موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
حديث: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
حديث: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه
عدد المشاهدات
()
وهناك حديث آخر يتعلق أيضًا بالسنة والبدعة، وهو ما روت عائشة اسم> رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رسم> مَنْ أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد ٌّ متن_ح> رسم> وفي رواية: رسم> من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ متن_ح> رسم> يُبَيِّنُ هذا الحديث أن السنة هي ما عَلَّمَهُ النبي صلى الله عليه وسلم وما بَلَّغَهُ، وأنه لا يجوز لأحد أن يحدث في العبادات ما ليس منها، وأن يضيف إليها شيئًا لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم.
وذلك لأن الله تعالى أمره بالبيان، أمره بأن يبين للناس ما نُزِّلَ إليهم، قال الله تعالى: رسم>
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ قرآن> رسم> وقد شهد له الصحابة رضي الله عنهم بأنه بَلَّغَ، وبأنه عَلَّمَ، وبأنه أَدَّى الرسالة في حجة الوداع لما كان في عرفة اسم> خطبهم خطبة طويلة، ثم لما خطبهم بَيَّنَ لهم بعض المحرمات، فوضع كل شيء من أمر الجاهلية، فقال: رسم>
إن كل أمر الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي متن_ح> رسم> فَمِنْ ذلك أنه وضع دماء الجاهلية، الدماء التي هي القتال والإحن التي كانت بينهم، وقال: رسم> أول دم أَضَعُهُ دم فلان رسم> رجل من بني هاشم قتلته هُذَيْل، رسم>
وكُلُّ ربًا من ربا الجاهلية فهو موضوع، وأول ربا أضعه رِبَا العباس متن_ح> رسم> الذي هو عمه، أمر بوضعه.
كذلك أيضًا: أخبرهم في خطبته بِحَقِّ النساء، فقال: رسم>
اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم من تكرهون، وألا يَأْذَنَّ في بيوتكم لمن لا تريدون، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشَكم من تكرهون متن_ح> رسم> وعَلَّمَهُمْ ما يحتاجون إليه.
بعد ذلك قال: رسم>
لِيُبَلِّغِ الشاهد منكم الغائب، فَرُبَّ مبلغ أوعى من سامع متن_ح> رسم> وقال: رسم>
ألا هل بلغت، إنكم مسؤولون عني، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بَلَّغْتَ وَنَصَحْتَ وَأَدَّيْتَ متن_ح> رسم> ؛ يعني نصحت الأمة، وبينت لهم ما يحتاجون إليه، شهدوا له بالبيان، وشهدوا له بالبلاغ.
لا شك أن هذا دليل على أنه بَلَّغَ ما أُنْزِلَ إليه، وأن جميع السنة التي بَلَّغَهَا مما يجب العمل بها، ومما لا يجوز مخالفتها، ومع ذلك لا يجوز الزيادة عليها؛ وذلك لأن الله تعالى أَكْمَلَ له الدين في وقفته بعرفة اسم> التي هي حجة الوداع، نزلت عليه هذه الآية في سورة المائدة: رسم>
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا قرآن> رسم> ؛ فكان ذلك علامة على أن الدين قد كَمُلَ؛ ولأجل ذلك لما نزلت -قال الصحابة أو- خافوا، قالوا: ما تم شيء إلا وبدأ في النقص، فأخذ ذلك بعض الشعراء بقوله:
إذا تَــمَّ أَمْــرٌ بــدا نَقْصُــهُ | تَـرَقَّـبْ زَوَالا إذا قيـــل تــم |
وفي ذلك إشارة إلى أن الله تعالى قد أكمل لنا الدين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد انقضت مهمته التي هي البلاغ: رسم>
إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ قرآن> رسم> فما بقي إلا أن يُعَلِّمَ أمته ويبين لهم، وما بقي عليهم إلا أن يعملوا؛ فلا يجوز لهم بعد ذلك أن يضيفوا، ولا أن يبتدعوا، ولا أن يزيدوا في هذا الدين، فمن زاد فيه شيئا فهو رَدٌّ؛ من أضاف إليه شيئا ليس منه فإنه مردود عليه، لا يُقْبَلُ منه، ومَنْ عمل عملا لم يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فإنه مردود عليه.
فمثلا: نذكر أمثلة تتعلق بالحج وأعماله: لو أن إنسانا قال: الطواف بالبيت اسم> سبعة أشواط قليلة أنا أجعلها عشرة، لا أكتفي بسبعة أشواط؛ نقول: هذا رَدٌّ.، أنت اعترضت على الشرع، وأنت انتقدت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرت أن سُنَّتَهُ ليست كافية، فَيُرَدُّ عليه هذا الاجتهاد.
وكذلك أيضًا لو قال: أسعى بين الصفا اسم> والمروة اسم> عشرة أشواط، أو أكثر؛ نقول: إن هذا أيضًا مردود، وكذلك النقص، لو قال: يكفيني خمسة أشواط، أو أربعة أشواط. هذا أيضًا مردود عليه.
وكذلك أيضًا لو قال: إن الْمُحْرِمَ يحرم عليه مثلا الطيب والنساء واللباس المعتاد، وأنا أحرم على نفسي إذا أحرمت الأكل، أو الشرب، أو أكل اللحوم، أو ما أشبه ذلك، فإن هذا أيضًا بدعة، وإنه يُعْتَبَرُ مردودا عليه.
وهكذا أيضًا لو قال: الناس يقفون في عرفة اسم> يوما وأنا أقف يومين، أقف في اليوم الثامن والتاسع زيادةً في العبادة؛ نقول: إن هذا أيضًا مردود على صاحبه، أو قال مثلا: الناس يقيمون في منى اسم> ثلاثة أيام بعد العيد، أنا أقيم خمسة أو ستة؛ نقول: إن هذا مردود.
لو قال: الناس يرجمون أو جاء الأمر برجم كل جمرة بسبع حصيات، أنا أرجمها بعشر؛ نقول: إن هذا مردود أيضًا.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ركب ناقته وهو في مزدلفة اسم> قال لابن عباس اسم> رسم>
نَاوِلْنِي سبع حصيات، يقول: فناولته حصى مثل حصى الخذف -أي الذي يُرْجَمُ به بين الإصبعين- فأخذ يُقَلِّبُهُنَّ، ويقول: بمثل هذا فارموا عباد الله، وإياكم والْغُلُوَّ في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الْغُلُوُّ في الدين متن_ح> رسم> .
فلو قال إنسان: الرجم بهذه الحصاة التي هي مثل حصى الخذف قليلة، أنا أرجم بحجارة كبيرة، وأخذ حجارة ملء الكف، وأخذ يرجم، فهل نقول إنك على صواب؟! نقول: فِعْلُكَ هذا مردود عليك، فهذا معنى رسم>
مَنْ عَمِلَ عملا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ متن_ح> رسم> .
فلأجل ذلك أنكر العلماء ما يعمله بعض المبتدعة في هذه المواسم، وقالوا: إن هذا كله مردود، فمثلا: تعرفون أن البيت العتيق اسم> الكعبة المشرفة اسم> لها أربعة أركان: ركنان يمانيان، وركنان شاميان.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يستلم الركنين اليمانيين اسم> ؛ يستلم الركن اليماني اسم> بلمسه بيده، والركن الذي فيه الحجَرُ بتقبيله، أو لمسه بيده وتقبيله، وأما الركنان الشاميان اسم> فلم يستلمهما.
في عهد معاوية اسم> لما كان خليفةً جاء يطوف مع ابن عباس اسم> فأخذ يستلم الركنين الشاميين اسم> ؛ فقال له ابن عباس اسم> لا يجوز استلام هذين الركنين، فقال معاوية اسم> ليس شيء من البيت اسم> مهجورا؛ فقال له ابن عباس اسم> إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستلم إلا الركنين اليمانيين اسم> وقد قال الله تعالى: رسم>
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قرآن> رسم> ؛ فتوقف معاوية اسم> رضي الله عنه، وقال: صَدَقْت، ولم يَعُدْ يستلم، ونهى كل من رآه يستلم أو يشير إلى الركنين اليمانيين اسم> عن الاستلام.
مسألة>
-134-