موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
عدم قبول الدعاء مع وجود أسبابه بسبب خبث المطعم
عدم قبول الدعاء مع وجود أسبابه بسبب خبث المطعم
عدد المشاهدات
()
رسم> ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب ومطعمه حرام وملبسه حرام ومشربه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له؟ متن_ح> رسم> أي: كيف يستجاب له ذكر أربعة أسباب من أسباب إجابة الدعاء:
السبب الأول طول السفر: لأن المسافر عادة يكون منكسر القلب، ويكون متواضعا للرب؛ ولذلك ورد أن دعوة المسافر مستجابة سيما إذا كان سفره بعيدا إذا طال سفره شهرا أو أشهرا وهو يشد الرحل من مكان إلى مكان، فإنه يحصل في قلبه رقة، ويحصل في قلبه انكسار وتذلل، ويتواضع لربه فيكون ذلك أدعى إلى أنه إذا دعا الله بقلب حاضر دعا الله بقلب منكسر متواضع لربه ومع ذلك ما استجيب دعاء هذا المسافر الذي سفره طويل.
السبب الثاني كونه أشعث أغبر: أشعث يعني رأسه منتفش منتشر الشعر مغبر شعره ومغبر أيضا بدنه؛ وذلك لعدم تفرغه للعنايه بنفسه، وإذا كان العبد في هذه الصفة أشعث أغبر كان ذلك أقرب إلى أن يكون قلبه منكسرا وذليلا ومتواضعا ورد ذلك في حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره متن_ح> رسم> أشعث أغبر يعني لم يكن يعتني ببدنه ذي طمرين أي في ثياب خلقةلم يكن له عناية بنفسه تواضعا لربه وتذللا وتمسكنا لو أقسم على الله لأبره أي: أجاب طلبته وبر قسمه مع ذلك هذا الرجل أشعث وأغبر ولم يستجب دعاؤه.
السبب الثالث أنه يمد يديه إلى السماء حالة دعائه: وهذا أيضا من أسباب إجابة الدعاء قال النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا متن_ح> رسم> أي خاليتين فجعل رفع اليدين في الدعاء لله تعالى سببا كبيرا في إجابة الدعوة وسببا في إجابة هذه الدعوات فإذا لم يستجب دل على قوة المانع، فهذا يمد يديه ومع ذلك لم يستجب دعاؤه وذلك لمانع قوي حال بينه وبين ذلك.
السبب الرابع تكراره للدعوات وللرب: توسله بقوله: يا رب يا رب يتوسل إلى الله بأنه ربه وبأنه مربيه ويعترف بأنه المالك له الرب هو المالك الرب هو المربي ومع ذلك هذه الأسباب تكرار الربوبية يا رب يا رب وكونه يرفع يديه وكونه أشعث وأغبر وكونه طويل السفر ومع ذلك لم يقبل دعوته لماذا؟ لأن مطعمه حرام أي طعامه الذي يأكله كله من الحرام ومشربه حرام لا يشرب إلا من الحرام وملبسه وكسوته حرام وغذي غذاؤه من الأصل حرام، فكان ذلك سببا لرد دعواته.
ورد أيضا ما يدل على تعذيب من تغذى بالحرام ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
كل لحم أو كل جسد نبت على سحت فالنار أولى به متن_ح> رسم> السحت هو المال الحرام ونبات جسده يعني تغذيه أي أن كل من تغذى ونبت جسده بمال حرام وبغذاء حرام فالنار أولى به -والعياذ بالله-.
فهذه أدلة تدل على أن الكسب الحرام والمال الحرام سبب لمنع الدعاء ولعدم إجابته إجابة الدعاء.
ولذلك كانوا إذا خرجوا يستغيثون يطلبون الرب أن يغيثهم اختاروا أن يدعو لهم الداعي المخلص الذي لم يشب كسبه بحرام، فيرون أثر الإجابة يرون أثر إجابة دعوته مشاهدا؛ أنه إذا كان الذي يدعو الله تعالى من أهل الإخلاص ومن أهل الحلال استجاب الله دعوته وأغاثهم.
وقد كنا قبل خمسين سنة أو ستين سنة لا نعرف غالبا المكاسب المحرمة، وأغلب الناس يأكلون من كسب أيديهم من كد أيديهم ومن عرق جبينه يأكل أحدهم من كد يده، فيعمل طوال النهار بأجرة يسيرة، وكذلك يحرث ويزرع ويحمل على ظهره ويبيع مما يحمله حتى يكون رزقه حلالا فإذا جفت البلاد وقحط المطر خرجوا يستغيثون، وبمجرد ما يستغيثون غالبا لا يأتي تمام الأسبوع إلا والمطر قد نزل عليهم والسحب قد تكاثفت وتراكمت والسيول قد مشت مع الأودية وزال ذلك القحط وزالت تلك الشدة بسبب الدعوة الطيبة التي دعا بها أناس مخلصون.
وهكذا لا يزال الذين يقتصرون على الحلال أن الله تعالى يستجيب دعوتهم فنعرف بعض الناس يكتسبون كسبا حلالا إما مثلا عملا بيده يعمل أحدهم بيده فيقوت نفسه، وإما يعمل في حرث ويقوت به نفسه ويتغذى به ويبتعد عن الأشياء المشتبهة فنرى أنهم مستجابة دعوتهم.
كما ذكر لنا عن أحد المشائخ أنه إذا قرأ على المريض فبمجرد ما يقرأ عليه دعوات قليلة يزول ألمه ويشفى بإذن الله.
ويؤتى مثلا بإناء فيه ماء ليقرأ فيه للمريض فلا ينفث فيه خمس مرات أو عشر مرات إلا ويطيش ذلك الإناء ويمتلئ، ثم يكون له الأثر العجيب في شفاء من يشربه وزوال الأمراض التي يعانيها ذلك المريض، وكم رأينا وكم سمعنا قديما وحديثا من الذين تغذوا بغذاء حلال واقتصروا عليه أحدهم إذا أتي بالمريض مريض من مس جان أو مريض من سحر أو مريض من إصابة عين أو مريض من أية أمراض عرضت له بمجرد ما يقرأ على المريض مرة أو مرتين يزول ذلك المرض منه فيخرج منه الجان الذي قد لابسه، ويعاهد الله ألا يعود إليه ما دام هذا الشخص حيا.
كما ذكر ذلك عن الإمام أحمد اسم> -رحمه الله- وعن شيخ الإسلام ابن تيمية اسم> -رحمه الله- وكذلك عن مشائخ ذكروا لنا في هذه المملكة اسم> أن فلانا وفلانا كان من شأنه أنه لا يتغذى إلا من كد يده ولا يأكل من شيء فيه شبهة، وأنه بإذن الله صارت علاجاته ناجحة وقراءته ورقيته نافعة مفيدة لماذا؟ لأنه طيب المطعم.
والحديث الذي ذكرنا عن سعد بن أبي وقاص اسم> الذي قال: رسم> أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة رسم> فسعد اسم> -رضي الله عنه- كان مستجاب الدعوة؛ وذلك لأنه يتحرج عن أن يأكل شيئا فيه شبهة، ومع ذلك كان مستجاب الدعوة.
لما كان يصلي أو كان إماما في أحد بلاد العراق اسم> فاشتكوه بأنه لا يحسن يصلي، واشتكوه بأنه وبأنه فقال رجل من عبس: إذا سألتمونا عن سعد اسم> فإنه لا يخرج في السرية، ولا يعدل في الرعية، ولا يقسم بالسوية يعيبه بذلك، فقال سعد اسم> -رضي الله عنه- اللهم إن كان كاذبا فأطل عمره، وأعم بصره، وعرضه للفتن فاستجيبت دعوة سعد اسم> فطال عمره حتى تدلت حواجبه على عينيه، وعمي بصره فكان بعد ذلك يمشي ويلتمس الجدران ويقول: شيخ كبير أصابتني دعوة سعد اسم> فهذا مما دعا على من ظلمه فكيف لو دعا على من يحبه؟ فإن الله يجيب دعوته.
مسألة>
-8-