المكتبة الصوتية
تسجيلات - محاضرات ودروس
الربا وما يتعلق به من أحكام
ومنها أيضا المعاملات الربوية، التي المقام مقام البحث فيها، وقبل أن نبدأ فيها نقول: على الإنسان أن يحرص على طيب كسبه، وعلى أن لا يدخل عليه إلا كسب حلال، ألا يتغذى إلا بغذاء مباح بغذاء طيب؛ فإن للغذاء الطيب تأثيرا في العقل، وتأثيرا في النفس، وتأثيرا في العبادة، وتأثيرا في المجتمع، الغذاء الطيب الكسب الحلال يكسب بدنك قوة أتم من غيرها، يكسب قلبك صفاء وإخلاصا ومودة، الغذاء الطيب يكون سببا في قبول الأعمال، يكون سببا في إجابة الدعوات، الغذاء الطيب غذاء الأبدان الطيبة، يكون سببا في بركة الله، ومباركته للأعمار وللأعمال وللأموال، وأثر ذلك واضح.
كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به متن_ح>
رسم> والمراد إذا تغذى بالسحت، الذي هو: المال الحرام بجميع أنواعه، إذا نبت على هذا الحرام فالنار أولى به -والعياذ بالله- وقد اشتهر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن إجابة الدعاء من أسبابها إطابة المطعم، فقال لسعد اسم> رسم> أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة رسم> .
إن الله طيب، لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: رسم>
يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا قرآن>
رسم> وقال تعالى: رسم>
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ قرآن>
رسم> ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث، أغبر، يمد يديه إلى السماء: يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟! متن_ح>
رسم> .
أشعث أغبر متن_ح>
رسم> يعني: متضعف متذلل، ليس له عناية ببدنه، ورأسه قد تشعث، ووجهه قد اغبر، وذلك من صفة الذل، ومع ذلك ما استجيب دعاؤه، مع أن الأشعث الأغبر غالبا يجيب الله دعاءه؛ لأنه خاشع القلب، ونذكر الحديث الذي يقول فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- رسم>
رب أشعث أغبر ذي طمرين، مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره متن_ح>
رسم> .
إن ربكم حيي كريم، يستحيي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صِفْرا متن_ح>
رسم> يعني: خاليتين، ومع ذلك ما أجيب دعاؤه، كذلك وصفه بأنه يكرر السؤال، يكرر للنداء، يدعو ربه: يا رب، يا رب، معترف لله بالربوبية، معترف بأنه ربه، أي: مالكه وخالقه ومدبره، والمتصرف فيه، ومع ذلك ما أجيب دعاؤه، وسبب ذلك خبث المطعم، وخبث مطعمه، فإذن المسلم يحرص على إطابة مطعمه؛ حتى تجاب دعواته؛ وحتى تقبل صلواته، وسائر عباداته.
الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه - ثم يقول- ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه متن_ح>
رسم> إلى آخره، فأنت إذا رزقك الله علما وبصيرة؛ عرفت الكسب الحلال عرفته؛ لأن الحلال تطمئن إليه النفس، يطمئن إليه القلب؛ لأن الحلال آثاره واضحة، وأدلته صحيحة صريحة، فليس فيه توقف، الحلال: الكسب الطيب.
ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام متن_ح>
رسم> .
فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه متن_ح>
رسم> براءتك لدينك أن يسلم من الوصمة، أن يسلم من القدح، يسلم دينك، وتسلم عباداتك مما يقدح فيها، ومما ينقصها، وتسلم عباداتك مما يبطلها، أو ينقص ثوابها.