المكتبة الصوتية
تسجيلات - محاضرات ودروس
أسماء الله وصفاته
بدعة الجهمية
وتوسط أهل السنة، ذكر شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية أن أهل السنة وسط في باب القضاء بين القدرية والجبرية، وذكر في كلامه على القدر أن أهل السنة يثبتون للعباد قدرة؛ ولكنها مسبوقة بقدرة الله تعالى، نعترف بأن ربنا سبحانه هو الذي أقدرنا، ولولا أنه أقدرنا ما قدرنا على أن نعمل ما نعمله سواء من أمور الدين أو من أمور الدنيا، وأنه الذي أقدر العباد على ما يقدرون عليه وعلى ما يعملونه؛ فهو الذي أعانهم وأقدرهم على أن اخترعوا هذه المخترعات، وعلى أن صنعوا هذه الصناعات، فهو الذي خلق أيديهم لتعمل بذلك، كما في قول الله تعالى: رسم>
وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ قرآن>
رسم> وكذلك أخبر بأنه خالق كل شيء في آيتين من القرآن: رسم>
اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ قرآن>
رسم> رسم>
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ قرآن>
رسم> كذلك يدخل في خلقه أفعال العباد، أي: أنه خالقها.
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ قرآن>
رسم> أثبت للإنسان مشيئة رسم>
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ قرآن>
رسم> ثم قال: رسم>
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قرآن>
رسم> فقوله: رسم>
فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ قرآن>
رسم> قد يستدل بها المعتزلة على أن الإنسان هو الذي يشاء باختياره، وقوله: رسم>
وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ قرآن>
رسم> قد يستدل بها الجبرية على أنه لا أحد يذكر إلا إذا أذكره الله، وفي ذلك دليل على الجمع بين القولين فنقول: إن الله أثبت مشيئة ثم أثبت أن تلك المشيئة مرتبطة بمشيئة الله تعالى؛ فدل على أن للعباد قدرة على أفعالهم، ولهم إرادة. والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، وبتلك القدرة التي منحهم الله تعالى تضاف إليهم أعمالهم؛ فالعبد هو المؤمن والكافر، والبر والفاجر، والمصلي والصائم.
وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ قرآن>
رسم> أثبت أنها تحمل وأنها تضع، وكذلك ينسب الأعمال إلى العاملين فيقول تعالى: رسم>
فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ قرآن>
رسم> فأثبت أنهم يكسبون، ويقول تعالى: رسم>
يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ قرآن>
رسم> أثبت أن يديه قدمت عملا، ويقول تعالى: رسم>
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا قرآن>
رسم> فأثبت أنها عملت خيرا وأنها عملت شرا، وأنها تجد ذلك، فذلك دليل على أن للعباد قدرة، وكذلك يجازيهم الله تعالى بأعمالهم فيقول تعالى: رسم>
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ قرآن>
رسم> أسلفتم يعني: قدمتم من الأعمال هذا جزاؤكم على ما عملتم، وكذلك يجازى الكافرون على أعمالهم كما في قوله تعالى: رسم>
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ قرآن>
رسم> أثبت أنهم مجرمون، أنهم مذنبون وأن ذنبهم يسمى جرما، ونسبه إليهم. ولو كان الله تعالى هو الذي أضلهم فإنه أضلهم بحكمة، علم هؤلاء أنهم ليسوا أهلا للهداية فخذلهم، وسلط عليهم أعداءهم حتى أضلوهم؛ فلا يجوز الاحتجاج بالقدر.