موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
الأدلة على فضل قيام الليل
الأدلة على فضل قيام الليل
عدد المشاهدات
()
فأحب -في هذه الأمسية المباركة- أن أذكر شيئا من الأدلة على فضل قيام الليل، ومعناه، وكذلك –أيضا- على كيفيته.
قيام الليل يراد به: التهجد الذي أمر الله به نبيه -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال تعالى: رسم>
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا قرآن> رسم> هكذا رسم>
وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ قرآن> رسم> ؛ أي: تهجد بالقرآن الذي أنزله الله تعالى عليك. يقول تعالى: رسم>
فَتَهَجَّدْ بِهِ قرآن> رسم> ؛ أي: بهذا القرآن. أخبر بأنه ينزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين، وأن المصلين مأمورون بأن يتهجدوا بهذا القرآن؛ فالتهجد: هو الصلاة في الليل.
وقال الله تعالى في صفة عباد الرحمن: رسم>
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا قرآن> رسم> إلى قوله: رسم>
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا قرآن> رسم> رسم>
يَبِيتُونَ قرآن> رسم> ؛ يعني: يقطعون الليل. يقطعون ليلهم في هذا العمل رسم>
سُجَّدًا وَقِيَامًا قرآن> رسم> اقتصر على السجود؛ لأنه أفضل أركان الصلاة، ثم على القيام؛ لأنه أطولها. والسجود فيه: الدعاء، والذكر. والقيام فيه: قراءة القرآن، وفيه التأمين على قراءة الفاتحة. هكذا مدحهم أنهم رسم>
يَبِيتُونَ قرآن> رسم> ؛ يعني: ليلهم كله في هذا التهجد. يبيتون رسم>
سُجَّدًا وَقِيَامًا قرآن> رسم> .
ثم ذكر فضلهم، وذكر جزاءهم، فقال في آخر الآيات: رسم>
أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا قرآن> رسم> هذا جزاؤهم رسم>
وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً قرآن> رسم> الغرفة: جنس الغرف -يعني- الغرف المبنية في الجنة رسم>
غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ قرآن> رسم> جعلها الله تعالى مساكن لعباد الرحمن، وجعل من أعمالهم هذا القيام الذي هو أنهم رسم>
يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا قرآن> رسم> .
وهكذا –أيضا- وصفوا في آية أخرى بقوله تعالى: رسم>
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قرآن> رسم> رسم>
قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ قرآن> رسم> الهجوع: هو النوم –يعني- لا ينامون إلا قليلا، لا ينامون في الليل إلا جزءا يسيرا بقية الليل، ماذا يفعلون؟ يصلون، ويتهجدون، ويركعون ويسجدون، ويتلذذون بهذه الصلاة التي يحبها الله تعالى.
وإذا كان في آخر الليل جلسوا يستغفرون –أي- يستغفرون ربهم، يُحسون بأنهم لم يقوموا بما يلزمهم، كأنهم مذنبون في ليلهم؛ فيختمون ليلهم بالاستغفار كما أمروا بذلك، أو كما مدحوا بذلك في آية أخرى؛ ففي قول الله تعالى: رسم>
الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ قرآن> رسم> ؛ يعني: أنهم في آخر الليل يستغفرون. كيف ذلك مع أنهم طوال ليلهم وهم يصلون؟ إذا جاء في آخر الليل يقولون: ربنا اغفر لنا.. ربنا اغفر لنا.. ربنا اغفر لنا. نستغفرك ونتوب إليك من تقصيرنا ومن إساءتنا ومن نقصنا. هكذا كانت حالتهم؛ ليلهم في تهجد، وآخر ليلهم في استغفار. هذا -بلا شك- مدح لمثل هؤلاء.
كذلك أيضا ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أفضل الأعمال فقال: رسم>
الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل، وقرأ قول الله تعالى: رسم> تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قرآن> رسم> متن_ح>
رسم> جزاؤهم على أعمالهم هذا الجزاء الأوفى رسم>
فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ قرآن> رسم> لا يعلم أحد ما جزاؤهم عند الله تعالى؛ حيث أخفى جزاءهم فلا يعلمونه إلا بعدما يشاهدونه رسم>
مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ قرآن> رسم> .
من عملهم: أنهم إذا تتلى عليهم آيات ربهم يخرون عليها. يخرون: يسجدون رسم>
خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ قرآن> رسم> .
ثم ذكر أنهم رسم>
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ قرآن> رسم> – أي- ما تطمئن على الفرش، يتقلبون من جنب إلى جنب، ثم مع ذلك يقومون إلى الصلاة، لا يهنؤهم النوم.
ذكر عن كثير منهم أنه كلما اضطجع وجلس على فراشه ربع ساعة أو نصف ساعة وهو يتململ قام وكبر وصلى، ثم إذا سئم جاء واضطجع ولا يهنأه النوم؛ حتى يقوم مرة أخرى فيصلي. هكذا رسم>
تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ قرآن> رسم> –أي- تمل من المضجع ولا تريده؛ ولو كان فراشا وطيئا؛ ولو كان فراشا لذيذا، وما ذاك إلا أنهم يحسون بأن الصلاة التي يقومون إليها ويصلونها أنها لذتهم؛ فلذلك لا يهنأهم النوم.
كذلك أيضا ورد في الأحاديث أدلة كثيرة تفيد الحث على الصلاة في الليل، والتهجد، وذكر حالة المتهجدين، زيادة على ما ذكر الله تعالى في مثل هذه الآيات الكريمات.
ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أول ما قدم المدينة اسم> سمعه عبد الله بن سلام اسم> أول ما سمع منه أنه قال: رسم>
أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام.. تدخلوا الجنة بسلام متن_ح> رسم> يعني: أن صلاتك إذا هجع الناس حولك وأخذوا مضاجعهم، وقمت تصلي فإن ذلك من أشرف الأعمال؛ حيث إنك انفردت بهذا العمل دون غيرك ممن حولك رسم>
صلوا بالليل والناس نيام متن_ح> رسم> .
وكذلك ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين متن_ح> رسم> وهذا خير كثير، مجرد أنك تقوم الليل؛ ولو لم تقرأ إلا عشر آيات، عشر آيات فقط من القرآن في ليلتك، وفي صلاتك لا تكتب من الغافلين؛ فإن الغافلين.. هم الذين حرموا من فضل الله تعالى، وحرموا من أداء هذه العبادة.
كذلك أيضا ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم>
رحم الله رجلا قام من الليل، وأيقظ امرأته؛ فإن أبت نضح في وجهها الماء. رحم الله امرأة قامت من الليل، وأيقظت زوجها؛ فإن أبى نضحت في وجهه الماء متن_ح> رسم> –يعني- من باب التنشيط، يعني: أنه قد يكون متثاقلا في النوم، فإذا صُب على وجهه الماء؛ فإنه يزول عنه النعاس، ويزول عنه الكسل؛ ويقوم نشيطا -بإذن الله تعالى-. هذا من فضل الله.. أنه يستحق الرحمة إذا أقام امرأته، أو أقامت زوجها.
وورد –أيضا- في حديث آخر أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: رسم> إذا قام الرجل من الليل، وأيقظ امرأته، فصليا، كتبا من القانتين والقانتات رسم> -أي- كتب الله تعالى لهم هذا الأجر؛ وذلك لأنهما يتعاونان على الخير، يساعد الرجل امرأته، فيقوم وتقوم معه، وكل منهما يصلي؛ فيكونان بذلك من القانتين الذين مدحهم الله في قوله تعالى: رسم>
وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ قرآن> رسم> إلى قوله: رسم>
أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا قرآن> رسم> .
فنقول: لا شك أن هذه الأدلة الواضحة تفيد أن قيام الليل والصلاة فيه من أفضل القربات، وأشرف الأعمال.
مسألة>
-2-