كَذَلِكَ أَيْضًا مِنَ الْفِتَنِ- من فِتَن هذا الزمان- فتنة المال الذي قد طَغَتْ محبته على القلوب حتى آثَرَهُ خَلْقٌ كثير, وقدموه على ما هو حَقُّ الله تعالى, ولم يبالوا بِحِلٍّ وحرمة, وهذه أيضًا فتنة عامة. إما لها دعاة يدعون إليها, وإما دواعيها هي ما في النفس من الْجِبِلَّة التي هي محبة المال.. أوقعت الكثير فيما هو محرم, فإن كثيرًا من الناس أخذوا يتباهون بكثرة الأموال رسم> أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ قرآن> رسم> رسم> وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ قرآن> رسم> فافتتن به الخلق الكثير, فقالوا: فلان ما فعل كيف حَصَلَ على هذا المال الذي أصبح به ثَرِيًّا, وبَنَى به عماراتٍ وطبقاتٍ؟ وتَمَلَّكَ كذا وكذا من الأملاك في داخل البلاد وخارجها؟ وصار يُعْطِي نفسه ما تَلَذُّه, وتميل إليه, فانْخَدَع به وبِدَعَايَاتِهِ الخلقُ الْكَثِير, فَحَرِصُوا على جمع المال من غير حِله فوقعوا مثلًا في أخذ الرشا ونحوها, أو في أكل الأموال الربوية, أو في الغش في المعاملات. كل ذلك حرص على أن تنمو أموالهم, أو في السرقة والاختلاس, أو في أخذ الأموال من بيت المال, أو غيره بغير وجوهه. يريدون بذلك أن تكثر وتنمو أموالهم, حتى يحصل لهم مثل ما يحصل لفلان.. فإذا حصل لهم, حصلت لهم تلك الأموال الطائلة عند ذلك ينعمون أنفسهم كما يقولون, يعطون أنفسهم شهواتها.. يلبسون ما يشاءون, سواء من حِلٍّ أو من حرمة, يطيلون مثلًا اللباس, كذلك أيضًا يتشبهون في اللباس بلباس الكفار ونحوها, يسافرون إلى البلاد الخارجية كما يقولون, ويُنَعِّمُون أنظارهم إلى تلك المرائي القبيحة التي هي لذيذة عند أنفسهم البهيمية, وهكذا.