المكتبة الصوتية
تسجيلات - محاضرات ودروس
محاضرات بعنوان: عناية السلف بالحديث الشريف
دور أصحاب الكتب الستة في حفظ الحديث
ثم إن بعد البخاري اسم> -رحمه الله- من الذين كتبوا في الحديث مسلم بن الحجاج اسم> صاحب الصحيح؛ صحيح مسلم. كان أيضا من الحفاظ. ألف كتابه الذي هو صحيح مسلم اسم> وابتدأه بعد المقدمة بكتاب الإيمان، ولكنه لم يذكر تراجم كما فعل البخاري اسم> وأيضا ذكر في كتاب الإيمان كل شيء يتعلق بالعقيدة؛ فافتتح كتاب الإيمان بحديث جبريل اسم> المشهور، الذي رواه عمر اسم> -رضي الله عنه- وكذلك بعده بحديث أبي هريرة اسم> الذي رواه في نزول جبريل اسم> وسؤال النبي -صلى الله عليه وسلم-.
من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة متن_ح>
رسم> والأحاديث التي في الرجاء، والأحاديث التي يحتج بها الخوارج والمعتزلة التي فيها وعيد شديد؛ التي فيها الوعيد بالنار لمن فعل معصية أو نفي الإيمان أو نحو ذلك؛ مثل حديث: رسم>
لا يدخل الجنة نمام متن_ح>
رسم> من أحاديث الوعيد، وكذلك الأحاديث التي فيها نفي الإيمان أو نفي الاتباع؛ مثل قوله: ليس منا من فعل كذا، رسم>
ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية متن_ح>
رسم> وغير ذلك.
أخرجوا من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي قلبه مثقال دينار من إيمان متن_ح>
رسم> ثم قال: (مثقال شعيرة من إيمان، مثقال ذرة، مثقال حبة خردل) مما يدل على أن أهل الإيمان يتفاوتون بقوة الإيمان في قلوبهم، وغير ذلك من الأحاديث، وأن الإيمان يضعف في القلوب.
من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان متن_ح>
رسم> فجعل الإيمان يضعف. يكون منه قوي ومنه ضعيف، وهذه الأحاديث وغيرها تدخل في الإيمان، وتدخل أيضا في العقيدة؛ فجعل كتاب الإيمان عامّا لما يتعلق بالرد على المبتدعة؛ الرد على المرجئة، والرد على الوعيدية كالخوارج والمعتزلة، والرد على المعتزلة أيضا فيما يتعلق بالصفات، والرد على المفسقة ونحوهم، فكتابه الذي قدمه كتاب مفيد. يعني: في أول صحيحه يدل على عنايته -رحمه الله- بالأحاديث.
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ قرآن>
رسم> هذا عمل قلب، رسم>
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا قرآن>
رسم> هذا دليل على أن الإيمان يزيد، رسم>
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ قرآن>
رسم> هذا أيضا عمل قلب، رسم>
الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ قرآن>
رسم> فجعل النفقة والصلاة ونحوها من الإيمان، رسم>
أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا قرآن>
رسم> فالنفقات من الإيمان، والصلاة من الإيمان، والتوكل من الإيمان. والإيمان يزيد، وكل شيء يقبل الزيادة فإنه يقبل النقص.
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ قرآن>
رسم> فذكر ستة أعمال جعلها صفات للمؤمن. إنما المؤمن حقا هو الذي يكون على هذه الأعمال. يعني: رسم>
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا قرآن>
رسم> إنما يكون المؤمن بآيات الله الذي يكون هكذا. لا شك أن هذا أيضا دليل صريح في أن الأعمال من مسمى الإيمان.
من وجأ نفسه بحديدة متن_ح>
رسم> -يعني: طعن نفسه بحديدة- رسم>
فقتل نفسه، فحديدته في يده يجأ بها نفسه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه متن_ح>
رسم> -يعني: التهم السم وقتل نفسه- رسم> فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من شاهق رسم> -يعني: من رأس جبل- رسم>
فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا متن_ح>
رسم> .
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا قرآن>
رسم> توعده بهذا الوعيد الشديد لما قتل مؤمنا، فذلك بلا شك دليل على أن هذه المعاصي يعاقب عليها ويتوعد عليها، ولو كان الخلود يراد به طول الإقامة. الخلود والتأبيد يراد بها المكث الطويل. يعني: يمكن أن بعضهم يمكث في النار مائة سنة أو مائتين أو ألف سنة. أليس ذلك عذاب شديد؟ أليس يلاقي هذا العذاب؟ يعذب كما يعذب الكفار الذين يخلدون فيها، والذين قال الله عنهم: رسم>
كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا قرآن>
رسم> ويقول: رسم>
كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا قرآن>
رسم> .
إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله متن_ح>
رسم> وقول النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه متن_ح>
رسم> والجواب أن كلمة (لا إله إلا الله) قيدت بالقيود الثقال. ذكر العلماء لها سبعة شروط. نظمها بعضهم بقوله: | علـم يقين وإخـلاص وصدقك معْ | محبـة وانقيـاد والقبـول لهـا |
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا قرآن>
رسم> مع أنه أكل لمال؛ مع أن ذلك الآكل قد يكون يصلي، ويصوم ويتصدق ويجاهد، ولكن لما أنه ظلم توعده الله تعالى بالعذاب.
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ قرآن>
رسم> فأخبر بأنهم إذا قالوا: فلانة زنت، وهي محصنة عفيفة، أو فلان زنى أو زان، وهم كاذبون عليه فإنه يعاقبهم بهذه العقوبة. أليس ذلك دليلا على أن المعاصي لا يتهاون بها، وأن الذين يتهاونون بها ويسمون مرجئة أنهم على خطر من العذاب؟! فلا يجوز للمسلم أن يتهاون بالعذاب، وعليه أن يجدد أمر العقيدة، وأن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.
فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ قرآن>
رسم> وقوله: رسم>
أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا قرآن>
رسم> ونحو ذلك من الآيات فالإيمان يزيد وينقص فالكلمة التي هي ذكر لله تعالى أو أمر بالمعروف أو نهي عن منكر أو تسبيح، أو تحميد أو قراءة لآيات من القرآن يزيد بها إيمانك، والكلمة التي هي سب أو شتم أو لعن أو قذف أو غيبة أو نميمة ينقص بها إيمانك، ونظرك مثلا في المصحف أو في كتب العلم، أو نظرك في آيات الله للاعتبار يزيد به إيمانك، ونظرك إلى الصور الخليعة مثلا وإلى النساء المتكشفات وما أشبه ذلك ينقص به إيمانك، وسماعك للذكر وسماعك للعلم، وسماعك للفوائد يزيد به إيمانك، وسماعك للغناء وللطرب وللمزامير وللكلام القبيح ينقص به إيمانك. ونفقتك في وجوه الخير، وصدقتك على المساكين ونحوهم وفي سبيل الله يزيد بها إيمانك، ونفقتك في شراء آلات الملاهي أو في إفساد الأموال وشراء المحرمات وما أشبه ذلك ينقص بذلك إيمانك، وخطواتك إلى المساجد تبتغي بذلك الصلاة والعلم والفائدة يزيد بها إيمانك، وخطواتك إلى أماكن اللعب وأماكن الفواحش وأماكن الرقص والغناء وما أشبه ذلك ينقص بها إيمانك، فحاول أن تفعل الأشياء التي يزيد بها إيمانك، وتجنب ما ينقص إيمانك. ذلك لأنه إذا تعاطى ما ينقص إيمانه دائما أو شك أن ينقص الإيمان حتى لا يبقى منه شيء، وإذا اضمحل الإيمان خلفه الكفر -والعياذ بالله-.