نوعان: تحريف لفظ، وتحريف معنى. تحريف اللفظ تغيير الكلمة بزيادة أو بنقص، ومن ذلك قولهم: إن استوى بمعنى استولى زيادة لام؛ هذا تحريف لفظ، وهذه اللام ما وجدت في القرآن فهي زائدة شبيهة بالنون التي زادها اليهود لما قال الله: رسم>
وَقُولُوا حِطَّةٌ قرآن> رسم> فقالوا: حنطة. فهي زائدة. يقول ابن القيم اسم> في النونية:
نـون اليهـود ولام جهمي هما | في وحي رب العرش زائدتان |
نون اليهود في: حنطة، ولام الجهمي في: استولى؛ كلاهما زائدة في وحي الله تعالى، فالذين قالوا: استوى بمعنى استولى حرفوا تحريفا لفظيا.
ومن التحريف اللفظي أيضا ما ذكروا أن بعض المحرفين وبعض النفاة قرءوا قول الله تعالى في سورة النساء: (وكلم اللَّهَ موسى تكليما) (وكلم اللهَ)، وأرادوا أن موسى اسم> هو الذي كلم الله، وكذلك في سورة البقرة: (منهم من كلم اللَّهَ) غيروا وبدلوا؛ لأن القرآن جاء بقوله: رسم>
وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا قرآن> رسم> وأوضح ذلك في قوله تعالى: رسم>
وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قرآن> رسم> هذه الآية لا يقدرون على تغييرها رسم>
وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قرآن> رسم> فهذا من التحريف اللفظي.
أما التحريف المعنوي فهو صرف اللفظ عن ظاهره، أو عن ما يدل عليه؛ كثير منهم أولوا قوله تعالى: رسم>
تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ قرآن> رسم> قالوا: بيده أي تحت تصرفه وتقديره رسم>
بِيَدِكَ الْخَيْرُ قرآن> رسم> أي: بقدرتك. معلوم أن القدرة عامة. الله تعالى ذكر أن بيده الملك، والنبي عليه الصلاة والسلام ذكر ذلك أيضا في أحاديث كثيرة؛ في حديث الذكر: رسم>
بيده الخير وهو على كل شيء قدير متن_ح> رسم> وفي التلبية: رسم>
لبيك وسعديك والخير بيديك متن_ح> رسم> وفي حديث سعة النفقة يقول: رسم>
يمين الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار. أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض؟ فإنه لم يغض ما في يمينه، وبيده الأخرى القسط يخفض ويرفع متن_ح> رسم> فأثبت لله تعالى اليدين.
النفاة والمعطلة قالوا في قوله تعالى: رسم>
بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ قرآن> رسم> قالوا: المراد بقدرته، قالوا في قوله: رسم>
مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ قرآن> رسم> قالوا: أي بقدرتي أو بنعمتي، وهذا من التحريف؛ تحريف معنوي.
فعرف بذلك أن هناك من أثبت لله تعالى صفة اليد، وجعلها كيد المخلوق، وهناك من نفاها ونفى أن يكون لله تعالى يد حقيقية، وأنها صفة من صفاته، وكلا القولين باطل؛ إذا أثبتنا أن لله تعالى صفة اليد واليدين كما أثبت، وقلنا: إنها لا تشبه صفات المخلوقين فليس علينا اعتراض. هذا دليل على أن التوسط بين اليهود والنصارى هو أيضا توسط بين المعطلة والمشبهة.
مسألة>
-26-