فإذا قيل لك: بِأَيِّ شَيْءٍ عرفتَ ربك؟ نقول: بآياته وبمخلوقاته. تَعَرَّفَ إلى عباده بالآيات وبالمخلوقات التي نصبها كالدلالات، فَمِنَ الناس مَنْ رزقه الله تعالى عقلا؛ فتفكر في هذه الآيات فعرف أنها مخلوقة لخالق الأرض والسماوات، وعرف أنها مربوبة، وأن الذي خلقها هو الذي خلق كل شيء، وأنه الرب العظيم المالك لكل شيء، نصب هذه الآيات والدلالات لِتَدُلَّ العباد على أنه ربهم ومالكهم وخالقهم، والْمُدَبِّرُ لهم.
لما تكلم ابن كثير رحمه الله على الآيات التي في أول سورة البقرة: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ
قال: الخالق لهذه الأشياء هو المستحق للعبادة، وأورد أدلة تدل على عظمة الخالق، وأنه نصب الآيات في كل شيء، فاستدل بقول ابن المعتز
فوا عجبـا كـيف يُعْصَـى الإلـه | أَمْ كـيف يجـحـده الجــاحـدُ |
وفـى كــل شَـيْءٍ لــه آيـةٌ | تَــدُلُّ عــلى أَنَّــهُ واحــدُ |
ولِلَّــهِ فـي كـُــلِّ تحريكــةٍ | وتسـكينــةٍ أبــدًا شـاهــدُ |
يـا من يرى مد البعوض جناحـه | فـي ظلمة الليـل البهيـم الأليـل |
ويـرى مناط عروقها في نحرهـا | والْمُخَّ فـي تلك العظـام النُّحَّــلِ |
امْنُـنْ عَلَـيَّ بتوبـة تمحـو بها | مـا قد مضى لي في الزمان الْأَوَّلِ |
وفـي كــل شـيء لـه آيـةٌ | تَــدُلُّ علــى أَنَّــهُ واحِــدُ |