موقع سماحة الشيخ بن جبرين-رحمه الله..
بيان حرمة مكة
بيان حرمة مكة
عدد المشاهدات
()
نقول بعد ذلك: المحرم إذا دخل مكة اسم> -إذا كان إحرامه بعمرة- فإنه وصل إلى هذه البلدة المحرمة اسم> فعليه أن يعترف باحترامها وبحرمتها، الله-سبحانه وتعالى- ذكر أنها البلد الحرام اسم> والبلد الأمين اسم> في قوله تعالى: رسم> وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ قرآن> رسم> وفي قوله تعالى: رسم> أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ قرآن> رسم> وفي قوله تعالى: رسم> أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ قرآن> رسم> .
إذا دخل هذه البلدة اعترف بحرمتها، واعترف بأهمية العمل فيها، واعترف أيضا بفضلها؛ فيغتنم العمل الصالح، العمل الصالح الذي في هذه البلدة له مضاعفته وله مكانته؛ لأن هذه البلدة تميزت عن غيرها، تميزت بالبيت الحرام اسم> .
ولما تميزت بهذا البيت الحرام اسم> كان لها حرمة، البيت العتيق اسم> سماه الله تعالى بذلك، وسماه إبراهيم اسم> البيت المحرم اسم> في قول إبراهيم اسم> رسم>
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ قرآن> رسم> وقال الله تعالى: رسم>
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قرآن> رسم> .
سماه عتيقا -يعني- لقدمه، أنه أول ما بني على الأرض، قال الله تعالى: رسم>
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ قرآن> رسم> أي بهذا البلد، تسمى بكة اسم> وتسمى مكة اسم> رسم>
لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ قرآن> رسم> .
أولا: إن هذا البلد كله بلد حرام، حرمته معترف بها قبل الإسلام، ثم قيل إن الذي حرمه إبراهيم اسم> عندما قال: رسم>
عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ قرآن> رسم> وقيل إنه محرم عليه تحريما عريقا، لما أن النبي-صلى الله عليه وسلم- دخل مكة اسم> سنة ثمان وأبيح له القتال في ذلك النهار، ولما كان اليوم الذي بعده اعتدى بعض السفهاء، وقتلوا قتيلا في هذا البلد، وقالوا: زالت الحرمة، زالت حرمة مكة اسم> ؛ حيث قاتل فيها النبي-صلى الله عليه وسلم-.
أنكر ذلك إنكارا شديدا، وخطب الناس وقال: رسم>
أيها الناس، إن الله حرم مكة اسم> يوم خلق السماوات والأرض؛ فهي حرام بحرمة الله تعالى، لا يحل لمسلم أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، لا يُقطع شجرها، ولا يُعضد شوكها، ولا يُختلى خلاها -يعني الحشيش- ولا يُنفر صيدها، ولا تُلتقط ساقطتها متن_ح> رسم> .
هذا دليل على حرمة هذا البلد، فلا يُقطع الشجر إلا الشجر الذي ينبته الآدميون، ومن قطعه فإن عليه فدية، ولا يختلى الخلا يعني الحشيش، بل يترك للدواب ترعاه بأفواهها، ومن قطعه فإن عليه قيمته يتصدق به، وكذلك أيضا لا يقاتل فيها، لا يحل القتال فيها، حتى ولو لقي أحدهم قاتل أبيه فلا يحيذه، وكذلك أيضا لا ينفر صيدها؛ ولأجل ذلك تشاهدون هذه الطيور فيها، الحمام والعصافير ونحوها لا أحد ينفرها، ولا أحد يصيدها فهي آمنة، ومن قتل شيئا منها فإن عليه الفدية كفدية جزاء الصيد، فهكذا حرمة هذا البيت اسم> .
كذلك أيضا مضاعفة الأعمال فيه، جاء أن المسجد الحرام اسم> تضاعف فيه الصلوات، الصلاة فيه بمائة ألف، الصلاة الواحدة في المسجد الحرام اسم> الذي حول الكعبة اسم> بمائة ألف، أما بقية المساجد ففيها خير وفيها مضاعفة، ولكن لا تصل إلى هذا الحد-يعني إلى هذا المقدار- ولكن مكة اسم> كلها تضاعف فيها الأعمال.
كذلك أيضا السيئات، ليست السيئة في الحرم اسم> أو في البلد الحرام اسم> مثلها في غيره، لا بد أنه يتجنب المعاصي فيها، بل ذكر أن ابن عباس اسم> كان ساكنا في مكة اسم> ثم إنه قرأ قول الله تعالى: رسم>
وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ قرآن> رسم> فاستنبط من الآية أن من هم بمعصية وإن لم يعملها في الحرم اسم> أو في البلد الحرام اسم> فإنه يعاقب بمجرد النية وإن لم يحصل الفعل؛ رسم>
وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ قرآن> رسم> النية، إذا هم الإنسان بمعصية -وإن لم يعملها -فإنه يعاقب على ذلك، ولو تركها بعد ذلك ولم يتمكن منها.
فمن همَّ بزنا في البلد الحرام اسم> عوقب على هذا الهم، ومن هم بسرقة عاقبه الله على هذا الهم، ومن هم بقتل بريء عاقبه الله تعالى بذلك، ومن هم أن يشرب خمرا- ولو لم يشربها -عوقب على ذلك على هذا الهم؛ وذلك لأنه لم يحترم هذه البقاع الشريفة، التي هي أماكن الطاعة وأماكن العبادة، وقد جعلها مكان ذنب ومكان معصية، واستهان بحرمتها، واستهان بمكانتها فكان ذلك جزاؤه. جزاؤه أن يحرم، ويعاقب عقوبة عاجلة أو آجلة، لو متع في الدنيا وهو يسرق ويزني ويفحش ويكذب ويشهد الزور ويرابي ويأخذ الرشا ويأكل أموال الناس بالباطل ويقتل ويظلم؛ لو متع فإن ذلك لا يدل على سلامته، بل يعد الله له عذابا شديدا.
إذا دخل المسلم هذه البلدة عرف مكانتها وأهميتها؛ فاحترمها وابتعد عن المعاصي التي يعاقب عليها، وتكون العقوبة عليها أشد من العقوبة في غيرها، وكذلك حفظ جوارها سواء كان محرما أو بعدما يتحلل من الإحرام.
مسألة>
-37-