المكتبة الصوتية
تسجيلات - محاضرات ودروس
محاضرة بعنوان شكر النعم (3)
نماذج من نعم الله تعالى التي خص بها أهل الجزيرة
كذلك منها -أيضا- نعمة رابعة: وهي نعمة العلم؛ الذي يسر الله تعالى أسبابه. لقد كان قبل ستين أو سبعين سنة يغلب على البوادي، وعلى سكان القرى: الجهل والأمية، وعدم العلم بشيء من الأحكام، وعدم قراءة القرآن أو السنة أو غيرها مما هو من دين الله تعالى. فكان أهلهم يبلغ الستين أو السبعين من عمره وهو لا يحسن أن يتطهر، ولا يعرف نواقض الوضوء، ولا يعرف كيفية الصلاة، جهل قد عمَّ في تلك القرى، وفي تلك المدن؛ وذلك لأنه لم يأتهم من يبصرهم، وأيضا فإنهم لم يكن لهم اهتمام بما يحتاجون إليه من العلم، وأيضا فإنهم ليس لهم شغل إلا الشغل في أموالهم، منشغل كل منهم بحرفته أو بتجارته أو بماشيته أو بحراثته، فأن ومتى يتفرغون للتعلم؟.
وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ قرآن>
رسم> أي: يسر تعليمه؛ فلذلك نتواصى بأن نبذل الجهد في التعلم؛ لوجود وسائله وسهولتها، فنتعلم القرآن -لفظه ومعناه- ونعمل به؛ فإن ذلك هو المطلوب منا، يقول بعض السلف: أنزل القرآن ليعمل به، فاتخذ الناس قراءته عملا. لا شك أيضا أن قراءة القرآن عمل يثاب عليه، ويكون فيه أجرا؛ ولكن نتعلم مع ذلك معانيه التي احتوى عليها حتى نفهمه؛ وحتى نعرف ما يهدف إليه قرآننا الذي أنزله الله تعالى علينا، والذي عظم شأنه؛ لقوله تعالى: رسم>
وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى قرآن>
رسم> أي- لكان هذا القرآن، ويقول تعالى: رسم>
لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قرآن>
رسم> .
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ قرآن>
رسم> فأمره بأن يبين للناس السنة التي أنزلت إليهم؛ حتى يعملوا بها؛ وحتى يطبقوها ويكونون على بصيرة من دينهم، والوسائل متوفرة والحمد لله، فهذه من أفضل نعم الله سبحانه: نعمة العلم الذي من حازه فإنه من أفضل السابقين، قال الله تعالى: رسم>
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ قرآن>
رسم> الجواب: لا يستوون، ثم أيضا مدح أهله الذين يحملونه، الذين يحملون القرآن ويحملون الأحاديث التي يحفظونها ويعملون بها، مدحهم بأنهم الذين يخافون ربهم ويعبدونه، قال الله تعالى: رسم>
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ قرآن>
رسم> أي: لا يخشاه حق الخشية إلا أهل العلم.
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ قرآن>
رسم> .